الصورة: ويكيميديا كومانز
|
ملبورن, 1 سبتمبر 2014 (إيرين)
يقول الخبراء أن سوء الفهم والحساسية المفرطة ووصمة العار من ممارسة الجنس الشرجي تؤدي إلى فجوات في البحوث وإلى معلومات غير دقيقة حول مخاطر هذا السلوك الجنسي الشائع وإلى إعاقة الاستراتيجيات الفعالة للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. ويمكن أن تعزز الخطوة نحو النهج الايجابي تجاه الجنس من القبول الاجتماعي وزيادة الوقاية. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال جيم بيكيت، مدير الدعوة للوقاية وصحة الرجال المثليين في مؤسسة شيكاغو لمكافحة الإيدز أن "عدم مناقشة الجنس الشرجي وعلاقته بانتقال فيروس نقص المناعة البشرية تؤدي إلى وضع الناس لافتراضات خاطئة بشأن مخاطره".
وفي عام 2011 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة "إعلانها السياسي بشأن فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز" الذي- من بين أهداف أخرى- وضع هدفاً للحد من الانتقال الجنسي لفيروس نقص المناعة البشرية بنسبة 50 بالمائة بحلول عام 2015.
وطبقاً لما ذكره برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز فإن عدد الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية بين الراشدين في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل في عام 2012 كانت أقل بنسبة 30 بالمائة عما كانت عليه في عام 2001، وهو ما وصفه البرنامج في تقريره العالمي لعام 2013 "بأنه يمثل في المقام الأول انخفاضاً في انتقال المرض عن طريق الجنس".
لكن بعض الخبراء يحذرون من أنه حتى مع هذا الانخفاض في معدل الإصابة فإن الاستجابة لفيروس نقص المناعة البشرية تظل غير كاملة على نحو ضار ما لم تبدأ في الاعتراف بمجموعة من السلوكيات الجنسية بما في ذلك السلوكيات التي يساء فهمها وترتبط بوصمة العار أو تعتبر مثيرة للاشمئزاز.
الرسائل المزدوجة تسبب رقابة محفوفة بالمخاطر
إن خطر انتقال فيروس نقص المناعة البشرية عن طريق الاتصال الجنسي الشرجي أكبر بثمانية عشر مرة من خطر انتقاله عن طريق الاتصال الجنسي المهبلي لأن أغشية الشرج أرق ولا يوجد به إفرازات زلقة مثل المهبل مما يجعل الشرج أكثر عرضة للتهتك والجروح.
وقد ركزت التدخلات التي أشارت إلى الجنس الشرجي على الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال ومع النساء المتحولات جنسياً اللائي غالباً (وهو ما يجادل الكثيرون بأنه خطأ) ما يتم تصنيفهن كرجال لأغراض الصحة العامة. والبحوث التي ركزت على الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال كشفت عن بعض الحقائق المهمة عن الجنس الشرجي من بينها وجود ثغرات خطيرة في توفر المواد الزلقة الشخصية حول العالم.
وقال بيكيت أن قوانين مكافحة المثلية الجنسية أضافت المزيد إلى وصمة العار المرتبطة بالجنس الشرجي وربطته بكونه شيء يمارسه الرجال فقط.
وقد قامت نحو 76 دولة بتجريم المثلية الجنسية بشكل أو بآخر وبعضها قام بتجريم المثلية الجنسية بشكل محدد وهو غالباً ما يفهم على أنه الجنس الشرجي.
ولكن الأدلة الجديدة أظهرت أن التركيز على الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال قد يؤدي إلى افتراضات خاطئة بأن الاتصال الجنسي بين الجنسين لا يشمل الجنس الشرجي ولذلك فإنه يرسل رسالة خاطئة بشأن من الذين يحتاجون إلى حماية أنفسهم.
وقد توصلت دراسة حول ممارسة الجنس الشرجي بين الجنسين في خمس مجتمعات في كينيا وتنزانيا وأوغندا أن الجنس الشرجي بين الجنسين تتم ممارسته على نطاق واسع لأسباب متنوعة من بينها الحفاظ على العذرية ومنع الحمل والمكسب المالي والحفاظ على الإخلاص للشريك.
وقد أظهرت دراسة تعزيز السلوك والصحة الجنسية التي قامت بها جامعة انديانا في الولايات المتحدة في عام 2009 أن 45 بالمائة من بين الرجال والنساء الذين شملتهم الدراسة أقروا بأنهم يمارسون الجنس الشرجي.
ولكن على الرغم من أن هذا السلوك شائع نسبياً، هناك ندرة في المعلومات الدقيقة بشأنه.
وقالت ديبي هيربينيك إحدى كتاب دراسة 2009 التي تم نشرها في مجلة الطب الجنسي أنه "على الرغم من أن معظم الناس الذين يمارسون الجنس الشرجي يقومون به في بعض الأحيان فقط، إلا أن الجنس الشرجي يعد ممارسة شائعة إلى حد ما. وإذا كان الناس يمارسون سلوكاً جنسياً فإنهم يستحقون الحصول على المعلومات الكافية التي تساعدهم على ممارسة هذا السلوك بشكل آمن وممتع ومرضي بقدر الإمكان".
ويوافق الخبراء على أن السبب الجزئي في تجاهل الجنس الشرجي هو عدم الرغبة في استكشاف هذا السلوك في الدراسات.
وقال بيكيت منسق الشبكة الدولية لمناصري مبيدات الجراثيم الشرجية، وهي شبكة عالمية تعمل من أجل تطوير مبيدات جراثيم آمنة وفعالة ومقبولة للرجال والنساء والمتحولين جنسياً حول العالم الذين يمارسون الجنس الشرجي، الذي عزى السبب في هذا النفور إلى وصمة العار المرتبطة بالشرج كجزء من الجسم "نحن لا نسأل ولذلك لا يخبرنا الناس".
وأضاف بيكيت: "إذا كنا لا نستطيع الحديث عن جميع الممارسات الجنسية وعن ما هو خطر وما هو أقل خطورة فلا يمكن للناس القيام بخيارات ذكية".
الجنس الايجابي مع رسائل فيروس نقص المناعة البشرية
وقالت آن فيلبوت، مؤسسة مشروع ذا بليجر، وهو منظمة تعمل مع المنظمات غير الحكومية والمستشارين في مجال الجنس ومنتجي الأفلام المثيرة من أجل إدراج طرق الجنس الإيجابي في التربية الجنسية أن "الجنس الشرجي هو أحد المحرمات في عالم فيروس نقص المناعة البشرية. وهو لا يشار إليه في الحملات التي تستهدف الأزواج العاديين وهو ما يؤدي إلى إرسال رسالة غير رسمية مفادها أنه آمن فعلاً أو أنه لا يحتاج إلى ارتداء الواقي الذكري عند ممارسته".
وقد كشفت دراسة نشرت في المجلة الطبية البريطانية عام 2014 أن الخبرة الأولى لممارسة الجنس الشرجي بين المراهقين كانت غالباً مؤلمة وقسرية. ولكن العديد من المشاركين في الدراسة اعتبروا أن الجنس الشرجي آمن لأنهم لم يعتقدوا أنه من الممكن أن يصابوا بالأمراض المنقولة جنسياً عن طريق هذا النوع من الجنس.
وقد اشارت الدراسة إلى أن سهولة الوصول إلى المواد الإباحية التي تصور مشاهد الجنس الشرجي بين الأزواج من الجنسين ساهمت أيضاً في توقع أن الجنس الشرجي جزء من الممارسة الروتينية للجنس.
وقالت فيلبوت أن "حوالي أربعة بالمائة من المواقع الالكترونية حالياً هي مواقع للمواد الإباحية. ونحتاج إلى أن نكون سباقين في خلق بيئة أكثر أماناً وإلى نماذج جنس لا تجيز ممارسة الجنس غير الآمن"، مضيفة أنه في الدول التي لا يوجد فيها تربية جنسية أو يوجد فيها تربية جنسية محدودة يمكن للمواد الاباحية أن تصبح مصدراً للمعلومات الافتراضية.
وقد أشارت فيلبوت إلى أن ممارسة الجنس الشرجي دون وقاية يؤدي إلى معدل إصابة مرتفع بالأمراض بالنسبة للشريك السلبي في الأزواج مختلفي الجنس وهي المرأة في هذه الحالة. وأثناء ممارسة الجنس الشرجي من دون واق ذكري تكون فرصة إصابة الشريك الإيجابي بفيروس نقص المناعة البشرية واحد من بين 909 مقارنة بنسبة 1 من بين 154 فرصة إصابة بالمرض بالنسبة للشريك السلبي.
وقد أظهر تقرير الإحصائيات الوطنية الصحية لعام 2008 في الولايات المتحدة أن من بين أكثر من 13,000 شخص تمت مقابلتهم، ذكر 36 بالمائة من النساء و44 بالمائة من الرجال أنهم يمارسون الجنس الشرجي مع الجنس الآخر.
ولكن دراسة أخرى ذات صلة أشارت إلى أن 13 بالمائة فقط من النساء استخدم معهن الواقي أثناء آخر 10 مرات مارسن فيها الجنس الشرجي مقارنة بنسبة 44 بالمائة من الرجال الذين مارسوا الجنس الشرجي مع رجال مثلهم- وهو ما يعد فجوة سلوكية كبيرة في الاتصال الجنسي بين الجنسين.
وقالت فيلبوت أن "عدم ذكر تلك المخاطر للأزواج العاديين يعد خطأ كبير. فعدم إعطائهم نصائح ومعلومات عن كيفية ممارسة الجنس بشكل آمن يعد خسارة كبيرة".
[ لا يعكس هذا التقرير بالضرورة وجهة نظر نشطاء بلاحدود ]