الصورة: هبة علي/إيرين
|
لندن, 11 فبراير 2015 (ايرين)
بعد استقالة اثنين من مبعوثي الأمم المتحدة إلى سوريا بسبب الإحباط، يعمل المبعوث الثالث منذ عدة أشهر على تطوير نهج جديد لإنهاء الحرب التي توشك على دخول عامها الخامس. فقد أزهق هذا الصراع المعقد الذي يتسم بالتذبذب أرواح أكثر من 200,000 شخص وأجبر أكثر من 10 ملايين شخص على الفرار من ديارهم.ووسط مخاوف من أن تصطدم مبادرة ستيفان دي ميستورا بعقبات، تعرض الشبكة الانسانية تفاصيل نهجه وتدرس احتمالات نجاحه.
ما هي الخطة؟
يتوقف ذلك على "مناطق تجميد الصراع المتزايدة"، وهو المصطلح المستخدم من قبل دي ميستورا وفريقه في إشارة إلى اتفاقات وقف إطلاق النار الصغيرة في مختلف أنحاء البلاد.
وقال دي ميستورا موضحاً مقترحاته في شهر نوفمبر الماضي أن مناطق تجميد الصراع هذه ستسمح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين اليائسين و"تخفيف حدة" النزاع. وأضاف أن الهدنات المحلية "تنتشر تدريجياً مثل بقع الحبر" في جميع أنحاء البلاد. والهدف الأول هو تجميد الصراع في حلب، أكبر المدن السورية.
وعلى عكس مبعوثي الأمم المتحدة السابقين، الأخضر الإبراهيمي وكوفي عنان، لم يسع دي ميستورا للتوصل إلى اتفاق سلام شامل في جميع أنحاء البلاد.
وقال آرون لوند، رئيس تحرير مدونة سوريا في أزمة في مؤسسة كارنيغي البحثية، أن هذه الاستراتيجية "ذكية" لأنها "تدرك أن واقع الأمر في سوريا هو أن هذه حرب لم يعد بمقدور أحد حلها بالتوصل إلى اتفاق واحد".
وفي محاولة لإقناع جميع الأطراف بالموافقة على هذه الخطة، قضى دي ميستورا الأشهر الأخيرة في رحلات مكوكية بين دمشق وتركيا - حيث تقيم بعض قيادات المعارضة السورية.
ما هو التقدم المحرز؟
تقدم طفيف. ففي البداية، كان هناك مجال للتفاؤل حيث قال مكتب الرئيس بشار الأسد أن الخطة تستحق الدراسة، في حين كان ترحيب فصائل المعارضة الرئيسية بها أكثر حذراً.
مع ذلك، تم استبدال التمتمة الإيجابية بحديث عن الجمود في الأسابيع الأخيرة. وذكرت وكالة رويترز للأنباء الأسبوع الماضي أن مساعي السلام قد تعثرت بالفعل لأن المحادثات توقفت.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية من الطريق إلى دمشق، وصفت جولييت توما، المتحدثة باسم دي ميستورا، هذه المزاعم بأنها "غير دقيقة"، مضيفة أن "[رويترز] قالت أن [الخطة] مجمدة، ولكنها ليست كذلك ... لا تزال المشاورات مستمرة مع جميع أطراف النزاع، وهذا يفسر سبب توجهنا إلى دمشق الآن".
ولكن نواه بونزي، كبير محللي الشؤون السورية في المجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية، يرى أنه يبدو أن المفاوضات قد تعثرت بالفعل.
وأضاف في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية أن "المحادثات مستمرة ولكنها صعبة، فالنظام ليس مهتماً بصفقة تحافظ على القدرة القتالية للمعارضة. ولن تقبل المعارضة اتفاقاً يمنح النظام اليد العليا".
وقد أصبح نطاق تجميد الصراع على وجه الخصوص موضع خلاف، حيث يُقال أن الحكومة السورية تؤيد التوصل إلى هدنة محدودة في مدينة حلب، في حين يطالب المتمردون بأن تشمل أجزاءً من شمال سوريا - بما في ذلك معبر رئيسي على الحدود مع تركيا.
هل هناك أمثلة سابقة لاتفاقات وقف إطلاق نار ناجحة؟
ليس حقاً. تُبذل محاولات أخرى لوقف إطلاق النار منذ عام 2011، على الرغم من عدم تحقيق أي منها لأي أثر ملموس على المدى الطويل. بل إن التجارب السابقة في وسط مدينة حمص، حيث انتهى حصار الحكومة في مطلع العام الماضي، تجعل الوساطة أكثر صعوبة.
وأفاد بونزي أن النظام كان يتمنى التوصل إلى صفقة مماثلة لتلك التي تم الاتفاق عليها في حمص القديمة - حيث أدى وقف إطلاق النار إلى استعادة قوات الحكومة السورية لسيطرتها على المنطقة. أما المعارضة، فإنها تنظر إلى الصفقة باعتبارها هزيمة كبيرة نظراً لانسحاب مقاتليها. ومنذ ذلك الحين، ظلت حمص القديمة في أيدي القوات الحكومية.
وأضاف بونزي: "في حمص، جاء وقف إطلاق النار كنتيجة للحصار، وأكمل بشكل أساسي النصر العسكري الذي حققه النظام في المدينة".
"كان النظام مهتماً بهذا النوع من الصفقات - أي صفقة تعزز سيطرته بشكل فعال. وبمجرد أن رأى أن هذا ليس نوع الصفقات الذي يضعه دي ميستورا في الاعتبار، أعرب عن اعتراضه. ولا يبدو أن النظام مهتماً على الإطلاق بتجميد أكثر إنصافاً للصراع،" كما أوضح.
وبالمثل، تخشى المعارضة من التوصل إلى صفقة قد تصيبها بالشلل، لاسيما إذا كانت تسمح للحكومة بتصوير حملتها على أنها ناجحة. وقال لوند: "تحدث نظام الأسد عن أن مثل هذا الاتفاق من شأنه أن يكون تكراراً لما حدث في حمص، ربما جزئياً لاستفزاز المتمردين وجعلهم يقولون أشياءً خاطئة".
هل يتحدث دي ميستورا إلى جميع الأشخاص المناسبين؟
ربما لا - من غير الواضح ما إذا كانت المعارضة المعترف بها دولياً لديها القدرة على فرض إرادتها على الأرض داخل سوريا، حتى لو تم الاتفاق على صفقة ما.
وتجدر الإشارة إلى أن المجموعة المظلة المعروفة باسم مجلس قيادة الثورة، التي تتفاوض مع دي ميستورا، ليست هي الهيئة الوحيدة التي تمثل المتمردين الذين يقاتلون في حلب؛ فجبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، لا تشارك في المحادثات، وما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية لا يشارك أيضاً.
وفي محاولة لتشجيع التوصل إلى انفراجة، سعى دي ميستورا لتضخيم التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية، والذي أصدر بالفعل تهديدات لكل من الحكومة والمعارضة "المعتدلة".
هل من المرجح أن تحقق المحادثات تقدماً كبيراً؟
على المدى القصير، ربما لا. فعلى الرغم من أن الفجوات بين الحكومة والمعارضة قد تقلصت قليلاً، إلا أنها لا تزال أكبر من أن يتم سدها على الفور. وفي واقع الأمر، تحدث مبعوث الأمم المتحدة مراراً وتكراراً عن الحجم الهائل لهذا التحدي الشاق، مما يشير إلى أنه يدرك جيداً أنه يواجه مصاعب جمة.
وأكد بونزي أنه لا يمكن توقع أن يحقق مبعوث الأمم المتحدة الكثير: "خلاصة القول هي أنه لا توجد حالياً أرضية مشتركة كافية بين الطرفين لإجراء مفاوضات مثمرة - سواء بشأن تجميد الصراع في حلب، أو الشروط الأوسع نطاقاً للتوصل إلى حل سياسي".
وبينما يبدو أنه من غير المرجح أن تؤدي خطة دي ميستورا إلى انفراجة كبيرة، فإن هناك بعض الإيجابيات، إذ يقر المحللون منذ فترة طويلة بأن التسوية عن طريق التفاوض هي السبيل الوحيد لوضع حد لسفك الدماء، ويبدو أن المزيد من الناس على كلا الجانبين يتوصلون إلى هذا الاستنتاج.
والجدير بالذكر أن الجولة الثانية من محادثات السلام في جنيف فشلت فشلاً ذريعاً في العام الماضي، وانسحب منها الجانبان بعد 30 دقيقة فقط من بدء المحادثات وجهاً لوجه.
"وقالت جميع الجماعات المتمردة أن من يذهب إلى جنيف فهو خائن،" كما ذكر لوند.
وأضاف أن شخصيات من المعارضة والحكومة عقدت ثلاث جولات من المحادثات حتى الآن بهدف التوصل إلى اتفاق شامل - اثنتان في جنيف والثالثة عُقدت مؤخراً في روسيا - دون نجاح. وعلى هذا النحو، فإن الدفع باتجاه التوصل إلى صفقات محلية هو نهج جديد.
وفي هذا الصدد، قال لوند: "يمكنهم الدعوة لعقد جنيف 3 أو 4 أو 5، ومع ذلك فإنها لن تنجح. ولذلك سيكون عليهم تجربة شيء آخر - وخطة دي ميستورا هي شيء آخر".