عمان/دبي, 24 مايو 2015 (إيرين)
يؤدي الصراع في اليمن إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في البلاد، وفقاً لتقرير جديد يتوقع أن تدخل أجزاء من البلاد في مرحلة الطوارئ قبل نهاية هذا العام.وتتوقع شبكة نظم الإنذار المبكر بالمجاعة (FEWS NET) أن يصل اليمن إلى "المرحلة الرابعة: حالة طوارئ" بحلول شهر نوفمبر المقبل، وهذا يعني أن "أسرة واحدة على الأقل من كل خمس أسر ستواجه ثغرات في الاستهلاك ينتج عنها سوء تغذية حاد للغاية أو زيادة كبيرة في معدل الوفيات".
وأشار تقرير شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة، الذي نُشر يوم الأربعاء، إلى أن "الصراع والحصار البحري المستمرين يقيدان واردات الغذاء والوقود، مما أدى الى ارتفاع الأسعار".
"في الوقت نفسه، من المعتقد أن معظم مصادر دخل الأسرة الأساسية قد تأثرت، بما في ذلك المرتبات الرسمية، وأجور العاملين بالزراعة والمشروعات التجارية الصغيرة، ومبيعات المواشي، فضلاً عن ورود تقارير عن بعض الانقطاع في تدفق التحويلات النقدية،" وفقاً للتقرير.
وفي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية ، قال كريستوفر هيلبرنر من شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة أنه من المتوقع أن اليمن يمكن أن يصل إلى المرحلة الرابعة قبل شهر نوفمبر.
وحتى قبل هذه الجولة الأخيرة من الصراع، كان ما يقرب من نصف سكان اليمن البالغ عددهم 26 مليون نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي. ويستورد هذا البلد، الذي ينتج كميات صغيرة من النفط والذي يعاني من ضعف البنية التحتية ومحدودية إمدادات المياه والكهرباء، 90 بالمائة من احتياجاته الغذائية وغالبية احتياجاته من الوقود.
وقد أدى الصراع الذي اندلع في عام 2010 إلى تفاقم سوء التغذية في أجزاء من اليمن إلى مستويات الأزمة، كما أن ارتفاع معدلات الفقر منذ بدء احتجاجات الربيع العربي في عام 2011 يعني ببساطة أن الملايين لا يملكون ما يكفي من المال لإطعام أنفسهم.
وقد أدت الغارات الجوية التي تشنها قوات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية على المتمردين الحوثيين - الذين تقول أنهم عملاء لعدوها الإقليمي إيران - إلى تفاقم الوضع، جنباً إلى جنب مع سفن التحالف التي تمنع سفن الإمدادات من الرسو في الموانئ اليمنية.
تدمير
وقد ذكر تقرير نشره الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر يوم الأربعاء أن الصراع أدى إلى مقتل 1,820 شخصاً وإصابة 7,330 بجروح، في حين نزح أكثر من نصف مليون شخص من ديارهم.
وفي مدينة صعدة، التي تقع في شمال البلاد، يشير التحليل الأولي لصور الأقمار الصناعية إلى إصابة أكثر من 1,000 مبنى بأضرار أو تدمير كامل خلال النزاع الأخير، وتوجد 35 حفرة كبيرة مرئية ناجمة عن سقوط قنابل، من بينها عدة حفر بالقرب من مدرج مطار المدينة.
ونظراً لتقليص واردات الوقود وتوزيعه، أصبح النقص أكثر حدة، وتكافح الشركات لنقل المواد الغذائية في البلاد بالفعل إلى الأسواق والمجتمعات المحلية. كما تعطلت الزراعة من جراء أعمال العنف والنزوح.
وقبل أسبوعين، سمحت هدنة إنسانية لمدة خمسة أيام بدخول بعض المواد الغذائية والوقود، ولكن معظم هذه الإمدادات جاءت من المنظمات الإنسانية، التي لا تشكل بضائعها سوى نسبة ضئيلة من سلسلة الإمداد العادية.
وخلال الهدنة التي انتهت مساء الأحد الماضي، قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه وزع المواد الغذائية على أكثر من 400,000 شخص في عدن ولحج وأبين والضالع وشبوة وحجة والأجزاء الشمالية من محافظة صعدة، على الرغم من عدم تمكنه من مساعدة جميع الـ738,000 شخص الذين كان يأمل في الوصول إليهم.
وفي السياق نفسه، قام عدد من وكالات الأمم المتحدة الأخرى والمنظمات غير الحكومية أيضاً بتوزيع المواد الغذائية والمياه والوقود والإمدادات، ولكنهم أجمعوا على أن الخمسة أيام لم تكن كافية للوصول إلى جميع المحتاجين.
الصورة: محمد عوض/إنقاذ الطفولة
فرق من منظمة إنقاذ الطفولة تساعد الأسر النازحة حديثاً في مدينة عمران خلال الهدنة الإنسانية
وتجدر الإشارة إلى أن إمكانية الوصول إلى المجتمعات المحلية المتضررة قد تقلصت إلى حد كبير منذ بدء النزاع، ويرجع ذلك إلى شن عدد من الهجمات التي استهدفت العاملين في مجال الصحة. وفي يوم الخميس، أصابت غارة جوية مكتب منظمة إنسانية في صنعاء، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل، بما في ذلك بعض اللاجئين الإثيوبيين.
ويجعل الاعتماد على الواردات آثار الصراع الدائر خانقة بشكل خاص – حيث تم منع المواد التجارية والإمدادات المخصصة للمساعدات الإنسانية من دخول الموانئ، وأدى نقص الوقود اللازم للمولدات إلى اضطرار بعض المستشفيات لإغلاق أبوابها، على الرغم من الارتفاع الكبير في عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى علاج بسبب اصابتهم بجروح جراء انفجار القنابل أو إطلاق النار.
وقد أُغلقت العديد من الأعمال التجارية في العاصمة صنعاء بعد فرار السكان من كل من الحوثيين والضربات الجوية. وبالمثل، فإن معظم الشركات والسفارات الأجنبية قد علقت أعمالها بسبب المخاوف الأمنية، وحتى تلك التي بقيت مفتوحة لا تكاد تعمل بسبب نقص الوقود.
"لقد نفدت أموال الحكومة، والبنك المركزي لديه بضعة دولارات لدفع ثمن الواردات ولا يعطي البنوك الأخرى دولارات، والناس لا يملكون المال لإنفاقه، وليس لدينا وقود لتشغيل مصانعنا حتى لو كانوا يملكون المال،" كما أفاد مالك شركة يمني في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية.
وأضاف قائلاً: "حتى لو بدأت عملية سلام وتوقف القتال، رغم أن هذا لا يبدو محتملاً، ستكون هذه مشكلة لأن الحكومة ستحتاج إلى عدة مليارات من الدولارات لمجرد أن تتمكن من دفع تكاليف استيراد الوقود ودفع الأجور الأساسية وتوليد الكهرباء وضخ الوقود مرة أخرى. لن تنتهي هذه الأزمة حتى لو توقف الناس عن إطلاق النار".
وفي دراسة استقصائية أجرتها وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر (SMEPS) في شهر أبريل، قال 93 بالمائة من المستطلعين أن بيئة الأعمال التجارية قد انحدرت إلى مستويات لم يسبق لها مثيل، وقالت 70 بالمائة من الشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم أنها متشائمة ولا تتوقع حدوث أي تحسن.
الأمل في تحقيق السلام؟
وقد أعلنت الأمم المتحدة عن خطط لبدء "مشاورات شاملة" هذا الأسبوع بهدف استعادة الزخم في عملية الانتقال السياسي في اليمن. ولكن لا يوجد تفاؤل يذكر بأن التوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأجل قد بات وشيكاً.
"لا يزال هذا في المراحل المبكرة إلى حد كبير. إننا حتى لا نتحدث عن المفاوضات، بل عن التشاور حول كيفية التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الرئيسية حول كيفية المضي قدماً،" كما أوضح آدم بارون، وهو باحث زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR).
وبالنظر إلى "الطبيعة المستعصية للصراع"، قال بارون أنه من غير المرجح التوصل إلى حل سريع، ولكنه وافق على أن "حقيقة أن هناك اتفاقاً مبدئياً على قدوم الجميع إلى طاولة المفاوضات" كان "مؤشراً إيجابياً".
وأضاف أننا "نواجه أساساً خيارين في اليمن في الوقت الراهن. يمكن أن يكون هناك حل سياسي، أو يمكننا أن نتوقع حرب استنزاف موسعة ستؤدي في نهاية المطاف إلى تدمير البلد بأكمله".