المشهد الأول، قبل سنة، ومن قبلها سنة, تألقت قمة ناطحة السحاب «ذ إمباير ستيت» في نيويورك باللون البرتقالي الزاهي. وقبلها بأيام, ولم تكن المرة الأولى، التي دعا فيها بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة رجال العالم أجمع إلى ارتداء لباس بلون برتقالي. ففي ذاكرة العالم الرقمية، ومرورا بهذه السنوات، نشرت صور كثيرة جدا لنساء ورجال على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يرتدون اللون البرتقالي.
المشهد الثاني، ولتفسير العجب، كان السبب وراء فكرة اللون البرتقالي في المشهد الأول يعود الى شهر فبراير عام 2008, عندما قام الأمين العام للأمم المتحدة بتدشين حملة «اتحدوا من أجل إنهاء العنف ضد المرأة» والتي امتدت سبع سنوات (2008 -2015 ). وهذه الحملة تعتمد على شعار «النساء والرجال متحدون للقضاء على العنف ضد المرأة والفتيات».
وتخاطب الحملة الحكومات والمجتمع المدني ومنظمات المرأة والشباب والقطاع الخاص والإعلام وجميع أجهزة الأمم المتحدة وتدعوهم إلى العمل يدا بيد على معالجة وباء العنف ضد النساء والفتيات. وقد تم تحديد يوم الخامس والعشرين من شهر نوفمبر من كل عام ليكون «اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة».
وجاء تحديد هذا التاريخ إحياءً لذكرى الاغتيال الشنيع الذي وقع عام 1960 والذي استهدف الناشطات السياسات في الجمهورية الدومينيكية (الأخوات الثلاث ميرابيل).
المشهد الثالث، ومن قلب الحدث, تحتفل أيضا حملة الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 25 من «كل شهر» وتصف هذا اليوم «باليوم البرتقالي» لإنهاء العنف ضد المرأة.
والمميز هذا العام أيضا، هو اعتماد نشر «الفكرة البرتقالية» مدة 16 يوما ابتداء من الاحتفال «باليوم الدولي لإنهاء العنف ضد المرأة» ويمتد حتى يوم الاحتفال «بيوم حقوق الإنسان» الذي يصادف 10 ديسمبر.
والجميل أن أنشطة الحملة ترتكز على فكرة نشر اللون البرتقالي وسط كل محيط، وعلى ضفاف كل نهر يلتف حول دعم هذه القضية. سواء من خلال تلوين الجدران أو تعليق اللافتات البرتقالية في كل زاوية ومكان أو نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ثلاثة مشاهد، والشاهد, أنها ما بين فرض ووجوب، ولأن العنف ضد المرأة يعتبر انتهاكا لحقوق الإنسان وينجم عن التمييز ضد المرأة قانونياً وعملياً وكذلك عن استمرار نهج اللا مساواة بين الجنسين تصل بنا القناعة إلى منعطف واحد يعكس لنا أن التعاطف وحده أمام حالات العنف لم يعد يكفي ولا يفي المرأة حقها.
وما زاد طيننا بللا, أنه بين كل 10 نساء وفتيات 7 منهن يتعرضن لشكل من أشكال العنف. يا ترى، إلى متى سنظل صامتين وبلا حراك؟ ألم يئن الأوان بعد، لكسر حاجز الصمت؟! كانت هذه كلمات الأمين العام للأمم المتحدة: «اكسروا حاجز الصمت ولا تقفوا مكتوفي الأيدي عند مشاهدة ظواهر العنف ضد النساء والفتيات».
وعليه، وتضامنا مع النساء واحتجاجا على ما يتعرضن له في العالم من عنف واستغلال، على الجميع أن يشارك في نشر «الفكرة البرتقالية» للتصدي للعنف ضد المرأة بكل أشكاله.
بقلم: رؤى الحايكي