محدودية وصول المساعدات الإنسانية إلى محافظة الضالع في اليمن

                                                                                                                                الصورة: عادل يحيى/إيرين 
قادة الحراك الجنوبي ينكرون مسؤوليتهم عن أعمال العنف في محافظة الضالع (تاريخ الصورة: أكتوبر 2012)

عدن, 15 مارس 2014 (إيرين)
يقول العاملون في المجال الإنساني أنهم لا زالوا يكافحون لإيصال المساعدات دون عائق إلى محافظة الضالع في جنوب اليمن، التي شهدت قتالاً بين وانفصاليين مسلحين والحكومة منذ ديسمبر 2013، مما أدى إلى مقتل نحو 40 مدنياً.

وتقول صنعاء أن الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة المتحالفة مع الحراك الجنوبي (ائتلاف بلا قيادة لجماعات مؤيدة للاستقلال معروف باسم الحراك) على طرق ومرافق إمدادات الجيش تؤدي إلى اشتباكات.


لكن ممثلي الحراك الجنوبي ينكرون أنهم يلجؤون إلى العنف، ويزعمون أن اللواء 33 مدرع، وهو الوحدة العسكرية المرابطة في المنطقة، يشارك في حملة لسحق المعارضة، ويقصف المناطق ذات الكثافة السكانية العالية بشكل عشوائي، ويطلق النار على المدنيين العزل.
وقد تعرض ما لا يقل عن 20 قرية، تُعد موطناً لحوالي 45,000 نسمة، "لقصف متكرر أو هجوم عنيف"، وفقاً للإحصاءات التي نشرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).

ولم تحصل بعثة الأمم المتحدة لتقييم الاحتياجات الإنسانية على إذن لدخول الضالع حتى الآن.

ويقول عمال الإغاثة أنهم يشعرون بالقلق إزاء أثر الصراع على السكان المحليين، وخاصة المواد الغذائية والمرافق الصحية، نظراً لورود تقارير تفيد بأن حوالي 440,000 شخص يعيشون في المناطق المتضررة من النزاع في محافظة الضالع. وقد تعرضت أربعة مستشفيات على الأقل للقصف، حسبما ذكرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.

وقد نزح ما يقدر بنحو 8,000 شخص بسبب النزاع، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). وفي شهر يناير الماضي، أُجبر 1,000 شخص على الفرار من قرية الوبح وحدها، بعد تعرضها لقصف متواصل.

ووصف عبد الفتاح محمد الجادي، الذي فر مع عائلته مؤخراً من الضالع إلى عدن، حالة الفوضى التي أجبرت السكان على الهروب من تلك المنطقة، قائلاً: "هناك هجمات يومية وإطلاق نار وتفجيرات... ولا يسعك إلا أن تنتظر الموت". وأضاف أن المدينة تتعرض للقصف في بعض الأحيان منذ شروق الشمس وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.

"كان أحد أصدقائي مسافراً مع ابنه على دراجة نارية، فأطلقوا عليهما النار وأردياهما قتيلين. وكان ابنه يبلغ من العمر ست سنوات". وذكر الجادي أن اسم صديقه كان فضل علي عبد الله، واسم نجله ناصر.

ولا تزال هيا، ابنة الجادي التي تبلغ من العمر 10 سنوات، تجفل عندما تسمع صوت الألعاب النارية. وتقول: "هناك حرب دائرة. إنهم يدمرون بيوتنا ومدارسنا وأنا خائفة ولا أريد أن أعود".

وتجدر الإشارة إلى أن ستة أطفال قد لقوا مصرعهم حتى الآن.

من جانبه، قال جوليان موركوم-هارني، ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) المقيم في اليمن أن "ما نشهده في الضالع هو أن نسبة النساء والأطفال الذين يتعرضون للقتل أو التشويه إلى إجمالي الضحايا أعلى بكثير مما كانت عليه في الصراعات الأخرى في بقية أنحاء البلاد". وأضاف أنه يجب على كل من الجيش والحراك الجنوبي "ضمان عدم إلحاق الأذى بالنساء والأطفال جراء هذا القتال".

ومن الجدير بالذكر أن اليمن يشهد حالياً صراعات متعددة تهدد عملية الانتقال السياسي. ففي محافظة عمران في شمال البلاد، أدت الاشتباكات إلى نزوح ما بين 20,000 و30,000 شخص منذ شهر أكتوبر الماضي، بينما تكررت الاشتباكات الطائفية في أقصى الشمال، كما تقاتل الحكومة تنظيم القاعدة في الجنوب.

"هجمات عشوائية وغير متناسبة"

وألمحت بعض جماعات حقوق الإنسان المحلية إلى أن الجيش قد ارتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، وعبرت نافي بيلاي، المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي عن قلقهما إزاء الطريقة التي يتصرف بها الجيش. وقالت بيلاي في بيان أصدرته يوم 26 فبراير: "إن ادعاءات القوات المسلحة اليمنية بشأن إطلاق النار عليها من قبل جماعات مسلحة أو تعرض قواعدها للهجوم، لا يمكن أن يبرر أبداً استخدام الهجمات العشوائية وغير المتناسبة في القوة".

وفي 27 ديسمبر 2013، فتح جنود من اللواء 33 مدرع النار على جنازة أحد أعضاء الحراك الجنوبي المعروفين داخل مدرسة بمدينة الضالع، مما أدى إلى مقتل 15 مدنياً، من بينهم طفلان. وقال الجيش أن المصفحات التي فتحت النار على هذا التجمع تعرضت للهجوم من قبل مسلحين، وهو إدعاء نفاه المشاركون في الجنازة.

ودعت منظمة هيومان رايتس ووتش الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى إعلان نتائج التحقيق الذي أمر بإجراءه في الهجوم. "ما لم يكن هناك تحقيق يثبت خلاف ذلك، يوجد سبب للقلق لأن هذا يبدو كانتهاك إلى حد كبير،" كما أشارت بلقيس ويلي، وهي باحثة في منظمة هيومان رايتس ووتش تعمل في صنعاء.

ويصعب التحقق من إدعاءات مثل تلك التي أدلى بها الجادي - أن الجيش قد فتح النار على المدنيين العزل في تلك المنطقة، "ولكننا سمعنا أن هذا يحدث بالفعل. وإذا كان هذا صحيحاً، فإنه يمثل انتهاكاً خطيراً لقوانين الحرب وانتهاكاً خطيراً محتملاً لحقوق الإنسان من قبل الحكومة اليمنية،" كما قالت ويلي.

وصول المساعدات

في الوقت نفسه، تحاول المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن التفاوض على الوصول إلى المنطقة لتقييم أثر القتال على السكان المحليين. ولكن ثبت أن من الصعب دخول الضالع حتى بعد الحصول على موافقة الحكومة (حاولت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) السفر إلى الضالع عدة مرات في شهر فبراير، ولكن قيل لها مراراً وتكراراً أنه شديد الخطورة). وقال موركوم-هارني: "أخبرتنا الأجهزة الأمنية الحكومية أن المنطقة غير آمنة، وهذا يفسر صعوبة الوصول إليها".

ويكمن جزء من المشكلة، وفقاً لمنظمات تعمل في محافظة الضالع، في أن صنعاء لا تستطيع أن تضمن السلامة في المنطقة بسبب عدم قدرتها على السيطرة على قائد اللواء 33 مدرع العميد عبد الله ضبعان.

وتأمل الامم المتحدة دخول الضالع في المستقبل القريب، على الرغم من فشل المحاولة التي قامت بها في أوائل مارس. وقال موركوم-هارني: "نحن مستمرون في الحوار مع الحكومة بشأن كيفية تحقيق ذلك، ومن المتوقع أن نحصل على فرصة للوصول في الأسبوع المقبل أو نحو ذلك. نحن، كمنظمات إنسانية، ندرك مخاطر العمل في مثل هذه البيئة المعقدة، ونحن على استعداد للقيام بهذا العمل، ولكن لا بد من التفاوض بشأنه".




[ لا يعكس هذا التقرير بالضرورة وجهة نظر نشطاء بلاحدود ]