دبي, 9 يناير 2014 (إيرين)
تحذر الأمم المتحدة من "الوضع الإنساني الحرج" الذي "من المرجح أن يزداد سوءاً" في أعقاب القتال المستمر بين المتمردين الإسلاميين والجماعات القبلية والقوات الحكومية في محافظة الأنبار العراقية، والذي نتج عنه نزوح 5,000 أسرة على الأقل.وتقف وكالات المعونة على أهبة الاستعداد لتقديم الغذاء والماء ومواد الإغاثة الأخرى للمتضررين من أعمال العنف التي اندلعت في مدينتي الفلوجة والرمادي والمناطق المحيطة بهما، لكنها تكافح من أجل الوصول إلى المناطق المتضررة بسبب القتال.
وكان متشددون مسلحون قد استولوا على المدينتين في بداية هذا العام، بعد أن شنت الحكومة غارة على مخيم احتجاج في مدينة الرمادي - التي تقع على بعد 100 كيلومتر إلى الغرب من بغداد. ويذكر أن محافظة الأنبار، وهي أكبر المحافظات العراقية، كانت في قلب حركة التمرد التي عارضت الاحتلال الأمريكي في عام 2003.
وقال نيكولاي ملادينوف، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، في بيان صدر في بغداد يوم الأربعاء الماضي أن "الوضع في الفلوجة يبعث على القلق بشكل خاص، فقد بدأت المخزونات الموجودة من الغذاء والماء والأدوية المنقذة للحياة في النفاد".
وشدد على أن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (UNAMI) "تعمل على نحو وثيق مع السلطات العراقية الوطنية والإقليمية فضلاً عن الشركاء في مجال العمل الإنساني لضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية وإمدادات الطوارئ" إلى السكان المتضررين.
وفي تصريح خاص لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قالت إليانا نبعه، المتحدثة باسم ملادينوف ومديرة مكتب الإعلام في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، أن الوضع الأمني الصعب يعرقل تقديم الدعم للأسر النازحة. وأضافت أن بضع شاحنات محملة بإمدادات الطوارئ اضطرت إلى العودة هذا الأسبوع.
من جانبه، ذكر باول كرجيشك، المتحدث باسم وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) في بغداد، أن الظروف تزداد صعوبة.
وقال خلال حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "عدداً كبيراً من المدنيين ما زالوا عالقين في هذه المدن أو أُجبروا على الفرار، والوضع الإنساني في تلك المناطق يزداد سوءاً يوماً بعد يوم".
وأضاف قائلاً: "إننا نتلقي معلومات تفيد بأن الإمدادات الغذائية والوقود يوشكان على النفاد، خاصة في الفلوجة. ومن المرجح أن يصبح توفير الغذاء مصدر قلق كبير في المستقبل القريب، وبالمثل، يمكن أن يعرقل انقطاع التيار الكهربائي المتكرر ونقص الإمدادات الطبية توفير الرعاية المناسبة في المرافق الصحية في المستقبل القريب".
نطاق غير واضح
ويبقى النطاق الكامل لهذا النزوح الأخير غير واضح. وتشير تقديرات وزارة الهجرة والمهجرين والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية إلى نزوح أعداد تتراوح بين 5,000 و9,000 أسرة، أي ما يعادل ما بين 25,000 و45,000 شخص على أساس أن متوسط عدد أفراد الأسرة الواحدة هو خمسة أشخاص.
"ومن الصعب معرفة العدد الدقيق للنازحين داخل محافظة الأنبار منذ بداية العام لأن الوضع شديد التذبذب ويتغير طوال الوقت،" كما أوضحت ديانا الموَلا، مسؤولة إدارة المعلومات الوطنية في مكتب المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في العراق.
وأضافت قائلة: "نعمل على جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات الجديدة بأسرع ما يمكن حتى نتمكن من تحديد أفضل استجابة يمكننا القيام بها".
ومن الجدير بالذكر أن أعمال العنف التي اندلعت في الفلوجة والرمادي تأتي على خلفية الأحداث الدموية التي ميزت عام 2013 في العراق، الذي شهد ما يقرب من 8,000 حالة وفاة بين المدنيين - وهو أعلى معدل تم تسجيله منذ أكثر من خمس سنوات.
وأشارت الموَلا إلى أن الوضع الأمني المتدهور خلال الـ18 شهراً الماضية أدى إلى "موجات كبيرة من النزوح" في جميع أنحاء البلاد، لكنها أوضحت أنه في حين كان النزوح من الأنبار خلال الأشهر الـ18 الماضية ناجماً إلى حد كبير عن تهديدات محددة بالعنف ضد أسر بعينها على أسس طائفية، إلا أن العديد من الناس يغادرون ديارهم الآن جراء المخاوف من أعمال العنف المستمرة.
"وفي ظل هذه التطورات الأخيرة في محافظة الأنبار منذ بداية شهر يناير، نعتقد أن الناس يتنقلون الآن بسبب القتال المستمر وخوفاً على حياتهم، فضلاً عن نقص الاحتياجات والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والتدفئة والسلع الأساسية،" حسبما ذكرت.
على استعداد للاستجابة
وقد أعلنت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين خلال مؤتمر صحفي في جنيف هذا الأسبوع أن المفوضية مستعدة لتقديم مواد الإغاثة مثل البطانيات وأواني المطبخ وفرش النوم للنازحين جراء أحداث العنف الاخيرة في الفلوجة والرمادي.
من الصعب معرفة العدد الدقيق للنازحين داخل محافظة الأنبار منذ بداية العام لأن الوضع شديد التذبذب ويتغير طوال الوقت
وأكدت لين فيدا، مسؤولة الإعلام في مكتب المفوضية بالعراق، أن "التحدي الأكبر الذي يواجهنا في الوقت الراهن هو الوضع الأمني، فهو في غاية التعقيد، لكننا نعمل مع جميع وكالات الأمم المتحدة للتأكد من أننا نستطيع أن نلبي احتياجات الأسر النازحة في أسرع وقت ممكن".فضلاً عن ذلك، يقف برنامج الأغذية العالمي على أهبة الاستعداد للمساعدة، ولكنه، مثل الوكالات الأخرى، ينتظر الحصول على تصريح أمني لكي يتمكن من تقديم العون للمحتاجين.
وقالت جين بيرس، ممثلة برنامج الأغذية العالمي والمديرة القُطرية، في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (لإيرين) أنه من المرجح أن يكون نظام الحصص الغذائية الحكومي قد تعطل في محافظة الأنبار بسبب القتال، وأن هناك مخاوف حول توصيل الإمدادات إلى الناس الذين تقطعت بهم السبل أو نزحوا من مجتمعاتهم.
وأضافت أن "الأنبار لا تزال في حالة صراع إلى حد كبير، ومن الصعب للغاية بالنسبة لنا معرفة إجمالي عدد المتضررين".
كما أخبرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "ما نفهمه هو أنه قد حدث نزوح كبير للغاية، وإذا كان هذا هو الحال، فإننا بحاجة إلى إيجاد طرق لتوصيل الدعم الغذائي للناس حتى يتمكنوا من استعادة صلاتهم بالنظام الحكومي المركزي مرة أخرى".
وأضافت قائلة: "نحن نستعد الآن لمعرفة الاحتياجات، ونفحص خطوط التوريد القادمة إلينا من المنبع للتأكد من أننا مستعدون للتحرك. لدينا إمدادات مخزنة هنا في العراق وهي جاهزة للتوزيع السريع، على سبيل المثال لوازم الطوارئ الأساسية مثل البسكويت المقوى بالمغذيات الدقيقة والطرود الغذائية العائلية".
وكررت بيرس ما ذكره موظفو الأمم المتحدة الآخرون في بغداد، وهو أنه "يجب أن تسمح الأوضاع الأمنية بإجراء تقييمات، وبمجرد الحصول على تصريح، يمكننا بعدها نقل الإمدادات بسرعة كبيرة".
تدفق اللاجئين إلى الأردن
وتم إلقاء اللوم على التوتر المستمر في الفلوجة والرمادي الذي دفع اللاجئين العراقيين إلى عبور الحدود إلى المملكة الأردنية المجاورة، التي تقع بالفعل تحت ضغط شديد من جراء استضافة أكثر من 600,000 لاجئ سوري.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال الممثل القُطري للمفوضية أندرو هاربر في تغريدة على موقع تويتر أن 415 عراقياً في المتوسط سجلوا طلبات للحصول على وضع لاجئ في الأردن كل أسبوع خلال شهر ديسمبر.
وفي السياق نفسه، أشارت أحدث الإحصاءات الصادرة عن المنظمة الدولية للهجرة، إلى وصول 13,000 نازح من الأنبار إلى إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق. ويقيم غالبيتهم في فنادق أو منازل مستأجرة أو مع الأسر بالعاصمة أربيل، حسبما علمت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).
من ناحية أخرى، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أنها تعمل مع المفوضية والحكومة المحلية لبناء مخيم جديد في منطقة أربيل لاستيعاب النازحين من محافظة الأنبار بالتحديد. كما انضم برنامج الأغذية العالمي والمنظمات غير الحكومية الأخرى إلى الاستجابة للاحتياجات الغذائية والمياه والصرف الصحي، في حين قالت منظمة الهجرة الدولية أنها ستقيم 325 خيمة وتوزع مجموعات أخرى من اللوازم غير الغذائية.