نزوح جماعي من الفلوجة إلى شمال العراق.

الصورة: يونس محمد/إيرين
أفراد عائلة محمد في غرفتهم بأحد الفنادق في أربيل
تجلس سنا محمد مع عائلتها في غرفة في فندق الراحة، الذي يقع في وسط مدينة أربيل ذي الأهمية التاريخية، في المنطقة الكردية في شمال العراق، لكنهم ليسوا هنا للقيام بجولة سياحية.

وصلت سنا الأسبوع الماضي مع 28 من أفراد عائلتها الممتدة، بعد أن فروا من دارهم في محافظة الأنبار هرباً من القتال الذي اندلع في نهاية ديسمبر بين القوات الحكومية وزعماء القبائل والجماعات الإسلامية المتمردة.

كانت أسرة محمد من بين ما يقرب من 14,000 عراقي عبروا الحدود إلى المنطقة الكردية شبه المستقلة في الأسبوع الماضي من مدينتي الرمادي والفلوجة والمناطق المحيطة بهما.

وفي حين يقيم البعض مع أفراد عائلاتهم، وينزل أولئك الذين يملكون مدخرات في فنادق، إلا أن عدداً متزايداً من النازحين يخيمون في المنازل المهجورة والمباني نصف المشيدة، وفقاً لتقارير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.


وقالت محمد، التي كانت تبدو مرهقة وخائرة القوى، أن "الوضع سيء جداً في الفلوجة. لقد توقفت الحياة هناك بسبب القتال، وتوقف العمل. يوجد طعام، ولكن ليس بكميات كبيرة".

وأضافت: "وقع تفجير في إحدى المدارس في المدينة... وتم إغلاق المدارس والكليات التي يذهب أطفالنا إليها... كما أن أطفالنا خائفون بسبب القتال والقصف".

وقالت أيضاً أنها وعائلتها دفعوا 700,000 دينار (600 دولار) لاستئجار حافلة صغيرة قامت برحلتين لنقلهم مع كمية صغيرة من ممتلكاتهم من الفلوجة إلى أربيل. وهم يدفعون الآن 60,000 دينار (50 دولاراً) في الليلة لاستئجار ثلاث غرف. وأضافت أنها لا تعرف إلى متى سيستطيعون تحمل تكاليف الإقامة هناك.

في فندق بغداد المقابل لهم، يقص ميكانيكي السيارات أحمد جميل جاسم قصة مشابهة، حيث قال أنه و17 من أقاربه وصلوا هذا الأسبوع من قريتهم على مشارف مدينة الفلوجة.

"سقطت قذيفة على بعد 15 متراً من ابني البالغ من العمر ثماني سنوات، ففقد وعيه. واضطررت لإفاقته برش الماء البارد على وجهه. وصلنا هنا بالملابس التي نرتديها فقط، وليس لدي سوى القليل من المال من عملي في المرآب الخاص بي في الفلوجة... ولكن عندما ينتهي ذلك المبلغ، علينا أن نعود".

وكان جاسم يرتدي ملابس رياضية خفيفة ومعطفاً رقيقاً لا يوفر الكثير من الحماية من برد الشتاء القارس، وأشار إلى أن هذه هي المرة الرابعة منذ عام 2003 التي اضطر فيها هو وعائلته إلى مغادرة الفلوجة بسبب القتال.

وأضاف قائلاً: "أريد أن أذهب إلى بلد حيث لا توجد قنابل ولا حروب، ولا مشاهد انفجار قنابل على شاشة التلفزيون التي تخيف طفلي".

موجات من النزوح

ويأتي التصاعد المفاجئ في العنف في الأنبار - أكبر محافظات العراق، والتي كانت في قلب التمرد ضد القوات الأمريكية - في أعقاب عام 2013 الذي كان دموياً في هذا البلد وشهد مقتل ما يقرب من 8,000 مدني في هجمات طائفية.

ومن الجدير بالذكر أنه حتى الآن، لا أحد يعلم على وجه التأكيد عدد القتلى في الفلوجة أو الرمادي، وهما من الأجزاء التي لا تزال خارج سيطرة الحكومة، ولكن تقديرات وكالات الأمم المتحدة ووزارة الهجرة والمهجرين العراقية تشير إلى نزوح حوالي 70,000 شخص من محافظة الأنبار وداخلها خلال الأسبوعين الماضيين.

وتُضاف هذه الموجة الأخيرة إلى أعداد النازحين الحالية، التي تبلغ 1.13 مليون شخص نزحوا داخل العراق خلال أعمال العنف الطائفي في الفترة من 2006 إلى 2008.

وتعمل حكومة إقليم كردستان، التي تئن بالفعل تحت وطأة استضافة ما يقدر بنحو 200,000 لاجئ سوري، مع وكالات المعونة لإعداد مخيم مؤقت للنازحين داخلياً القادمين من الأنبار.

مخاوف من انتشار العنف

ولكن على الرغم من أن حكومة إقليم كردستان ترحب بهؤلاء النازحين في الوقت الراهن، إلا أن هناك مخاوف من احتمال انتشار العنف من الأنبار باتجاه الشمال. وباستثناء بعض الحوادث الطفيفة، لم يشهد شمال العراق الذي يخضع للسيطرة الكردية نوعية التفجيرات والهجمات التي أصبحت أحداثاً يومية في أجزاء أخرى من البلاد.

وقال ديندار زيباري، وهو نائب مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان: "لقد كانت حكومة إقليم كردستان بالفعل... ملاذاً آمناً لآلاف النازحين من جميع أنحاء العراق. وصل نازحون من الأنبار إلى إقليم كردستان في الأونة الأخيرة، وقمنا باستقبالهم وإيوائهم، ولكن هناك أيضاً إجراءات أمنية يجب علينا اتخاذها - مثل تدابير الفحص الإضافية".

وأكد أن "الأمن أمر لن نساوم عليه. لقد دخل 15,000 نازح، وأعتقد أن هذه الأعداد سوف تزداد".

وأضاف زيباري أن "هذه مسؤولية كبيرة، وهي بالتأكيد مصدر قلق لحكومة إقليم كردستان وللمجتمعات المحلية، كما ستشكل عبئاً على الاقتصاد".

وقال أيضاً: "إننا نتأكد عند نقاط التفتيش من أن لدينا ما يكفي من التدابير [الأمنية]، والأمر يتطلب المزيد من الموارد والميزانية لقوات الشرطة الخاصة بنا عندما يكون لديك هذا العدد من النازحين داخلياً".

وفي الوقت الراهن، تبذل وكالات المعونة قصارى جهدها لتقديم الدعم للوافدين الجدد.

وأوضح نيكولاس هيل، مسؤول العمليات في مكتب المنظمة الدولية للهجرة في العراق، التي تقود جهود الاستجابة، أن "التقييمات مستمرة، ونحن نحاول تحديد الاحتياجات والمناطق التي تتركز فيها. وأضاف أنه قد تكون هناك حاجة إلى مزيد من التمويل لتلبية الطلبات المتزايدة.  




[ لا يعكس هذا التقرير بالضرورة وجهة نظر نشطاء بلاحدود ]  
- ايرين