تقارير -اليمن ،حرض.
منفذ الطوال التابع لمدينة حرض والذي أصبح المنفذ البري الوحيد لاستقبال المرحلين من المملكة العربية السعودية بعد أن أغلقت باقي المنافذ البرية.
الواصلون شريحتان ، الأولى: شريحة المخالفين لقانون العمل الذي قامت السعودية بتطبيقه مؤخراً بعد أن تغاضت عن تطبيق هذا القانون الذي كان نافذاً لسنوات وهذه الشريحة التي من المفترض أن تتحدث عنها وسائل الإعلام وتتركز عملية المساعدات لهم.
أما الشريحة الثانية هي لمجاميع يتسللون الحدود بدون وثائق سفر عبر الحدود ومن ثمة يعملون في أعمال متنوعة أو من سافروا إلى السعودية بفيزة عمره أو زيارة وبقوا هناك، وهذه الشريحة يطلق عليها في السعودية مسمى "المجهولين"،
ووفق مصادر مطلعة فإن هذه الشريحة معروفة منذ عام 1990م ويتم ترحيلهم بشكل يومي من قبل سلاح الحدود السعودي عندما يتمكن من القبض عليهم في الحدود أو أثناء الحملات داخل المدن السعودية ورغم أن هذه الشريحة هي من العمال ولكن يختلط بهم المتسولون ومهربون الأطفال وباقي عمليات التهريب سواء للبشر مثل الأفارقة أو حاملين المهربات فجميعهم يسلكون طرق الحدود ولا علاقة لهم بالمنافذ الرسمية،
ويختلفون اختلافاً كلياً عن الشريحة الأولى التي تكبدت خسائر الحصول على فيزا العمل، وجاءت عملية إبعادها لأنها مخالفة لبنود قانون العمل السعودية فكفالتهم باسم من استخرج لهم فيزة طلب العمل وليس لديه أعمال ليعملون معه؛
ولهذا كانوا يعملون مع غيره، وهذا ما تعتبره السعودية مخالفة وطلبت منهم تصحيح أوضاعهم وأعطتهم مهلة ستة أشهر ولم يتمكنوا من ذلك ومنهم أشخاص كانوا يعيشون في السعودية منذ سنوات مع عوائلهم وكفلائهم غير من يعملون معهم، بل البعض دخلت عائلاتهم السعودية بفيزة عمرة ومكثوا داخل البيوت وحين أخذت السعودية تطبق قانون العمل تم القبض على رب الأسرة في مكان وأسرته في مكان آخر،
وفي هناجر الترحيل لم يتمكنوا من اللقاء ويتم ترحيلهم ويصلون إلى حرض وهم خالو الوفاض مما كسبوا خاصة وأن مع عملية القبض يصعب لملمة أثاثهم أو تصفية حسابهم، والبعض يتم تحويل حسابهم من أرباب العمل الذين كانوا يعملون معهم عبر مراكز الصرافة لأنه يصعب عليهم تصفية الحساب لعمالهم عند القبض عليهم خشية من أن يتعرضوا للعقوبة من السلطات السعودية لأنهم كانوا يشغّلون أشخاصاً يكفلهم آخرون.
ووفق المصادر فإن الجمارك في حرض تخلط الشريحتين سالفتي الذكر مما يجعل حجم المشكلة أكبر وعملية المساعدة أصعب، فأصحاب الشريحة الأولى جميعهم أصحاب مهن وبعضهم وضعه المادي جيد ويغادر إلى بلاده بدون أن ينتظر مساعدة من أحد .
بينما جماعة الشريحة الثانية أغلبهم ليس بأيديهم مهن وهم معتادون على التسلل. بعضهم يرحَّل في الأسبوع مرتين، ويعود إلى الأراضي السعودية للعمل في المدن القريبة التي تقع في الأطراف مثل صبيا وأبو عريش وجيزان وأبها وغيرها.
وبحسب مصادر مشيخية على الحدود السعودية فإنه يخلط بهؤلاء كالعادة أشخاص لا علاقة لهم بالمنكوبين فتدون أسماؤهم في سجلات المساعدة والأيواء وبهذا تصبح المشكلة أكبر وما تم جمعه من مساعدات ستذهب لصالح المندسين ومن سيقوم بمساعدة هؤلاء المندسين ومن يدفعهم ويتستر عليهم.
منوهين إلى أن هناك جهات تعمل دائماً على خلط القضايا وتستخدمها سبيلاً للاسترزاق مثل ما حصل في قضية النازحين من حروب صعدة حيث تم الدفع بأشخاص جاءوا من مناطق بعيدة وادّعوا أنهم نازحو حرب،
والتهموا مساعدات كبيرة كانت تخصص للنازحين الحقيقيين، وهذه المشكلة تتكرر اليوم مع العائدين من السعودية مع العلم أن هؤلاء العائدين كانوا يعملون ومعهم مصاريف للعيش طبعاً بصورة متفاوتة، وأن أولئك الذين يرتمون على الأرض من شدة الجوع هم "المتشعبطين."
جهل وزارة المغتربين
وحسب مصادر من منفذ الطوال فإن عدد من تم إبعادهم من السعودية ووصلوا إلى المنفذ أربعة وستون ألف شخص، ووفق مصادر محلية فإن 50 % من هؤلاء العائدين غادروا إلى قراهم، والبعض الآخر ينتظرون في حرض أصدقاء سوف يلحقون بهم أو أسرهم التي تم القبض على أفرادها بعد أن رُحّلوا أو ينتظرون أثاث يخصهم شحنت إلى اليمن أو غيرها من المصالح.
وأشارت المصادر إلى أنه تم الخلط بين من رحِّلوا جراء مخالفة قانون العمل وبين من يتم عليهم القبض أثناء تسللهم الحدود والذين يعملون بدون إقامات شرعية أو يحملون جوازات سفر وهم على مدار العام يرحلون عبر المنفذ الرسمي ويعودون عبر التسلل من الحدود وهؤلاء يفوق عددهم الـــ 250 ألف شخص وفق تقديرات محلية.
وأوضحت المصادر أن وزارة المغتربين لم تقم بالتصنيف لمواجهة حجم المشكلة؛ لأن المرحلين المخالفين لقانون العمل هم من ستعاني منهم الدولة، أما من يتسللون عبر الحدود فهؤلاء ستبقى عملية تسللهم مستمرة.. وهذه الظاهرة لها أكثر من عشرين عام.
400 ألف نسمة
في تقرير صادر عن الأمم المتحدة قال: إن عدد المرحلين اليمنيين من السعودية ربما يصل إلى 400 ألف نسمة. وبالطبع فإن تقرير الأمم المتحدة يتحدث عن المرحلين المخالفين لقانون العمل وفق إحصائيات إدارة الهجرة والجوازات السعودية بحكم أن هؤلاء المرحّلين مرصودين في السجلات الرسمية لأن هجرتهم شرعية،
ولا يتضمن التقرير الشريحة الثانية التي تعرف بالسعودية بــ"المجهولين" لأن هؤلاء لم يتم إحصاؤهم وكانت اليمن تستقبل عبر المنافذ الجوية ما يقارب خمس رحلات كل أسبوع على مدار العام غير من يتم ترحيلهم عبر المنافذ البرية.
ووفق مصادر يمنية تعمل في المهجر قالت للصحيفة إن البلاء الذي حل بالعمال اليمنيين المخالفين لقانون العمل أيضاً نال من المهاجرين اليمنيين غير الشرعيين لأن عملية التشديد والتدقيق من قبل دوريات الشرطة والجوازات بلغت أشدها ولا ينجو منها غير من صحّحوا أوضاعهم ويعملون عند كفلائهم.
وأضافت المصادر التي في المهجر أن من رتبوا أوضاعهم لا تعترضهم السلطات السعودية أو تضطهدهم.
وحمّلت المصادر المسئولية الحكومة اليمنية التي تقاعست عن المسارعة في حل مشكلة المغتربين مع الحكومة السعودية خاصة وأن للمهاجرين اليمنيين مبررات وظروف لها خصوصية إن وجد من يحركها عند الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز، ربما كانت ستؤدي لنتائج أفضل بكثير كما هي عليه.
ودعت هذه المصادر وسائل الإعلام اليمنية إلى معرفة ظروف وخصوصية المهاجرين اليمنيين حتى تتمكن من إبراز مشكلتهم بشكل يخدم المهاجرين بدل شنّ الهجوم ضد الحكومة السعودية واستسقاء المعلومات من مغتربين لم تتجاوز غربتهم العامين أو الثلاثة.
لماذا 400 ألف مرحّل؟
اليمن هي الدولة ذات الرقم القياسي في عدد مرحليها، والذي يتوقع أن يصل إلى نصف مليون نسمة أو أكثر، ووفق مغتربين يمنيين تزيد غربتهم عن 30 عاماً قالوا: بحكم استثناء اليمنيين من قانون الكفالة قبل عام 1990 ليس فقط أبناء الشمال بل حتى الكثير من أبناء الجنوب الذين كانوا يهاجرون بجوازات من حكومة الشمال وبعلم الحكومة السعودية، وهؤلاء أقاموا علاقات وروابط حميمة مع المواطنين السعوديين،
وعندما طبق قانون الكفالة سمح لليمنيين أن يكفلهم أي مواطن سعودي بدون أن يتم إلزامهم بالعمل لدى الكفيل، بل إن بعض اليمنيين كانت إمكانياتهم التجارية والمالية أفضل من إمكانيات الكفيل كثيراً، وبعضهم كفلهم مواطنون سعوديون مع أسرهم (زوجاتهم وأطفالهم)، واستمروا يمارسون أعمالاً حرة متنوعة، ومع مرور الزمن كانوا يستقبلون مهاجرين جدد من أقاربهم، وينصحونهم أن يكفلهم نفس الكفلاء بحكم أنهم موضع ثقة ،
بل بعضهم تزاوجوا ، وهكذا أصبح هناك عشرات الآلاف من اليمنيين يعيشون في السعودية مع أسرهم، بعضهم لهم أربعون عاماً غير من ولدوا أو تربوا وبلغوا سن الرشد في السعودية واستخرجوا جوازات يمنية من السفارة اليمنية لدى السعودية بدون أن يفكروا بالسفر إلى بلادهم اليمن،
وجاءت عملية تطبيق قانون العمل أشبه بالكارثة لهم، بعضهم يصل قوام أسرته ما يقارب 8 أشخاص ذكورا وإناثا فمن أين يوفر لهم عملاً، وصاحب العمل يكفلهم بالطبع، عجزوا عن ذلك.. ومنحت لهم مهلة لتصحيح أوضاعهم مدة ستة أشهر ولم يتمكنوا من تصحيح وضعهم، ولم تتحرك الدولة لشرح ظروفهم وتقديم عينات من هذه الأسر، وكذلك لم تنشط وسائل الإعلام اليمنية في إبراز المشكلة وإنما أخذت تهاجم حكومة المملكة، ما أدى إلى تصلّب المواقف.
الداخلية والمحرم
رجال وزارة الداخلية تواجدهم أمر مطلوب لحفظ الأمن ومساعدة العائدين وإرشادهم وتذليل المصاعب عليهم قدر المستطاع.
ولكن الحاصل عكس المطلوب ، حيث أقدمت أجهزة الأمن على الحدود -باسم الفضيلة والشريعة الإسلامية- بالقبض على ثلاث نساء هن أسماء شمس الدين سنان، وغالية علي مهدي، ومريم سنان ومعهن أربعة أطفال؛ بحجة أنهن مرحلات بدون محرم.
وتم احتجازهن في البداية في العراء بإدارة الجمرك من قبل رجال الأمن الخاص حتى يتم مساومتهن على دفع مبلغ مالي ولكن لم يكن بحوزتهن سوى سبعمائة ريـال سعودي، فأخذوا منهن المبلغ مقابل أجور الطقم الذي سينقلهن مع أطفالهن إلى إدارة المباحث في مدينة حرض، وبعد عملية نقلهن إلى إدارة المباحث قامت الإدارة بحسبهن مدة أربعة أيام، وطلبت منهن إحضار مذكرة من شيخ القبيلة، وقام أقارب النساء المحتجزات بإحضار مذكرات من الشيخ ولكن تم رفضها من قبل المحقق الملازم أول مجاهد، ولكن بعد ذلك ووفق المصادر فإنه تم الاتفاق على دفع مبلغ خمسة آلاف ريـال يمني والإفراج عنهن.
مصادر محلية أخرى أوضحت أن المرحلين من السعودية جميعهم يحملون جوازات سفر يمنية بحكم أنهم كانوا مقيمين في السعودية بصورة رسمية وسبب ترحيلهم مخالفتهم لقانون العمل، ورغم ذلك يقدم أفراد الداخلية على اعتراض بعض هؤلاء المرحلين الذين تبدو عليهم مظاهر الإمكانيات الجيدة تحت مبررات واهية من أجل ابتزازهم، والمؤسف أن النيابة العامة لا تعترضهم ولا تقوم بتفتيش السجون حتى تقطع الابتزاز.
ووقف تلك المصادر فإن مسئولي النيابات والمحاكم والأمن العام والسياسي جميعهم يجتمعون في غرف مكيفة في فنادق فخمة، وهم يعلمون بتجاوزات بعض زملائهم فحلت المصيبة على المرحلين الذين يتعرضون للابتزاز منذ أن تلمس أقدامهم أراضي وطنهم اليمن المحمي بوزارة يقودها وزير همه الأكبر البحث عن المحارم.
أين اليمن وأين هادي؟!
تواصل مع الصحيفة عدد من المغتربين اليمنيين في السعودية وأوضحوا أن عملية ملاحقتهم من قبل السلطات السعودية هدأت مؤقتا وانشغلت في مطاردة الأثيوبيين الذين أقدموا على أعمال شغب واعتداء على رجال الأمن السعودي، وأن الفرصة مواتية لتتحرك حكومة اليمن بإرسال وفد من رجال الدولة والمشايخ ذات السمعة الطيبة والعلاقة الجيدة مع السعودية وغيرهم من الوجهاء والسياسيين إلى الملك عبدالله، لتطلب منه منح المغتربين اليمنيين فرصة لتصحيح أوضاعهم لمدة عام واحد على الأقل.
وقال المغتربون نستغرب عدم تحرك الحكومة اليمنية والرئيس هادي، فعلى مدى ثمانية أشهر سابقة منذ أعلنت السعودية تطبيق قانون العمل ومنحت كافة الأجانب مهلة ستة أشهر لتصحيح أوضاعهم، وخلال هذه الفترة كنا نتوقع أن تسهم حكومة اليمن بحل أو تتحرك باسم الإنسانية ووشائج القربى بيننا وبين السعودية،
ولكن عكس ما يجب فعله قامت قناة سهيل بمهاجمة حكومة المملكة، وعلى غرارها تصرفت كثير من وسائل الإعلام ولم تفد المغتربين بشيء بل أضرتهم .بينما رئيس الحكومة غائب والسياسيون يتنازعون ورئيس الجمهورية صامت ووزارة المغتربين ليس لها ثقل ولا تفقه شيئاً عن حال المغتربين في السعودية ووسائل الإعلام تلعلع بدون خطة وهدف فقط للإثارة.
وأضافوا: أصبح مصيرنا الخسارة والديون والترحيل إلى وطن ضاق بأبنائه
المصدر :اليمن اليوم