إسلام أباد, 14أبريل 2014 (إيرين)
تم إنشاء الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث في باكستان بعد فترة قصيرة من زلزال عام 2005 الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 87,000 شخص في شمال الدولة، لتكون بمثابة جهاز "تنفيذ وتنسيق ورصد" لإدارة الكوارث.
فقد أرادت الحكومة الباكستانية هيئة وطنية لإدارة الكوارث تكون على أهبة الاستعداد لتجنيب البلاد مخاطر الكوارث الطبيعية والاستجابة لها حال وقوعها. فهل حصلت باكستان على ما أرادت؟ فيما يلي نورد الآراء المتباينة للمتخصصين والخبراء، التي حصلت عليها شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، في هذا الصدد.
قال مشتاق أحمد جان، المحاضر في مركز التأهب وإدارة الكوارث في جامعة بيشاور، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "في الوقت الحالي، نحن نشهد مشكلات في إدارة الكوارث- كنا نناقش للتو أسباب حدوث الجفاف والمجاعة في ثارباركر على الرغم من وجود هيئات للوقاية من الكوارث". وعزا جان هذه المشكلة إلى فشل مكتب الأرصاد الجوية في التنبؤ بانخفاض هطول الأمطار، إضافة إلى سوء الإدارة على مستويات عدة.
ويتفق خبراء آخرون مع هذا الرأي، حيث قال أبوتراب خان، الأستاذ المساعد في معهد "كومساتس" لتكنولوجيا المعلومات، ومقره أبوت آباد، لشبكة شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن إدارة الكوارث في باكستان "لم تكن فعالة جداً". وتجدر الإشارة إلى أن خان هو أحد المشاركين في إعداد تقرير المخاطر الطبيعية وإدارة الكوارث في باكستان الذي صدر عام 2008، ونشرته مؤسسة ميونيخ بيرسونال أركايف (Munich Personal RePEc Archive) الخاصة بنشر البحوث الاقتصادية.
وذكر التقرير أن "إدارة الكوارث تهدف إلى خفض أو تجنب الخسائر المحتملة من المخاطر، وضمان توفر المساعدة الفورية والمناسبة لضحايا الكوارث، وتحقيق الانتعاش السريع والفعال". وشكك التقرير في القدرات الباكستانية لتحقيق هذا الهدف، وذكر أنه لا تزال هناك الكثير من أوجه الخلل في تلبية احتياجات الناس في حالة الكوارث بمختلف أنواعها.
وقال خان: "هذه الهيئات تفتقر إلى التنسيق والخبرة، وتعاني من سوء الإدارة". ومنذ كارثة عام 2005، تسببت الانهيارات الأرضية والزلازل وموجات الجفاف والأعاصير والفيضانات الموسمية، إلى مقتل ما لا يقل عن 4,000 شخص، إضافة إلى تشريد عشرات الملايين.
ولكن العميد كمران ضياء، المسؤول عن إدارة العمليات في الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث في باكستان، يرى أن الهيئة قد قطعت شوطاً طويلاً في تاريخها المؤسسي القصير. وقال: "لقد تعلمنا الكثير منذ أن بدأنا العمل"، مشيراً إلى أن المنظمة قد "حسنت قدرتها بشكل هائل".
وأضاف أن الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث كانت منظمة "ضعيفة جداً"، تحتوي على عدد قليل من الموظفين وموارد محدودة، ولكنها على الرغم من هذه التحديات، عملت بجد لتحسين التدريب، وأصبح لديها الآن فرق تعلمت أساليب الإنقاذ في المناطق الحضرية وغيرها من المخاطر الأخرى، واستطاعت التعامل مع الكوارث الأخيرة "بشكل فعال جداً" متى استدعيت للقيام بذلك. وأوضح قائلاً: "إن عملية التعلم مستمرة بالنسبة لنا".
وأضاف أن هناك جهوداً تبذل أيضاً في مجال بناء القدرات على مستوى الأقاليم والمجتمعات المحلية.
الهيكل والموظفين والشركاء
والجدير بالذكر أن رئيس الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث يُعين من قبل رئيس الوزراء، ويوجد مقر الهيئة في مدينة إسلام أباد حيث تدير خط اتصال للمساعدات الطارئة في حالات الكوارث.
وتضم الهيئة موظفين متخصصين (مثل فرق الإنقاذ الحضرية)، وموظفين على مستوى المجتمع المحلي وعلى مستوى الدولة. كما يتوفر لديها مخزونات من الإمدادات الطارئة وتعمل بالتنسيق مع الجيش عندما تكون هناك حاجة للاستعانة بطائرات الهليكوبتر والقوارب والمركبات. كما تستعين بمتطوعين أثناء حالات الطوارئ.
وقال ضياء أن الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث تعمل عن كثب مع "مكتب الأرصاد الجوية في باكستان" ومراكز الإعلام الخاصة برصد موجات الجفاف والفيضانات والزلازل.
وتجدر الإشارة إلى أن مكتب الأرصاد الجوية يوفر الإنذار المبكر للتحذير من الكوارث الطبيعية الوشيكة بغية حشد استجابة منسقة لمواجهة مثل تلك الكوارث.
وتقع المسؤولية الأولية عن التحذيرات على عاتق هيئات إدارة الكوارث بالمقاطعات(DDMAs) التي يمكنها أن تستعين بهيئات إدارة الكوارث الإقليمية (PDMAs) إذا لزم الأمر. وقد تم إنشاء تلك الهيئات بموجب تعديل لقانون الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث عام 2010، وذلك في إطار الجهود الرامية لتحسين الإنذار والاستجابة المبكرة.
بعد ذلك، تحدد حكومة الإقليم إذا كانت تريد مزيداً من المساعدة ويمكنها عندئذ إشراك الحكومة الاتحادية والهيئة الوطنية لإدارة الكوارث إذا رأت أن ذلك ضرورياً. ويقع على عاتق الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث مهمة طلب المعونة الإنسانية من الوكالات الدولية بعد تقييم الوضع.
"العمل بشكل منفرد"
وإحدى الانتقادات التي يشير إليها العاملون في مجال المعونة هي أن الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث تقوم في بعض الأحيان باستبعاد أو تأخير الدعم الدولي للكوارث بسبب رغبتها في إظهار أن الدولة قادرة على إدارة الاستجابة للكارثة بمفردها.
وفي هذا الصدد، قال أحد عمال الإغاثة الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن "الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث قد سعت في كثير من الأحيان للعمل بمفردها' وعدم إشراك وكالات أخرى على الرغم من أن تلك الوكالات لديها الخبرة والتجربة". وفي حين أن الهيئة قالت أن باستطاعتها العمل بمفردها، إلا أن "ترددها في الاتصال بالوكالات الدولية" يتسبب في معاناة أكثر مما ينبغي للناس عندما حدوث فيضانات أو أية كوارث أخرى.
وأحد الأمثلة على ذلك "إعصار يمين" الذي ضرب المناطق الساحلية عام 2007. ففي ذلك الوقت، رفض رئيس الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث آنذاك تقديرات الأضرار التي قدمتها الوكالات الدولية وشكاوى المتضررين حول عدم توفير معونات كافية، لأنه قد تم التقليل من حجم الضرر الحقيقي.
وتعليقاً على ما أسماه "كارثة يمين"، قال عامل محلي في إحدى المنظمات الإنسانية الدولية: "لقد كان أمراً محبطاً أن يسمع المرء مناشدات للحصول على مساعدة من سكان وجماعات محلية، وفي الوقت ذاته لا يستطيع التحرك كما ينبغي ويقدم لهم الكثير من المساعدة المتوفرة". وقال العامل الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أيضا أن الوكالات الدولية قد عرضت المساعدة ولكن تم رفضها.
وبعدها بثلاث سنوات، اتهم أهالي منطقة جيلجيت-بالتستان- التي شهدت انهياراً أرضياً أحدث بحيرة ضخمة جرفت القرى- الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث بتقديم وعود والإخفاق في الوفاء بها.
وينتقد بعض المسؤولين في الحكومة عملية الاستجابة للزلزال الذي بلغت قوته 7.7 درجة بمقياس ريختر في شهر سبتمبر الماضي في إقليم بلوشستان، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 800 شخص. وقال أحد المسؤولين الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: "الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث لم تبذل حقاً الكثير لمساعدة الناس في منطقة أواران...وعلى الرغم من أن الأمن كان يمثل مشكلة إلا أنه لم يتم دعم الهيئة الإقليمية لإدارة الكوارث في بلوشستان للعمل هناك"، مضيفاً أن الهيئة "تفتقر للتمويل".
مع ذلك، يقول بعض العاملين في المجتمع الإنساني، أن الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث تساعد في تحقيق التنسيق والقيادة على المستوى الوطني، وتعمل بمثابة وسيط للحكومة المركزية فيما يتعلق بالاستجابة للكوارث.
وقال متحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في إسلام أباد، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لدى الحكومة الآن تركيز قوي على تعزيز قدرات التأهب".
وأضاف أن "أنشطة التأهب تشمل التخزين المسبق لمخزونات الإغاثة، وإعداد الترتيبات التعاونية مع الشركاء، وآلية التخطيط السريع لتقييم الاحتياجات، بما في ذلك المشاركة في التدريب. وهذه العناصر تسهم في تنسيق الاستجابة بمجرد وقوع حدث يمكن التنبؤ به".
هيئات الكوارث المحلية "تفتقر للموارد"
ويرى المحللون أن نظام الاستجابة للكوارث لا يعمل كما يجب نظراً لأن هيئات الإغاثة من المستوى الأول في الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث تعاني نقصاً في الموارد.
وفي هذا الصدد، حددت دراسة أجريت في عام 2012 بتكليف من "لجنة طوارئ الكوارث" (DEC)، وهي عبارة عن مجموعة من المنظمات غير الحكومية في المملكة المتحدة، أوجه القصور الرئيسية في جهود الإغاثة في باكستان، وذكرت أن الدولة "تحتاج إلى مزيد من التمويل والدعم والتنسيق السياسي لكي تستطيع العمل على نحو أكثر فعالية.
وذكرت الدراسة أن "الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث وهيئة إدارة الكوارث في المقاطعات وهيئة إدارة الكوارث في الأقاليم تحتاج لمزيد من التمويل والموظفين المؤهلين. وعلى الرغم من أنه يوجد لدى الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث العديد من الموظفين المؤهلين إلا أنه يتم إيفاد معظمهم للعمل بشكل مؤقت في إدارات أخرى، ما يرفع نسبة دوران الأيدي العاملة ويخفض الذاكرة المؤسسية. ويوجد لدى هيئة إدارة الكوارث في الأقاليم قدرات مختلطة". وذكرت الدراسة أيضاً أن هناك حاجة إلى "تعزيز التعاون" بين الهيئات الاتحادية والإقليمية العاملة في مجال الإغاثة في حالات الطوارئ.
من جهته، يرى نصير ميمون، المدير التنفيذي لمنظمة تعزيز المشاركة، وهي منظمة غير حكومية، أنه في حين تقع المسؤولية على عاتق المقاطعات والأقاليم، إلا أن التمويل ليس مسؤوليتها.
وتعليقاً على هذا النقطة قال أن "الهيئات الإقليمية لإدارة الكوارث تعاني نقصاً في الموارد، ولا يوجد لديها كوادر مدربة ومؤهلة، بينما لا تستثمر حكومات المقاطعات الموارد اللازمة من أجل توظيف أشخاص يتمتعون بالخبرة والتدريب اللازم... أما بالنسبة لهيئات إدارة الكوارث على مستوى المقاطعات، فإنها تعاني نقصاً في كافة الجوانب الهامة. ولن يتحسن الوضع ما لم يتم تعزيز هيئات إدارة الكوارث على مستوى المقاطعات والأقاليم في كافة الجوانب".
من جانبه، قال عارف جبار خان، مدير قطري لمنظمة أوكسفام: "لقد أرست الحكومة الأسس اللازمة لزيادة قدرة الدولة على التصدي للكوارث. وهي الآن بحاجة لاستكمال هذه المهمة". وأضاف أنه "يمكن القيام بذلك من خلال العمل على ضمان توفير الموارد الكافية والخبرة اللازمة لمسؤولي المقاطعات من أجل الاستجابة للكوارث، ومن خلال إعداد المجتمعات الأكثر قابلية للتأثر بشكل أفضل للاستجابة لأي حالات طوارئ غير منظورة".
وقال أن أول المستجيبين في حالات طوارئ مثل مسؤولي المقاطعات والإدارات المحلية، وخدمات الطوارئ المحلية والمجتمعات المحلية- يحتاجون إلى دعم "كبير جداً" ليتمكنوا من الاستجابة لحالات الكوارث بفعالية.
ويذكر أن لدى باكستان تاريخاً حافلاً بكوارث طبيعية كبرى بما في ذلك الزلازل والأعاصير والفيضاناموسمية. وتشير نسخة عام 2012 من تقرير المخاطر في العالم (وهي أحدث نسخة منشورة من التقرير) إلى أن لدى باكستان مستوى مرتفعاً من قابلية التعرض للأخطار الطبيعية، وإلى أنها تحتل المرتبة التاسعة في قائمة الدول الأسوأ "قدرة على التكيف" لمقاومة مثل هذه الكوارث.
فقد أرادت الحكومة الباكستانية هيئة وطنية لإدارة الكوارث تكون على أهبة الاستعداد لتجنيب البلاد مخاطر الكوارث الطبيعية والاستجابة لها حال وقوعها. فهل حصلت باكستان على ما أرادت؟ فيما يلي نورد الآراء المتباينة للمتخصصين والخبراء، التي حصلت عليها شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، في هذا الصدد.
قال مشتاق أحمد جان، المحاضر في مركز التأهب وإدارة الكوارث في جامعة بيشاور، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "في الوقت الحالي، نحن نشهد مشكلات في إدارة الكوارث- كنا نناقش للتو أسباب حدوث الجفاف والمجاعة في ثارباركر على الرغم من وجود هيئات للوقاية من الكوارث". وعزا جان هذه المشكلة إلى فشل مكتب الأرصاد الجوية في التنبؤ بانخفاض هطول الأمطار، إضافة إلى سوء الإدارة على مستويات عدة.
ويتفق خبراء آخرون مع هذا الرأي، حيث قال أبوتراب خان، الأستاذ المساعد في معهد "كومساتس" لتكنولوجيا المعلومات، ومقره أبوت آباد، لشبكة شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن إدارة الكوارث في باكستان "لم تكن فعالة جداً". وتجدر الإشارة إلى أن خان هو أحد المشاركين في إعداد تقرير المخاطر الطبيعية وإدارة الكوارث في باكستان الذي صدر عام 2008، ونشرته مؤسسة ميونيخ بيرسونال أركايف (Munich Personal RePEc Archive) الخاصة بنشر البحوث الاقتصادية.
وذكر التقرير أن "إدارة الكوارث تهدف إلى خفض أو تجنب الخسائر المحتملة من المخاطر، وضمان توفر المساعدة الفورية والمناسبة لضحايا الكوارث، وتحقيق الانتعاش السريع والفعال". وشكك التقرير في القدرات الباكستانية لتحقيق هذا الهدف، وذكر أنه لا تزال هناك الكثير من أوجه الخلل في تلبية احتياجات الناس في حالة الكوارث بمختلف أنواعها.
وقال خان: "هذه الهيئات تفتقر إلى التنسيق والخبرة، وتعاني من سوء الإدارة". ومنذ كارثة عام 2005، تسببت الانهيارات الأرضية والزلازل وموجات الجفاف والأعاصير والفيضانات الموسمية، إلى مقتل ما لا يقل عن 4,000 شخص، إضافة إلى تشريد عشرات الملايين.
ولكن العميد كمران ضياء، المسؤول عن إدارة العمليات في الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث في باكستان، يرى أن الهيئة قد قطعت شوطاً طويلاً في تاريخها المؤسسي القصير. وقال: "لقد تعلمنا الكثير منذ أن بدأنا العمل"، مشيراً إلى أن المنظمة قد "حسنت قدرتها بشكل هائل".
وأضاف أن الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث كانت منظمة "ضعيفة جداً"، تحتوي على عدد قليل من الموظفين وموارد محدودة، ولكنها على الرغم من هذه التحديات، عملت بجد لتحسين التدريب، وأصبح لديها الآن فرق تعلمت أساليب الإنقاذ في المناطق الحضرية وغيرها من المخاطر الأخرى، واستطاعت التعامل مع الكوارث الأخيرة "بشكل فعال جداً" متى استدعيت للقيام بذلك. وأوضح قائلاً: "إن عملية التعلم مستمرة بالنسبة لنا".
وأضاف أن هناك جهوداً تبذل أيضاً في مجال بناء القدرات على مستوى الأقاليم والمجتمعات المحلية.
الهيكل والموظفين والشركاء
والجدير بالذكر أن رئيس الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث يُعين من قبل رئيس الوزراء، ويوجد مقر الهيئة في مدينة إسلام أباد حيث تدير خط اتصال للمساعدات الطارئة في حالات الكوارث.
وتضم الهيئة موظفين متخصصين (مثل فرق الإنقاذ الحضرية)، وموظفين على مستوى المجتمع المحلي وعلى مستوى الدولة. كما يتوفر لديها مخزونات من الإمدادات الطارئة وتعمل بالتنسيق مع الجيش عندما تكون هناك حاجة للاستعانة بطائرات الهليكوبتر والقوارب والمركبات. كما تستعين بمتطوعين أثناء حالات الطوارئ.
وقال ضياء أن الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث تعمل عن كثب مع "مكتب الأرصاد الجوية في باكستان" ومراكز الإعلام الخاصة برصد موجات الجفاف والفيضانات والزلازل.
وتجدر الإشارة إلى أن مكتب الأرصاد الجوية يوفر الإنذار المبكر للتحذير من الكوارث الطبيعية الوشيكة بغية حشد استجابة منسقة لمواجهة مثل تلك الكوارث.
وتقع المسؤولية الأولية عن التحذيرات على عاتق هيئات إدارة الكوارث بالمقاطعات(DDMAs) التي يمكنها أن تستعين بهيئات إدارة الكوارث الإقليمية (PDMAs) إذا لزم الأمر. وقد تم إنشاء تلك الهيئات بموجب تعديل لقانون الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث عام 2010، وذلك في إطار الجهود الرامية لتحسين الإنذار والاستجابة المبكرة.
بعد ذلك، تحدد حكومة الإقليم إذا كانت تريد مزيداً من المساعدة ويمكنها عندئذ إشراك الحكومة الاتحادية والهيئة الوطنية لإدارة الكوارث إذا رأت أن ذلك ضرورياً. ويقع على عاتق الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث مهمة طلب المعونة الإنسانية من الوكالات الدولية بعد تقييم الوضع.
"العمل بشكل منفرد"
وإحدى الانتقادات التي يشير إليها العاملون في مجال المعونة هي أن الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث تقوم في بعض الأحيان باستبعاد أو تأخير الدعم الدولي للكوارث بسبب رغبتها في إظهار أن الدولة قادرة على إدارة الاستجابة للكارثة بمفردها.
وفي هذا الصدد، قال أحد عمال الإغاثة الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن "الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث قد سعت في كثير من الأحيان للعمل بمفردها' وعدم إشراك وكالات أخرى على الرغم من أن تلك الوكالات لديها الخبرة والتجربة". وفي حين أن الهيئة قالت أن باستطاعتها العمل بمفردها، إلا أن "ترددها في الاتصال بالوكالات الدولية" يتسبب في معاناة أكثر مما ينبغي للناس عندما حدوث فيضانات أو أية كوارث أخرى.
وأحد الأمثلة على ذلك "إعصار يمين" الذي ضرب المناطق الساحلية عام 2007. ففي ذلك الوقت، رفض رئيس الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث آنذاك تقديرات الأضرار التي قدمتها الوكالات الدولية وشكاوى المتضررين حول عدم توفير معونات كافية، لأنه قد تم التقليل من حجم الضرر الحقيقي.
وتعليقاً على ما أسماه "كارثة يمين"، قال عامل محلي في إحدى المنظمات الإنسانية الدولية: "لقد كان أمراً محبطاً أن يسمع المرء مناشدات للحصول على مساعدة من سكان وجماعات محلية، وفي الوقت ذاته لا يستطيع التحرك كما ينبغي ويقدم لهم الكثير من المساعدة المتوفرة". وقال العامل الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أيضا أن الوكالات الدولية قد عرضت المساعدة ولكن تم رفضها.
وبعدها بثلاث سنوات، اتهم أهالي منطقة جيلجيت-بالتستان- التي شهدت انهياراً أرضياً أحدث بحيرة ضخمة جرفت القرى- الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث بتقديم وعود والإخفاق في الوفاء بها.
وينتقد بعض المسؤولين في الحكومة عملية الاستجابة للزلزال الذي بلغت قوته 7.7 درجة بمقياس ريختر في شهر سبتمبر الماضي في إقليم بلوشستان، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 800 شخص. وقال أحد المسؤولين الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: "الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث لم تبذل حقاً الكثير لمساعدة الناس في منطقة أواران...وعلى الرغم من أن الأمن كان يمثل مشكلة إلا أنه لم يتم دعم الهيئة الإقليمية لإدارة الكوارث في بلوشستان للعمل هناك"، مضيفاً أن الهيئة "تفتقر للتمويل".
مع ذلك، يقول بعض العاملين في المجتمع الإنساني، أن الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث تساعد في تحقيق التنسيق والقيادة على المستوى الوطني، وتعمل بمثابة وسيط للحكومة المركزية فيما يتعلق بالاستجابة للكوارث.
وقال متحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في إسلام أباد، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لدى الحكومة الآن تركيز قوي على تعزيز قدرات التأهب".
وأضاف أن "أنشطة التأهب تشمل التخزين المسبق لمخزونات الإغاثة، وإعداد الترتيبات التعاونية مع الشركاء، وآلية التخطيط السريع لتقييم الاحتياجات، بما في ذلك المشاركة في التدريب. وهذه العناصر تسهم في تنسيق الاستجابة بمجرد وقوع حدث يمكن التنبؤ به".
هيئات الكوارث المحلية "تفتقر للموارد"
ويرى المحللون أن نظام الاستجابة للكوارث لا يعمل كما يجب نظراً لأن هيئات الإغاثة من المستوى الأول في الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث تعاني نقصاً في الموارد.
وفي هذا الصدد، حددت دراسة أجريت في عام 2012 بتكليف من "لجنة طوارئ الكوارث" (DEC)، وهي عبارة عن مجموعة من المنظمات غير الحكومية في المملكة المتحدة، أوجه القصور الرئيسية في جهود الإغاثة في باكستان، وذكرت أن الدولة "تحتاج إلى مزيد من التمويل والدعم والتنسيق السياسي لكي تستطيع العمل على نحو أكثر فعالية.
وذكرت الدراسة أن "الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث وهيئة إدارة الكوارث في المقاطعات وهيئة إدارة الكوارث في الأقاليم تحتاج لمزيد من التمويل والموظفين المؤهلين. وعلى الرغم من أنه يوجد لدى الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث العديد من الموظفين المؤهلين إلا أنه يتم إيفاد معظمهم للعمل بشكل مؤقت في إدارات أخرى، ما يرفع نسبة دوران الأيدي العاملة ويخفض الذاكرة المؤسسية. ويوجد لدى هيئة إدارة الكوارث في الأقاليم قدرات مختلطة". وذكرت الدراسة أيضاً أن هناك حاجة إلى "تعزيز التعاون" بين الهيئات الاتحادية والإقليمية العاملة في مجال الإغاثة في حالات الطوارئ.
من جهته، يرى نصير ميمون، المدير التنفيذي لمنظمة تعزيز المشاركة، وهي منظمة غير حكومية، أنه في حين تقع المسؤولية على عاتق المقاطعات والأقاليم، إلا أن التمويل ليس مسؤوليتها.
وتعليقاً على هذا النقطة قال أن "الهيئات الإقليمية لإدارة الكوارث تعاني نقصاً في الموارد، ولا يوجد لديها كوادر مدربة ومؤهلة، بينما لا تستثمر حكومات المقاطعات الموارد اللازمة من أجل توظيف أشخاص يتمتعون بالخبرة والتدريب اللازم... أما بالنسبة لهيئات إدارة الكوارث على مستوى المقاطعات، فإنها تعاني نقصاً في كافة الجوانب الهامة. ولن يتحسن الوضع ما لم يتم تعزيز هيئات إدارة الكوارث على مستوى المقاطعات والأقاليم في كافة الجوانب".
من جانبه، قال عارف جبار خان، مدير قطري لمنظمة أوكسفام: "لقد أرست الحكومة الأسس اللازمة لزيادة قدرة الدولة على التصدي للكوارث. وهي الآن بحاجة لاستكمال هذه المهمة". وأضاف أنه "يمكن القيام بذلك من خلال العمل على ضمان توفير الموارد الكافية والخبرة اللازمة لمسؤولي المقاطعات من أجل الاستجابة للكوارث، ومن خلال إعداد المجتمعات الأكثر قابلية للتأثر بشكل أفضل للاستجابة لأي حالات طوارئ غير منظورة".
وقال أن أول المستجيبين في حالات طوارئ مثل مسؤولي المقاطعات والإدارات المحلية، وخدمات الطوارئ المحلية والمجتمعات المحلية- يحتاجون إلى دعم "كبير جداً" ليتمكنوا من الاستجابة لحالات الكوارث بفعالية.
ويذكر أن لدى باكستان تاريخاً حافلاً بكوارث طبيعية كبرى بما في ذلك الزلازل والأعاصير والفيضاناموسمية. وتشير نسخة عام 2012 من تقرير المخاطر في العالم (وهي أحدث نسخة منشورة من التقرير) إلى أن لدى باكستان مستوى مرتفعاً من قابلية التعرض للأخطار الطبيعية، وإلى أنها تحتل المرتبة التاسعة في قائمة الدول الأسوأ "قدرة على التكيف" لمقاومة مثل هذه الكوارث.