المهاجرون الأفارقة في إسرائيل يواجهون العودة "الطوعية" أو الاحتجاز

                                                                                  الصورة: شاهار شوام/إيرين         
طالبو اللجوء الأفارقة يتظاهرون خارج البرلمان الإسرائيلي في ديسمبر 2013  للاحتجاج على سياسة الحكومة باحتجازهم لأجل غير مسمى   




تل أبيب/جوهانسبرج,(إيرين)
أصدرت إسرائيل إحصائيات تبين أن أعداد المهاجرين الأفارقة الذين اختاروا "المغادرة الطوعية" من البلاد تتزايد بشكل مطرد منذ الموافقة على تعديلات قانون مكافحة التسلل في ديسمبر 2013، حيث تم تسجيل حوالي 2,200 مغادرة منذ بداية 2014. 
مع ذلك، تثير طوعية هذا الإجراء تساؤل منظمات حقوق المهاجرين والمهاجرين أنفسهم. فوفقاً للقانون المعدل، فإنقد يكون بديل قبول المغادرة الطوعية الاحتجاز لأجل غير مسمى في منشأة جديدة "مفتوحة"، معروفة باسم هولوت، في صحراء النقب في جنوب إسرائيل. وإلى جانب التهديد بالاحتجاز، تعرض الحكومة منحة بقيمة 3,500 دولار على هؤلاء الذين يوافقون على المغادرة الطوعية. وقد قامت الحكومة مؤخراً بزيادة قيمة المنحة بعدما كانت 1,500 دولار فقط. 
وقال خليل* وهو مهاجر سوداني تم نقله إلى هولوت في ديسمبر من ساهارونيم، وهو سجن تقليدي كان يتم فيه احتجاز المهاجرين غير الشرعيين حتى قضت المحكمة العليا بالإفراج عنهم في سبتمبر 2013: "في كل أسبوع يأتون إلى هنا، ويعرضون علينا المال إذا وقعنا على المغادرة الطوعية".

وقد خفض القانون المعدل مدة احتجاز المهاجرين غير الشرعيين من ثلاث سنوات إلى سنة واحدة، ولكنه يسمح بالاحتجاز لأجل غير مسمى لطالبي اللجوء الذين لا يمكن ترحيلهم. وغالبية طالبي اللجوء الذين يعيشون في إسرائيل والبالغ عددهم 53,000 طالب لجوء، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من أريتريا (36,000) والسودان (14,000)، ولكن لا يمكن ترحيلهم إلى أي من الدولتين، وفقاً للقانون الدولي للاجئين، نظراً لاحتمال تعرضهم للاضطهاد عند عودتهم.

وتعد إسرائيل من الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 ولكنها تسجل أحد أدنى معدلات الاعتراف باللاجئين في العالم، حيث منحت حق اللجوء إلى حوالي 200 طالب لجوء فقط خلال الستين عاماً الماضية. وحتى عام 2012، لم تسمح إسرائيل للمواطنين الإرتيريين والسودانيين بتقديم طلبات اللجوء الفردية ولكنها منحتهم بدلاً من ذلك حماية جماعية مؤقتة- وهو وضع غير مستقر يحصلون فيه على حقوق محدودة جداً. 

وبعد أن قامت منظمة الخط الساخن لللاجئين والمهاجرين غير الحكومية برفع دعوى قضائية ضد الدولة بسبب تلك القضية، بدأت سلطات الهجرة والحدود والسكان النظر في 1,800 طلب لجوء تم تقديمها من قبل منظمة الخط الساخن بالنيابة عن المحتجزين في سجن ساهارونيم. ولكن حتى يناير 2014 تم منح حق اللجوء إلى اثنين من الإريتريين فقط ولم يتم توسيع العملية لتشمل طلبات اللجوء من هؤلاء الموجودين خارج السجن.

وقد عبرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن قلقها إلى الحكومة الإسرائيلية من أن القانون الجديد "يحد بدرجة أكبر من حقوق طالبي اللجوء".

مهاجرون أم طالبو لجوء؟


ومنذ افتتاح هولوت في ديسمبر تم نقل حوالي 500 من المهاجرين الرجال إلى هناك ولكن عدداً أكبر منهم تلقوا استدعاءات للحضور إلى المركز خلال 30 يوماً.

وعلى الرغم من السماح للمحتجزين بمغادرة المركز إلا أنه مطلوب منهم حضور طابور نداء الأسماء ثلاث مرات في اليوم، وهو ما يجعل من المستحيل عليهم السفر إلى أقرب بلدة لهم وهي بئر سبع التي تبعد حوالي ساعة بالسيارة. والفشل في الحضور أمام السلطات كل مرة بعد ساعات قليلة من مغادرة المركز يمكن أن يعني النقل إلى سجن تقليدي. 

وفي تعليقات على صفحة الفيس بوك الخاصة به قام وزير الاقتصاد نافتالي بينيت بتهنئة وزير الداخلية جدعون ساعر على السياسات التي ظهر أنها نجحت في اقناع "المتسللين غير الشرعيين" بمغادرة البلاد.

الكثير من الناس يوافقون على هذا الاتفاق، ولكن عندما يصلون إلى أوغندا لا يجدون هذا الاتفاقوأضاف: "نحن نتكلم عن عمالة وافدة وليس لاجئين معرضين لخطر الموت. من جهة أخرى، فإنهم لا يختارون العودة إلى بلدانهم الأصلية"، مشيراً إلى الأرقام التي توضح أن 1,600 مهاجر قد تركوا البلاد في فبراير و765 في يناير و330 في ديسمبر، مقارنة بحوالي 62 مهاجر فقط تركوا البلاد في نوفمبر قبل صدور القانون الجديد.

وقد علق خليل قائلاً: "نحن نسمع مراراً وتكراراً الحكومة الإسرائيلية وهي تقول أننا عمالة وافدة ولسنا طالبي لجوء، ولكن إذا كنا عمالة وافدة فلماذا لا نأخذ المال ونرحل؟"

وأضاف أنه يعرف بعض المهاجرين الذين يدرسون قبول العودة الطوعية: "اعتقد أنهم قد تعبوا من السجن وعندما يسمعون عما ينتظرهم إذا كانوا محظوظين بما يكفي لإطلاق سراحهم- بأنه لا يوجد وظائف ولا خدمات صحية وأن الإسرائيليين ليسوا سعداء مطلقاً بوجودنا هنا- فإنهم يفكرون في المغادرة. إنهم يقومون بذلك بسبب اليأس".

الترحيل إلى بلد ثالث

وأحد الخيارات التي قيل أنها تعرض على طالبي اللجوء الإريتريين والسودانيين هي الترحيل إلى أوغندا، وهي بلد يدعي المسؤولون أنها وافقت على قبول طالبي اللجوء من إسرائيل. ولكن الحكومة الأوغندية نفت وجود مثل هذا الاتفاق. وقد وردت العديد من التقارير بأن المهاجرين الذي وافقوا على مغادرة إسرائيل إلى أوغندا قد تم ترحيلهم منها بعد وقت قصير من وصولهم.

وقال ميرون اسطفانوس الصحفي الإريتري وناشط حقوق الإنسان المقيم في السويد والذي يتواصل دائماً مع طالبي اللجوء الإريتريين في إسرائيل أن "الكثير من الناس يوافقون على هذا الاتفاق، ولكن عندما يصلون إلى أوغندا لا يجدون هذا الاتفاق. أعرف شخصاً وقع على هذا الاتفاق وبمجرد أن وصل إلى أوغندا قاموا بترحيله إلى مصر التي قامت بدورها بترحيله إلى إريتريا. وعند وصوله هناك تم احتجازه لمدة 10 أشهر. وبمساعدة من أقاربه قام بالهرب إلى السودان".

وقد أكدت رعوت ميخائيلي المدير التنفيذي لمنظمة الخط الساخن للاجئين والمهاجرين أنه كان لديهم حالتان لعملاء سابقين وافقوا على الذهاب إلى أوغندا وجرى بعدها ترحيلهم إلى إريتريا وسجنهم هناك.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قالت ميخائيلي: "نتلقى العديد من الطلبات بإلغاء تمثيلنا القانوني لهؤلاء الذين يغادرون والمحتجزين في هولوت ونحن نعتقد أن هذا يتم بناء على التعليمات التي يتلقونها من وزارة الداخلية. وبهذه الطريقة لا يمكننا مساعدتهم في الحصول على المعلومات التي يحتاجونها بخصوص حقوقهم عندما يعودون؟ ومن سيضمن سلامتهم؟ كما أننا لا نستطيع أيضاً أن نراقب وضعهم بمجرد أن يعودوا إلى السودان أو إريتريا".

وقال خليل أن لديه صديقاً وافق على العودة الطوعية وسافر عائداً إلى السودان منذ ثلاثة أشهر، مضيفاً أن "الشرطة السرية هناك اكتشفت بسرعة أنه كان في إسرائيل مما اضطره إلى الهرب من البلاد برفقة أسرته. والآن هم موجودون في إثيوبيا في مخيم لللاجئين".

علي* مواطن سوداني آخر استجاب لأمر الاستدعاء إلى هولوت منذ ثلاثة أسابيع بعدما عاش وعمل في تل أبيب العاصمة لمدة خمس سنوات. ويصر علي أيضاً يصر على أنه لن يقبل المغادرة الطوعية، حيث قال: "يحاول الوزير ساعر جعل حياتنا بائسة بأي وسيلة ممكنة حتى نفكر في العودة. أعرف أناساً يفكرون في العودة، ولكنني أفضل البقاء في السجن (في هولوت) بدلاً من العودة". 


* ليس اسماً حقيقياً   





[ لا يعكس هذا التقرير بالضرورة وجهة نظر نشطاء بلاحدود ]