الصورة: إيرين - أوتشا/ ريتشي شايروك
|
لندن, 3 ديسمبر 2014 (إيرين)
وكانت التوقعات حتى الآن غير دقيقة، لذلك هناك حاجة واضحة لوضع طرق أفضل لنماذج التوقع. ولذلك تقوم منظمة البحوث الصحية خلال الأزمات الإنسانية R2HC، وهي هيئة تمويل بريطانية، بتمويل مشروعين مرتبطين بالإيبولا بهدف تحسين التوقعات الوبائية.
وفي هذا الإطار، قال دانيال ديفيس، مدير البرنامج لدى منظمة البحوث الصحية خلال الأزمات الإنسانية لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "كان أول شيء سألنا عنه هو ما إذا كانت [هذه المبادرة] تلبي الاحتياجات الملحة للاستجابة إيبولا ومعالجة مسألة: ’ما الذي لا نعرفه عن كيفية القيام بذلك بشكل فعال؟‘ كما سألنا أيضاً ما إذا كان من المرجح أن تسفر عن نتائج مفيدة وكذلك عن سرعة توفر تلك النتائج".
تتبع بيانات الهاتف الجوّال
ويدرس أحد المشاريع البحثية (الذي يقوم به فريق مجموعة علم البيئة وعلم الأوبئة المكاني في جامعة أكسفورد) إمكانية استخدام بيانات الهاتف الجوّال لتتبع حركة الدخول والخروج من المناطق المتأثرة بالإيبولا من أجل تقييم انتشار الفيروس.
ولا تزال المفاوضات مستمرة مع شركات الاتصالات حول نوع البيانات التي سيتم الإفصاح عنها من قبلهم، ولكن عادة في مثل هذه الحالات توافق شركات الاتصالات على تقديم الإحصائيات عن عدد الهواتف الجوّالة التي انتقلت من مكان إلى آخر خلال أسبوع معين. فعلى سبيل المثال، عندما ظهرت الحالات الأولى للإيبولا في ليبيريا في منطقة فويا بالقرب من الحدود مع غينيا، كان من الممكن لمثل هذا النوع من البيانات أن يظهر إذا كان سكان فويا يبقون عادة في محيطهم، أو أنهم - بسبب عيشهم في بلدة حدودية ومركز تجاري رئيسي- يتنقلون بشكل نشط بين فويا وأقرب بلدة كبيرة، وهي فوانجاما، وبين فويا والعاصمة مونروفيا.
وقال نك جولدنج، أحد علماء البيئة مع المجموعة: "الطريقة الأخرى الوحيدة التي تمكّنك من فعل ذلك، ستكون بالذهاب الى هناك وإعطاء الجميع أجهزة نظام تحديد المواقع العالمي GPS، ولكن هذا لن يحدث. والمشكلة مع بيانات الهاتف الجوّال هي أنها تميل إلى التوقف عند حدود البلد. ومن أجل الحصول على فكرة عن الحركة عبر الحدود فإننا نقوم بتعزيزها من خلال بيانات التعداد السكاني التي تخبرنا شيئاً عن الأنماط الأطول مدةً فيما يتعلق بكيفية حركة الناس بين البلدان. إنها ليست طريقة مثالية، لكنها أفضل المعلومات المتوفرة لدينا".
وقد أظهرت السرعة التي انتقل بها الفيروس إلى مونروفيا أن فويا في الواقع "على تواصل نشط" للغاية. وقال جولدنج أن القدرة على التنبؤ بالتفشي المقبل المحتمل لن تكون أقل أهمية بل ستصبح أكثر أهمية مع التمكن من السيطرة على التفشي وتقييده في نقاط ساخنة معزولة في المناطق الريفية.
وأوضح قائلاً: "الموارد محدودة، ونحن بحاجة إلى ملاحظة كل تفشٍ فور حدوثه. ففي الماضي، تمت السيطرة على الإيبولا لمجرد ملاحظة حالات التفشي المعزولة والتعامل معها".
وهناك حالياً تفشٍ للمرض في مقاطعة ريفرسيس في ليبيريا، وهي مقاطعة تضم عدداً قليلاً من الطرق ويصعب السفر إليها. وقد تكون بيانات الهاتف الجوّال قادرة على التنبؤ باحتمال انتشار الفيروس شرقاً، أو إلى مقاطعة غيديه الكبرى المجاورة، وهي المنطقة التي أبلغت حتى الآن عن حالات قليلة. ومن شأن ذلك أن يظهر للفرق الصحية المواقع التي قد يحتاجون إلى تركيز جهودهم عليها.
ويأمل فريق أكسفورد في تقديم نتائجه الأولية لمنظمة الصحة العالمية في غضون ثلاثة أسابيع.
تنبؤات خاطئة
ويواجه واضعو النماذج الرياضية مهمة صعبة للتنبؤ بانتشار فيروس الإيبولا نظراً لأن التوقعات السابقة كانت خاطئة ولم تستند إلى قاعدة سليمة، مما يجعل أولئك الذين يعملون على الأرض يتشككون في هذه الأرقام. ففي منتصف أكتوبر، على سبيل المثال، توقعت منظمة الصحة العالمية أنه، على افتراض أن الأمور ستبقى على نفس المنوال، سيكون هناك 5,000 إلى 10,000 حالة جديدة أسبوعياً بحلول أوائل ديسمبر. وأظهرت تحديثات منظمة الصحة العالمية الصادرة في 26 نوفمبر أنه توجد فقط 600 حالة جديدة في جميع أنحاء البلدان الثلاثة الأكثر تضرراً. وحتى عند وضع الحالات غير المبلغ عنها في الحسبان، تقدّر مراكز الولايات المتحدة لمكافحة الأمراض والوقاية منها بأن العدد يتراوح بين 1,000 و2,000 حالة.
"لا أريد الانتقاص من جهود واضعي النماذج، ولكن ما تعلمناه من هذا الوباء هو أنه من الصعب جداً التنبؤ به، لذلك اتخذنا قرارات قليلة جداً على أساس هذه الأنواع من النماذج حتى الآن"
وقالت ميكاييلا سيرافيني، المدير الطبي لدى منظمة أطباء بلا حدود في سويسرا لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لقد استخدمت التوقعات السابقة الكثير من الافتراضات التي كان من الصعب الاعتماد عليها. لذلك تعمل منظمة أطباء بلا حدود في الغالب بالاعتماد على الأدلة المتوفرة لنا بأنفسنا. نحن ندير مراكز العزل في أربع دول، وهذا يعني أنه يمكن أن نكون أكثر حساسية لأية تغييرات، على سبيل المثال، إذا كان لدينا عدد أقل من الحالات في أسبوع ما مقارنة بالأسبوع الذي سبقه. لا أريد الانتقاص من جهود واضعي النماذج، ولكن ما تعلمناه من هذا الوباء هو أنه من الصعب جداً التنبؤ به، لذلك اتخذنا قرارات قليلة جداً على أساس هذه الأنواع من النماذج حتى الآن".وسعى مشروع بحثي آخر ممول من قبل منظمة البحوث الصحية خلال الأزمات الإنسانية، يقوم بإجرائه هذه المرة فريق من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، إلى تجنّب التوقعات الوبائية الواسعة النطاق المحفوفة بالمخاطر. ويحاول المشروع تقديم نماذج أقرب ما تكون إلى الواقع. ويعمل مركز النماذج الرياضية للأمراض المعدية اعتماداً على الأرقام اليومية الصادرة عن مراكز العلاج في البلدان المتضررة. ويشدد الفريق على ضرورة مواصلة الاستجابة السريعة والمرنة وعدم النظر بعيداً جداً إلى الأمام.
وقال سيباستيان فونك، مدير مركز النماذج الرياضية: "منذ البداية ونحن نعمل جنباً إلى جنب مع منظمة أطباء بلا حدود.في البداية كان التنبؤ يتعلّق بعدد الأسرة التي يحتاجون إليها. كانوا يرسلون لنا البيانات التي تم جمعها على الأرض ونقوم نحن بتحليلها بالنيابة عنهم، وأعتقد أنهم قد وجدوا ذلك مفيداً".
وترغب المجموعة الآن في جمع البيانات من العديد من مراكز العلاج المختلفة بخصوص أعمار المرضى، وشدة الأعراض، وفي أي وقت تم قبولهم، ومدة بقائهم ومعدل الوفيات. ويمكن للنتائج، كما يقولون، أن تعطي مؤشرات لتحسين السيطرة على العدوى، وتوفير أنظمة علاج أفضل، وربما تعطي لمحة عن التغييرات في سلوك المجتمع أو تطور الفيروس.
كما أنهم سيقومون بالعمل مع منظمة إنقاذ الطفولة في المملكة المتحدة للمساعدة في تقييم أثر وحدات الرعاية المجتمعية للإيبولا وإذا كانت تساعد في السيطرة على انتشار المرض أو إذا كانت تخلق مخاطر إضافية لمقدمي الرعاية في الوحدات.
"ما نريد أن نعرفه هو أفضل السبل لتوزيع اللقاح"
وهناك مشروع آخر يتعلق بالنظر في القضايا المرتبطة بلقاحات الإيبولا المحتملة. وقال فانك بهذا الصدد: "نحن نعلم من منظمة الصحة العالمية متى يمكننا أن نتوقع أن يكون هناك لقاحات متوفرة وما هي الكميات المتوقعة. ولكن ما نريد أن نعرفه هو أفضل السبل لتوزيع تلك الجرعات، وإذا ينبغي إعطاء الأولوية لمناطق معينة أو توزيعها في كل مكان بشكل متساوٍ. ولكن من الواضح أنه لا يوجد أي شيء غير قابل للتغيير. علينا أن ننظر إلى سيناريوهات مختلفة، لأننا لا نعرف ما هو المسار الذي سوف يتبعه الوباء إلى أن يصبح اللقاح متوفراً".
ويأمل فانك وزملاؤه في أن تتوفر نتائجهم في الوقت المناسب لتقديم الإرشاد فور توفر اللقاح.