بيروت, 24 يوليو 2015 (إيرين)
ورفع ذلك حتماً الآمال في أن يصبح من الأسهل على عمال الإغاثة الوصول إلى أكثر من 20 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة. ولكن فكرة أنه سيتم الآن السماح لأسطول من سفن المساعدات بالرسو لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية المتفاقمة تبدو سابقة لأوانها.
وتجدر الإشارة إلى أن الوصول إلى المحتاجين لا يزال صعباً للغاية، وليس من الواضح بعد ما إذا كان انسحاب الحوثيين سيحدث فرقاً كبيراً في الوضع المتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية إلى عدن.
وقال فيليب تينسلي، مدير الأمن البحري في شركة بيمكو، وهي أكبر مؤسسة للنقل البحري في العالم، أنه لم ير أي تغيير كبير في سياسة قوات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، والتي تقيد الوصول بحرية إلى الميناء.
وأضاف في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "انظروا ما حدث للسفينة التابعة لبرنامج الأغذية العالمي، يبدو أن نظام التفتيش لا يزال مستمراً. وعلى الرغم من أنها كانت قد وصلت قبالة شواطئ عدن يوم 26 يونيو، إلا أنها اضطرت للانتظار لأكثر من ثلاثة أسابيع لكي تتمكن من الرسو بأمان".
وأكد تينسلي أن هناك "الكثير من السفن التي لا تزال تنتظر فرصة الدخول إلى اليمن، وخاصة سفن المساعدات،" ولكن السفن التجارية لا تزال غير مستعدة لتحمل مخاطر دخول الميناء.
حرب أهلية
وقد اجتاحت الحرب الأهلية اليمن منذ أن استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي وأجبروا الرئيس عبد ربه منصور هادي في نهاية المطاف إلى العيش في المنفى في المملكة العربية السعودية. وقد لقي 3,000 شخص مصرعهم، أكثر من نصفهم من المدنيين، وفقاً للأمم المتحدة.
وفرضت القوات التي تقودها السعودية حصاراً بحرياً حول اليمن في شهر أبريل، بناءً على طلب من حكومة هادي في المنفى، على ما يبدو لمنع وصول الأسلحة والدعم إلى المتمردين.
ويجب أن يتم فحص كل سفينة بالكامل - مما يؤدي إلى تأخير العديد من السفن لمدد تصل إلى عدة أسابيع. ونتيجة لذلك، تعاني البلاد من نقص شديد في البنزين لعدم قدرة سفن الوقود على تفريغ حمولاتها. ويستورد اليمن أيضاً أكثر من 90 بالمائة من العديد من الأطعمة الرئيسية، بما في ذلك الحبوب، ويتم تسليم معظمها عن طريق البحر.
والجدير بالذكر أن التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية يقصف الحوثيين وحلفاءهم منذ شهر مارس الماضي، مما يجعل وصول عمال الإغاثة إلى مناطق عديدة من البلاد مستحيلاً إلى حد كبير.
وتقدم الحوثيون في البداية من قاعدتهم الشمالية إلى مدينة عدن ، حيث اندلعت معارك ضارية مع المقاتلين الموالين لهادي والانفصاليين الجنوبيين. وانسحبوا أخيراً من عدن الأسبوع الماضي، مما سمح على الأقل بدخول بعض المساعدات التي تشتد الحاجة إليها.
وبالإضافة إلى سفينة برنامج الأغذية العالمي، تمكنت منظمة أطباء بلا حدود من استلام شحنة من المواد الطبية في الميناء يوم الخميس، كما فعلت في مناسبات أخرى خلال هذا الصراع.
وتدير أطباء بلا حدود مستشفى في المدينة، ولكن حسن بوسنين، رئيس بعثة المنظمة في اليمن، قال أن خوف الناس الشديد من التعرض للقتل خلال تبادل إطلاق النار كثيراً ما يمنعهم من المخاطرة بقطع الرحلة إلى المستشفى.
وأضاف قائلاً: "كانت ساحة معركة بالفعل لمدة شهرين. لم يكن بمقدورنا أن نتحرك، وفريقنا لم يكن قادراً على الخروج كثيراً. لقد تحسن الوضع الآن وأصبح القتال محلياً أكثر".
السياسات نفسها، جبهة جديدة
ومع انسحاب الحوثيين، انتقلت المعركة إلى لحج، التي تبعد 30 كيلومتراً إلى الشمال من عدن. وأصبح القتال عنيفاً لدرجة تقطع سبل الوصول إلى المدينة إلى حد كبير.
وفي حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية، قال أرنو فيبس، المدير القطري لمنظمة العمل ضد الجوع (المعروفة باختصارها الفرنسي ACF) أن "الجبهة الجديدة الآن هي لحج. كان الانتقال من عدن إلى لحج صعباً بالفعل، ولكنه كان ممكناً إلى حد ما. أما الآن، فإنه ضرب من المستحيل".
وفي السياق نفسه، قال بوسنين أنه يشعر بقلق بالغ إزاء الوضع بالنسبة للمدنيين هناك: "كان الوصول إلى لحج ممكناً عندما كانت تحت سيطرة الحوثيين [بالكامل]. وكان من الصعب التفاوض [والدخول إليها]، ولكن ليس مستحيلاً. أما الآن، فإنه مستحيل".
ولا يزال الوضع الأمني خطيراً في عدن، وحذر فيبس من أن مجرد نشوب معارك أقل لا يعني استئناف عمليات الإغاثة تلقائياً في جميع أنحاء المدينة.
ويذكر أن مجمع منظمة العمل ضد الجوع تعرض للنهب خلال الصراع، وسُرقت سيارتان تابعتان للمنظمة. وأفاد فيبس أنه ليس متأكداً من أن مخزونات المنظمة غير الحكومية من السلع الإنسانية لا تزال آمنة، لكنه قال أن لديه أمل في ذلك، وهو ينوي القيام ببعثة لتقصي الحقائق خلال الأسبوعين المقبلين قبل اتخاذ قرار بشأن المساعدات التي يمكن لمنظمة العمل ضد الجوع أن تقدمها.
وأوضح أن "إطلاق استجابة بدون بيانات واضحة ليس سهلاً. إن الدخول بهذا الشكل دون معرفة الاحتياجات لن يكون من الذكاء في شيء".
وأضاف فيبس أن أزمة الوقود أصبحت "أقل حدة" مما كانت عليه قبل بضعة أشهر - عندما كانوا غير قادرين على إيصال المساعدات إلى بعض الأماكن - لكنه شدد على أن الإمدادات ما زالت شحيحة.