صنعاء, 28 يوليو 2015 (إيرين)
إذا نظرت إلى سماء العاصمة اليمنية صنعاء، ستشاهد الدمار في كل مكان. يقوم التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية بقصف اليمن منذ أربعة أشهر والأضرار واضحة - من النوافذ المحطمة إلى أكوام الأنقاض حيث كانت المباني مشيدة في الماضي. ولكن إذا نظرتم بدقة أكثر، ستلاحظون شيئاً جديداً آخر - مستطيلات صغيرة تنتشر على أسطح المنازل في المدينة.مع تزايد حدة الحرب وتفاقم نقص الوقود، لجأ عدد متزايد من اليمنيين إلى الطاقة الشمسية للتغلب على أزمتهم.وبعد أسبوعين من بدء حملة القصف الجوي، التي بدأت يوم 25 مارس، فقدت صنعاء الطاقة الكهربائية، وغرقت معظم المنازل في ظلام دامس. وسارع أولئك الذين يملكون ما يكفي من المال إلى استخدام المولدات التي تعمل بالوقود.
انتظر جميل نصار، وهو مهندس مدني يبلغ من العمر 45 عاماً، لمدة أسبوع على أمل أن تقوم السلطات بإصلاح الكهرباء. وعندما لم تفعل، أقدم على هذ الاستثمار. وأخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "الكهرباء هي واحدة من أساسيات الحياة"، مشيراً إلى أن تكلفة مولد الكهرباء تزيد عن 400 دولار - أي أكثر بكثير من متوسط الراتب الشهري في اليمن. وأضاف قائلاً: "اشتريت مولد كهرباء لأنني بحاجة لمتابعة الأخبار ورفع المياه من الخزان الجوفي إلى الخزانات الموجودة على السطح". هذا أمر شائع في اليمن، حيث يعتمد الكثير من الناس على الآبار للحصول على المياه.
وبعد بضعة أيام من إنفاق ماله على المولد، لم يتمكن نصار من الحصول على بنزين لتشغيله، على الرغم من أنه كان يملك المال. وأوضح أن "كل البنزين اختفى من محطات الوقود".
وبناءً على طلب من الحكومة اليمنية في المنفى، التي أُجبرت على الفرار على يد الحوثيين، فرض التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية قيوداً بحرية صارمة. وتم إجبار السفن على الخضوع لتفتيش كامل قبل رسوها، مما يعني أن سفناً عديدة اضطرت للانتظار عدة أسابيع قبل تفريغ شحنتها. ومع توقف الصناعة النفطية في البلاد، منعت هذه القيود وصول البنزين إلى السوق. واستهدفت الطائرات الحربية السعودية أيضاً شاحنات النفط في المناطق التي تخضع لسيطرة الحوثيين. وتم حرمان البلاد من الوقود.وخلال بحثهم اليائس عن القليل من الطاقة بأي شكل من الأشكال، بدأ اليمنيون الارتجال والتحول إلى الطاقة الشمسية.
اشترى سليم محسن البالغ من العمر 34 عاماً ثلاثة ألواح شمسية بقدرة 80 وات مقابل 500 دولار في بداية يونيو. "كانت باهظة الثمن للغاية لأنها لم تكن متوفرة على نطاق واسع، ولكن الخلايا الشمسية في نهاية المطاف أفضل من البدائل الأخرى لأن دفع الثمن مرة واحدة أفضل من الدفع كل يوم،" كما قال.تنتج هذه الألواح ما يكفي من الكهرباء لتشغيل الأضواء وغيرها من الأجهزة الصغيرة في منزل محسن، ولكنها لا تكفي لتشغيل ثلاجته أو سخان المياه.
نفاد ألواح الطاقة الشمسية
وقبل الحرب، كانت الطاقة الشمسية لا تزال في مهدها في اليمن. وقد ألغت الدولة الرسوم المفروضة على الألواح الشمسية في محاولة لتشجيع الناس على شرائها، لكنها كانت لا تزال مكلفة للغاية بالنسبة لمعظم السكان. وعلى الرغم من التحول البسيط نحو الطاقة المتجددة، فإن صناعة النفط المدعومة في البلاد والقرب من عملاق النفط، السعودية، كان يعني عدم وجود كثير من الزخم لإحداث تغيير.
ولكن في غضون أسابيع قليلة من بدء النزاع، كادت الألواح الشمسية تنفد في البلاد. وقد تضاعفت الأسعار ثلاث مرات ولم تصل ألواح جديدة إلى السوق. وقال محمد سنان، وهو تاجر تجزئة يبيع السلع الكهربائية، أن أسعاره ارتفعت كثيراً لأن عدداً قليلاً جداً من المحلات التجارية كانت لديها مخزونات متبقية.
وقد وفرت هدنة انسانية لمدة خمسة أيام في شهر مايو فرصة نادرة لجلب الآلاف من الألواح الشمسية إلى البلاد وتراجعت الأسعار. وخلال شهر رمضان، عندما ينام غالبية اليمنيين في النهار ويسهرون في الليل، كانت الحاجة إلى طاقة كهربائية أكبر من أي وقت مضى. وعلى الرغم من ارتفاع التكلفة، هرع الكثير من الناس لشراء الألواح الشمسية قبل نفاد المخزون.
وقال محمد حسين العولقي، صاحب متجر أدوات كهربائية آخر، أنه من الصعب تحديد أرقام دقيقة، ولكن تجارته ازدهرت بالتأكيد: "جميع السلع التي نبيعها تعمل بالطاقة الشمسية. الخلايا الشمسية الكبيرة، والمشاعل الشمسية، وحتى شواحن الهاتف المحمول التي تعمل بالطاقة الشمسية".
ولكن بالنسبة للكثيرين، لا تزال الأسعار مرتفعة جداً. وكان اليمن أفقر دولة في منطقة الشرق الأوسط حتى قبل الحرب، وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، يحتاج الآن أكثر من 20 مليون شخص (من أصل عدد السكان البالغ 24 مليون نسمة) إلى المساعدة.
وفي السياق نفسه، اشتكى رشاد الحمداني البالغ من العمر 46 عاماً من أنه لا يزال غير قادر على تحمل نفقات هذا الاستثمار. وأوضح أن "الألواح الشمسية التي كان سعرها يبلغ 150 دولاراً تُباع الآن مقابل 100 دولار، ولكن التجار لا يفكرون في التكاليف الباهظة لقطع الغيار الخاصة بها التي تضاعفت أيضاً. فبعد شراء الألواح الشمسية، نحتاج إلى البطاريات التي سيتم شحنها، والمحولات التي ستحول الطاقة من 12 فولت إلى 220 فولت، والأسلاك وغيرها".
والجدير بالذكر أن اليأس - جنباً إلى جنب مع الجهل بتكاليف منتجات الطاقة الشمسية التي تتغير بسرعة - يخلق فرصة ذهبية لرجال الأعمال الأذكياء وعديمي الضمير.
كان عبد الخالق حسن البالغ من العمر 35 عاماً يرغب بشدة في إنارة منزله. وعلى الرغم من قلة مدخراته، فقد قرر استثمار 150 دولاراً لشراء لوحة شمسية بقدرة 100 وات. وعندما أحضرها إلى المنزل، وجد أن صديقه اشترى نفس اللوحة مقابل 9 دولارات فقط.
"قالت الشركة أن اللوحة التي اشتريتها تنتج الطاقة الكاملة المكتوبة على الصندوق، ولكن عندما فحصت لوحة صديقي، وجدت أنه لا يوجد فرق حقيقي،" كما أفاد.