أشكال الرق في العصر الحديث



نيروبي, أكتوبر 2013 (إيرين)
بعد مضي أكثر من قرنين على حظر العبودية، لا يزال نحو 29.8 مليون شخص على مستوى العالم يتعرضون لأشكال جديدة ومتنوعة من العبودية، بحسب مؤشر جديد يقوم بتصنيف 162 دولة.

وقد ذكرت النسخة الأولى من تقرير (أعدته مؤسسة "ووك فري فاوندايشين" الاسترالية التي تهتم بحقوق الإنسان) بعنوان "مؤشر الرق العالمي"، أن هايتي والهند ونيبال وموريتانيا وباكستان تضم  أعلى معدل لانتشار الرق في العصر الحديث. أما من حيث الأعداد المطلقة، فإن أكبر عدد من الأشخاص الذين يتم استعبادهم موجود في الصين وإثيوبيا والهند ونيجيريا وباكستان. وفي الهند، يُعتقد أن ضحايا العبودية الحديثة يناهز الـ 14 مليون شخص.
وعلى الرغم من ذلك، يذكر التقرير أن العبودية المعاصرة "غير مفهومة جيداً ولذلك تظل مستترة داخل المنازل والمجتمعات المحلية وأماكن العمل".
وفي هذا الصدد، قالت غولنارا شاهينيان، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بأشكال الرق المعاصر، وأسبابه ونتائجه أن "الرق المعاصر.. غالباً ما يحدث في المناطق التي يصعب الوصول إليها من الدولة أو ما يعتبر 'عالماً خاصاً'، كما هو الحال في حالة العبودية المنزلية.
وأضافت أنه "في عالم اليوم، يأخذ الرق صوراً مختلفة: كالاتجار بالبشر والعمل القسري والسخرة والعبودية... حيث يتم التحكم في هؤلاء الناس وإجبارهم على العمل ضد إرادتهم وكرامتهم ويتعرضون للحرمان من حقوقهم".
وفي السطور التالية، تسلط شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) الضوء على الأشكال الرئيسية للرق في العصر الحديث:

العمل القسري: تصنف منظمة العمل الدولية العمل الإلزامي أو القسري بأنه أي "أعمال أو خدمات تفرض عنوة على أي شخص تحت التهديد بالعقاب والتي لم يعرضها الشخص بنفسه طوعاً".
وتوجد الأشكال الشائعة من العمل القسري في الصناعات التي تفتقر إلى التنظيم أو التي تستخدم اليد العاملة على نحو كثيف مثل الزراعة ومصائد الأسماك والتشييد والتصنيع والأعمال المنزلية وصناعة الجنس. وقد سلط تقرير منظمة العمل الدولية لعام 2013، الضوء على بعض الشروط القاسية التي يُرغم الناس بموجبها على العمل في قطاع مصائد الأسماك. ويمكن تطبيق هذه الفئة على أشكال متعددة من الرق، حيث يجبر الأشخاص على العمل باستخدام أساليب متنوعة، غالباً ما تشمل التهديد بالعنف أو عبودية الدين.
وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن عدد ضحايا العمل القسري يصل إلى نحو 21 مليون شخص.

عبودية الدين: تعد أكثر أشكال الرق المعاصر شيوعاً، وذلك وفقاً للجمعية الدولية لمكافحة الرق، وهي منظمة غير حكومية تتخذ من لندن مقراً لها، حيث تقول أن "الشخص يصبح عامل سخرة عندما يُطالب بالعمل كوسيلة لسداد قرض حصل عليه. ثم يخدع الشخص أو يضطر للعمل مقابل مبلغ زهيد جداً من المال أو من دون أجرة، وغالباً ما يكون ذلك لمدة سبعة أيام في الأسبوع".
في ذات السياق، تشير تقديرات بنك التنمية الآسيوي إلى أن عدد عمال السخرة في باكستان يصل إلى 1.8 مليون شخص، يعملون بشكل أساسي في قمائن الطوب وفي الزراعة ومصائد الأسماك والتعدين. وفي القطاع الريفي في البرازيل، كشف تقرير صدر عن الأمم المتحدة في عام 2010 أنه تم إغراء الكثير من العمال الفقراء للعمل في المناطق البعيدة عبر وسطاء قاموا بتحصيل مبالغ مقدمة على مرتباتهم، واعدين إياهم بأجور عالية. غير أن العمال وجدوا أنفسهم مضطرين لأخذ ديون كبيرة لتغطية تكاليف الانتقال والغذاء، دون وجود أي مؤشر واضح لكيفية حساب تلك الديون أو الأجور.  
وتحدث ممارسات مماثلة لتلك في بنجلاديش.
الاتجار بالبشراتفاقية الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية تعرّف الاتجار بالبشر بأنه "تجنيد أو نقل أو تحويل أو إيواء أو استلام أشخاص"، عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو وسائل أخرى للإكراه "بغرض الاستغلال".
وفي جمهورية بنين، تشير تقديرات المكتب الدولي للهجرة، إلى أن عدد ضحايا الاتجار بالبشر يصل إلى أكثر من 40,000 طفل. ويفيد المؤشر العالمي للرق أنه يتم تهريب والاتجار بالعديد من هؤلاء الأطفال في دول داخل المنطقة، وكذلك تهريبهم من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية داخل الدولة الواحدة.
الزواج القسري: يحدث هذا النوع من الزواج عندما لا يدخل الفرد في الزواج بموافقة حرة وكاملة. وتصنف "الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق" لعام 1956 أي ممارسة يتم فيها "وعد امرأة أو التخلي عنها، دون أن يكون لها الحق في الرفض، من أجل الزواج نظير دفع مبلغ من المال أو مقابل عيني لوالديها، أو الوصي عليها، أو الأسرة أو أي شخص آخر أو مجموعة" بأنها عمل غير قانوني. كما تحظر الاتفاقية تنازل الزوج عن زوجته مقابل مبلغ من المال، وتحظر أيضاً الاستيلاء على إرث المرأة بعد وفاة زوجها. وعلى الرغم من أن التعريف لا ينطبق إلا على النساء والفتيات (اللاتي يتحملن العبء الأكبر من الزواج بالإكراه) إلا أن هناك دعوات لأن يشمل هذا الرجال والفتيان أيضاً.
استرقاق الأطفال: استرقاق الأطفال واستغلالهم، بما في ذلك استخدام الأطفال في الصراعات المسلحة، هو صنف آخر من الأصناف الشائعة للرق المعاصر. ويشمل أسوأ أشكال عمل الأطفال، وفقاً لتعريف منظمة العمل الدولية، بيع الأطفال والاتجار بهم، والعمل القسري، والعبودية والاستخدام الإجباري للأطفال في الصراعات المسلحة. وفي هايتي، يتم إرسال الأطفال من الأسر الريفية إلى المناطق الحضرية للعمل كخدم في المنازل لمساعدة الأسر الأكثر ثراءً، وقد يتعرضون  في مثل هذه الحالات للاستغلال. ويشير المؤشر العالمي للرق إلى أن طفلاً من بين كل 10 أطفال في هايتي يتعرض للاستغلال.  
وفي حين أن استرقاق الأطفال لا يزال يمثل مشكلة كبيرة، إلا أن عدد الأطفال العاملين في العالم قد انخفض إلى 168 مليون في عام 2012 مقارنة بـ 246 مليون في عام 2000، وذلك بحسب منظمة العمل الدولية.
العبودية: هي حالة يعتبر فيها شخص أو مجموعة من الأشخاص ملكاً لمالك العبيد وتمكنه من الاتجار بهم، لكنها أقل صور العبودية شيوعاً في الوقت الحاضر. وفي مثل هذه الحالات، يتحكم مالك العبيد في الضحايا وذريتهم، وبالتالي يصبح هؤلاء الأفراد في الغالب مستعبدين منذ الولادة.  
وعلى الرغم من أنه قد تم أخيراً تجريم الرق في موريتانيا في عام 2007، وهو ما أدى إلى عتق رقاب الكثير من الناس، ولكن لم تتم إدانة سوى عدد قليل من ملاك العبيد بتهمة ممارسة هذه الجريمة. ولا تزال العبودية تمثل مشكلة خطيرة في الدولة، إذ تفيد تقديرات المؤشر العالمي للرق بأنه لا يزال هناك ما بين  140,000 إلى 160,000 عبد في موريتانيا.