أسرّة مبللة وكوابيس: أطفال اليمن يتعلمون الحرب



صنعاء/دبي, 4 يونيو 2015 (T ST - إيرين)
يعاني كريم المقطري البالغ من العمر ثمانية أعوام من كوابيس متكررة وتبول لاإرادي، كما يجد صعوبة في النوم منذ بدء حملة القصف التي يشنها التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية على اليمن في شهر مارس الماضي.

وقال والده زكريا، البالغ من العمر 42 عاماً والذي يعيش بالقرب من المطار في العاصمة اليمنية صنعاء: "أخذت كريم إلى طبيب أطفال وكان يعتريني شعور بالضيق. أوصى الطبيب بتناول بعض أدوية مقاومة الخوف وقال لي أنه لا يزال طفلاً وأنه سيتغلب على هذا الشعور، لكنه لا يزال يستيقظ وهو يبكي ويتبول على سريره".

وأضاف والد كريم قائلاً: "في الآونة الأخيرة، عندما وقع هجوم [جوي] على المطار بينما كان بالخارج يلعب مع أصدقائه، تبول على نفسه".

ووفقاً لأحدث إحصائيات الأمم المتحدة، لقي 135 طفلاً مصرعهم وأصيب 260 آخرون بجروح منذ اندلاع القتال في أواخر شهر مارس بين القوات التي تقودها السعودية لدعم الرئيس عبد ربة هادي من جهة ، والحوثيين الذين يتلقون دعماً من الرئيس السابق علي عبد الله صالح من جهة أخرى.


وبالإضافة إلى الآثار الجسدية للحرب، يعاني العديد من الأطفال أيضاً من الصدمات النفسية والاجتماعية المرتبطة بالأشخاص الذين يعيشون في منطقة الصراع.





وفي محاولة لمساعدة الأطفال وآبائهم، صممت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) منشورات خاصة، وكذلك برامج إذاعية وتلفزيونية، لتقديم المشورة للأسر التي يعاني فيها الصغار من القلق المرتبط بالنزاع أو الأعراض الجسدية، مثل التبول اللاإرادي والكوابيس.

وأوضحت ميكايلا بازيني، رئيسة قسم حماية الطفل في مكتب اليونيسف في اليمن: "في حالات النزاع، يكون الأطفال دائماً الأكثر ضعفاً والأكثر معاناة من تأثير العنف".


وأضافت أن "الحملة الإعلامية تهدف إلى مساعدة الآباء على الفهم والتعاطف، إذا ظهرت على الأطفال هذه الأنواع من ردود الفعل. إنه شيء طبيعي يحدث في حالات الصراع، ولذلك، فإننا نقدم بعض الاقتراحات حول كيفية معالجته داخل المنزل".


وأكدت بازيني أن اليونيسف تسعى إلى توفير أماكن آمنة للأطفال الذين يحتاجون إلى تدخل نفسي واجتماعي حتى يتمكنوا من القيام بأنشطة خاصة، ولكن هذه الخدمة أصبحت محدودة في مناطق معينة بسبب القتال المستمر.


المتفجرات من مخلفات الحرب


وهناك خطر كبير آخر يواجه الأطفال في مناطق النزاع في اليمن، وهو القتل أو الإصابة الناجمة عن الذخائر غير المنفجرة (UXO) والمتفجرات من مخلفات الحرب (ERW).


وعلى الرغم من أن المشكلة ليست جديدة بالنسبة لليمن – حيث عانت البلاد من عدة عقود من العنف – إلا أن الكثافة الإضافية والانتشار الجغرافي الأوسع لأحدث موجة من القتال زادت إلى حد كبير من مخاطر الحوادث المتعلقة بالألغام.


وقد ذكر تقرير الأمم المتحدة حول الأطفال والنزاعات المسلحة لعام 2014، الذي نُشر في شهر مايو من العام الماضي، أن 28 طفلاً على الأقل قُتلوا أو شُوهوا بسبب المتفجرات من مخلفات الحرب خلال عام 2013.


وسوف يظهر تقرير عام 2015 الذي سيصدر قريباً - حسبما علمت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) - أن معدل الإصابات بسبب الذخائر غير المنفجرة وغيرها من العبوات الناسفة قد تضاعف في عام 2014.


ولا يوجد تصنيف لعدد الأطفال الذين أصيبوا أو قتلوا بسبب الألغام في أحدث جولات القتال في اليمن، لكن بازيني قالت أن عدد الحوادث من المرجح أن يزداد عندما يتوقف العنف ويبدأ الناس في التحرك بحرية أكبر.


التلفزيون والراديو


ولم تتمكن اليونيسف من تنفيذ برنامجها للتوعية المجتمعية بمخاطر الألغام بشكل صحيح بسبب الصراع، وهي تحاول الوصول إلى الآباء والأمهات عن طريق التلفزيون والإذاعة والمنشورات التي تحتوي على معلومات.


وتنصح الحملة الآباء والأمهات بإثناء أطفالهم عن اللعب بالخردة المعدنية، أو أي أشياء أخرى غير معروفة، وتقدم المشورة حول ما يجب عمله إذا تم الكشف عن أشياء مشبوهة.


ولكن القدرة على الوصول إلى الناس، الذين يفتقر الكثيرون منهم إلى الكهرباء، محدودة.



من جانبه، قال باسم عبد اللطيف، وهو من سكان حي السلامي في صنعاء، أنه لم ير الاعلانات التلفزيونية أو يتسلم أي منشورات. لكنه أخبر الشبكة الانسانية ( ايرين ) أنه سمع عن الحملة الجارية في الإذاعة والتلفزيون، وتلقى بعض النصائح عبر الرسائل النصية.


وبعد وقوع انفجار كبير في شهر أبريل حطم زجاج النوافذ في منزل الأسرة، وقال الرجل البالغ من العمر 38 عاماً أنه وضع بعض العصي على النوافذ لمنع تطاير المزيد من الزجاج في حال وقوع انفجار آخر. وأوضح قائلاً: "بالإضافة إلى ذلك، نقلت أسرّة جميع أفراد العائلة بعيداً عن النوافذ حفاظاً على سلامتنا".


وأفاد هذا الأب لطفلين أنه من الصعب إبقاء طفليه داخل المنزل عندما لا يذهبان إلى المدرسة، ويريدان اللعب خارج البيت، لكنه لم يبد قلقاً بشأن الذخائر غير المنفجرة.  وقال ان الضربات الجوية قد أصبحت أمراً عادياً، موضحاً أنه رأى ابنه عبد الوهاب البالغ من العمر ست سنوات يلعب لعبة مع أصدقائه يتسلح فيها الأولاد بأسلحة غير حقيقية ويقاتلون بعضهم البعض.


ولكن بالنسبة للكثير من الشباب في اليمن، لا يقتصر القتال على اللعب فقط.


 وتجدر الإشارة إلى أن اليمن هو من بين ثماني دول فقط في العالم تضم قواتها المسلحة أطفالاً، وقد وجد تقرير للأمم المتحدة في عام 2010 أن "ما لا يقل عن نصف العدد الكلي للمقاتلين، من ... الحوثيين دون الثامنة عشرة من عمرهم".


وفي مقابلة مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في شهر فبراير الماضي، قالت ليلى زروقي، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة، أنها تشعر بالقلق إزاء "تزايد تجنيد الأطفال من الحوثيين" في عام 2014.


وخلال الفترة من 26 مارس إلى 13 مايو من هذا العام، أكدت منظمة اليونيسف "تجنيد 159 طفلاً من قبل أطراف النزاع،" لكن بازيني حذرت من أنه من الصعب الحصول على أرقام دقيقة حقاً.