نيروبي, 23 أكتوبر 2013 (إيرين)
أفاد تقرير صدر مؤخراً عن منظمة بلان الدولية غير الحكومية المعنية بحقوق الطفل أن الفتيات يعانين أكثر من بقية السكان أثناء وقوع الكوارث.
وقال جيزهيجن كيبيدي، مدير منظمة بلان الدولية، خلال حدث تم تنظيمه لإطلاق التقرير أن "الرجال والنساء والفتيان والفتيات يختبرون الكوارث بطرق مختلفة. فعدم المساواة والضعف القائمين بالفعل يتفاقمان عند وقوع الكوارث ويؤثران على الفتيات والنساء أكثر من غيرهم".
وأضاف قائلاً: "في حالات الطوارئ، ونظراً لنوعهن الاجتماعي وأعمارهن ووضعهن الإنساني، تعاني الفتيات من ثلاثة أضعاف الضرر الواقع على الآخرين". غير أن التعليم يمكن أن يكون أداة قوية للتخفيف من حدة الأضرار، كما يمكنه أن يؤدي إلى تحسين سبل معيشتهن إلى حد كبير.
ويدفع التقرير المعنون: "وضع الفتيات في العالم 2013 - خطر مزدوج: المراهقات والكوارث" بأن مزيج التوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية يمكن أن يؤدي إلى التمييز ضد الفتيات أثناء الكوارث.
ويلحظ المؤلفون أن "ثلاثاً من المجموعات الأربع الرئيسية لحقوق الإنسان ذات الصلة الوثيقة بالفتيات المراهقات – وهي: الحق في الحماية؛ التنمية من خلال التعليم، والمشاركة - هي أيضاً من ضمن الأولويات التي تأتي في أدنى مرتبة وغالباً ما تتلقى التمويل الأقل من المجتمع الإنساني. ويرجع ذلك لعدم النظر إلى هذه الحقوق باعتبارها منقذة للحياة بشكل مباشر - مثل الغذاء والماء والمأوى".
أشار كيبيدي من منظمة بلان قائلاً: "بصفة عامة، عندما تكون الأوقات عصيبة وتتوافر موارد منزلية أقل من أجل الرسوم المدرسية، والزى المدرسي، يصبح التفضيل للأبناء الذكور حينها. وإذا اضطرت الأسر إلى الاختيار، فهي تفضل استمرار التعليم للبنين عنه للبنات".
وقد أشارت الأبحاث التي أجراها مؤلفو التقرير في زيمبابوي وجنوب السودان وموزمبيق إلى أن احتمالية الذهاب إلى المدرسة بعد وقوع كارثة أعلى لدى الأولاد مقارنة بالفتيات.
وقالت روز أوديامبو، الرئيس التنفيذي للجنة النوع الاجتماعي والمساواة في كينيا أن "الفتيات في العالم النامي يملن إلى المعاناة أكثر في الحياة. فهن في الأساس ضعفاء و يواجهن كل شيء بدءاً من تهديد الزواج المبكر والعنف ووصولاً إلى حقيقة بسيطة مفادها أن أهلهن لا يعتقدون أن الفتيات لهن أهمية بما فيه الكفاية حتى يذهبن إلى المدرسة".
المزيد من حالات زواج الأطفال خلال الطوارئ
ووفقاً للمركز الدولي للبحوث المتعلقة بالمرأة، تتزوج ثلث الفتيات قبل سن الـ 18، كما تتزوج واحدة من كل تسع فتيات قبل أن تبلغ سن الـ 15 على المستوى العالمي.
وقال كيبيدي أنه "عادة ما تزداد حالات زواج الأطفال خلال الطوارئ لعدة أسباب مختلفة، يتعلق بعضها بتوفير دخل للوالدين".
وتظهر الأبحاث التي أجريت في وقت سابق أن الخوف من العنف القائم على النوع الاجتماعي والحمل خارج الزواج يمكن أن يحفزا الأسر في الدول الهشة على تزويج الفتيات في سن مبكرة جداً كإجراء وقائي.
والجدير بالذكر أن الفتيات دون سن 15 أكثر عرضة للوفاة أثناء الولادة خمس مرات مقارنة بمن يلدن في العشرينات من العمر، كما أن احتمال تعرض المتزوجات قبل سن 18 للاعتداء الجسدي أو التهديد من قبل أزواجهن يصل للضعف مقارنة باللاتي يتزوجن في وقت لاحق.
وفي موزمبيق، على سبيل المثال، تتزوج نحو 60 بالمائة من الفتيات غير المتعلمات في سن الـ 18 مقارنة بـ 10 بالمائة فقط من أولئك اللاتي أنهين المرحلة الثانوية، وفقاً للمركز الدولي للبحوث المتعلقة بالمرأة.
العنف القائم على النوع الاجتماعي أثناء الكوارث
وتزيد برامج المساعدات الإنسانية التي لم تُدرس بعناية أيضاً من المخاطر التي تواجه الفتيات في حالات الكوارث. وعن ذلك قال كيبيدي:"نحن جميعاً على دراية بمخاطر تفاقم العنف القائم على النوع الاجتماعي الناجم عن برامج مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة العامة التي لا تأخذ بعين الاعتبار كيفية إنشاء المراحيض ومراكز توزيع المياه، على سبيل المثال."
"وتفيد دراسات مختلفة أن العنف القائم على النوع الاجتماعي داخل المدرسة وحولها يعتبر قضية رئيسية تحتاج إلى معالجة، وغالباً ما يقوم المعلمون باستغلال الفتيات بدلاً من حمايتهن،" كما قالت إلكه ويتش، نائب المدير الإقليمي لمنظمة اليونيسف بمنطقة شرق وجنوب أفريقيا.
وفي البلدان الهشة مثل الصومال، يمكن للأطر التنظيمية المتراخية أو غير المتوفرة بالإضافة إلى التوجهات الثقافية أن تزيد من العنف ضد النساء والفتيات.
"فالقضية في الصومال هي أن العنف القائم على النوع الاجتماعي ما يزال يعني بالنسبة للكثيرين الاغتصاب فقط. فلا يعتبر إنكار الحق في التعليم أو الحرمان من الموارد أو ختان الإناث أو الزواج المبكر بالإكراه عنفاً قائماً على النوع الاجتماعي،" وفقاً لما صرحت به الواد علمان، مدير برامج بمركز علمان للسلام وحقوق الإنسان في مقديشو..
ولم تصادق الصومال بعد على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" حيث قالت علمان أن الاستراتيجيات المبتكرة لدعم النساء والفتيات الصوماليات لها، في الواقع، أهمية قصوى."
التعليم هو الحل
وتشير ويتش من منظمة اليونيسف إلى أنه "هناك أدلة دامغة على أن تعليم الفتيات هو قوة تحويل حافزة للمجتمعات والفتيات أنفسهن،" مضيفة أنه "المحدد المتسق الإيجابي الوحيد تقريباً لكل من نتائج التنمية المرجوة، بدءاً من خفض معدل الوفيات والحد من الفقر وتحقيق النمو العادل، ووصولاً إلى تعزيز المشاركة وتحقيق الديمقراطية."
من جهته، قال كيبيدي أن "احتمالية زواج الفتاة وإنجابها أطفالاً وهي لا تزال طفلة أقل بالنسبة لمن أكملت تعليمها. وهي أكثر ميلاً لأن تكون مثقفة وتتمتع بالصحة والبقاء على قيد الحياة حتى سن البلوغ، وكذلك أطفالها".
ولكن الصراع يعوق حصول الفتيات على التعليم. وتعتقد منظمة بلان الدولية أن نصف ما يقدر بنحو 57 مليون طفل من المتسربين من التعليم الابتدائي يقيمون في البلدان المتأثرة بالصراعات.
وقال كيبيدي: "عندما ندرج الكوارث الدورية أو التي طال أمدها، يصبح هذا الرقم بالطبع أعلى من ذلك."
وتظهر الأبحاث التي أجريت حول الكوارث على مدى 20 عاماً في 141 بلداً أن الذكور هم في العموم من يتلقى معاملة تفضيلية عن البنات فيما يتعلق بجهود الإنقاذ.
من ناحية أخرى، يمكن لاستخدام التكنولوجيا الجديدة، فضلاً عن الشراكات والسياسات المبتكرة، أن تساعد على تحسين فرص الحصول على التعليم، خاصة بالنسبة للفتيات في حالات الكوارث.
وفي بنجلاديش، تُمكّن المدارس العائمة العاملة بالطاقة الشمسية المجتمعات المحلية المتضررة من الأمطار الموسمية وارتفاع منسوب مياه البحر من مواصلة تعليمهم رغم السيول والفيضانات.
وعن طريق تحديد أولويات التعليم في إطار الاستجابات لحالات الطوارئ، توفر حالات الكوارث فرصة لإلحاق المزيد من الفتيات بالمدرسة، حيث قال كيبيدي: "يوفر التعليم في حالات الطوارئ مساحات آمنة للفتيات والفتيان، ودعماً نفسياً واجتماعياً، كما يوفر مساحة لدعم الأقران وغالباً ما يُستخدم لإيصال الرسائل المنقذة للحياة على مدى المراحل الأولى من وقوع الكارثة."
ويدعو التقرير، من بين أمور أخرى، إلى جمع كم أكبر من البيانات المصنفة بحسب النوع الاجتماعي من أجل التوصل لسياسات مدروسة بصورة أفضل، وتنفيذ مبادرات محددة لمعالجة نقاط الضعف التي تتفاقم بسبب النوع الاجتماعي، لاسيما في مجال الوقاية من الكوارث والاستجابة لها.