القدرة على تشخيص الإيبولا بحاجة للتعزيز

                                                                               الصورة: تومي ترنتشارد/إيرين
                 عامل صحي يقوم بفحص عينة دم للكشف عن الإيبولا في مستشفى كينيما الحكومي في شرق سيراليون

تقول وكالات الإغاثة والعاملون الصحيون أن الثغرات الخطيرة في البنية التحتية غير الظاهرة للعيان تعيق سرعة الاستجابة للإيبولا وجهود احتواء الوباء في غينيا وليبيريا وسيراليون.

فبالإضافة إلى الحاجة الواضحة للمزيد من الأسرّة والمعدات الطبية والأطباء المؤهلين والممرضين وفنيي المختبرات، تقول وكالات الإغاثة والعاملون الصحيون أن القدرة على تأكيد أو نفي حالات الإيبولا المشتبه بها بسرعة وبدقة هو أمر حيوي للتمكن من السيطرة على هذا التفشي.

وفي هذا السياق، قال آلان كيمب، رئيس المعهد الوطني لمكافحة الأمراض المعدية في جنوب أفريقيا، الذي يدير مختبراً متنقلاً في مركز لاكّا لعلاج الإيبولا في فريتاون: "تحتاج البلاد بالفعل لزيادة قدرتها على الوصول إلى القدرات التشخيصية وهذا لا يتعلق بسيراليون فقط، ولكن بمنطقة غرب أفريقيا برمتها".

وفي حين تراكمت العينات التي تحتاج إلى الفحص لفترة طويلة، يتوفر الآن 13 مختبراً، خمسة منها في كل من سيراليون وليبيريا وثلاثة في غينيا، للقيام بالفحص. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تمتلك هذه المختبرات القدرة على اختبار ما يصل إلى 1,170 عينة في اليوم.

ولكن حتى مع زيادة عدد المختبرات العاملة، لا تزال عملية تشخيص المرضى صعبة.

وأخبر كيمب شبكة الأنباء الإنسانية  قائلاً: "لا تكمن التحديات إلى حد كبير في توفر المختبرات، بقدر ما هو الحصول على تلك العينات التي تحتاج إلى الاختبار".

جمع العينات

فجمع عينة من شخص يشتبه بإصابته بفيروس الإيبولا يكون عادة بسحب الدم من الشخص الحيّ أو مسحة من لعاب الشخص المتوفى. وهذا إجراء محفوف بالمخاطر، ويجب أن يقوم به أطباء أو ممرضون مدربون تدريباً خاصاً أثناء ارتدائهم معدات الحماية الشخصية الكاملة (PPE).

ويجب تغليف كل عينة ثلاث مرات ضمن حاويات خاصة مضادة لتسرب الماء ومن ثم تطهير العبوة قبل إرسالها إلى المختبر.

وقالت مارغريت هاريس، الناطقة باسم منظمة الصحة العالمية في سيراليون: "إن سلسلة النظم المرتبطة بالحصول على عينات ونقلها من وإلى المختبرات تواجه صعوبات من لحظة أخذ العينة. وأحياناً لا يتم تعبئة العينة بشكل صحيح أو الكتابة على البطاقة التعريفية بشكل واضح". وأوضحت أن هذا ما يحدث غالباً نتيجة لانخفاض القدرة على استخدام اليدين بسهولة أثناء ارتداء معدات الحماية الشخصية.

وفي بعض الأحيان تكون العينات غير صالحة للاستعمال. وفي أحيان أخرى، تحمل العينات بطاقات تعريفية خاطئة مما يعني أن المختبر لن يكون قادراً على معرفة الجهة التي يجب إرسال النتائج إليها مما يؤخر التشخيص.

وتقول منظمة أطباء بلا حدود أن الخطوط الساخنة المخصصة للإحالة والتي تشهد ضغوطاً كبيرة وعدم توفر سيارات الإسعاف يعني أن الكثير من الناس لا يمكنهم الوصول إلى مراكز العلاج لإجراء الاختبارات. كما لا يزال بعض الأشخاص خائفين من إجراء الاختبار.

وقالت ناتاشا رييس، المنسق الطبي لدى منظمة أطباء بلا حدود في ليبيريا: "الخوف ليس جزءاً من البنية التحتية، لكنه ما زال يمثل تحدياً في إيصال الناس لهذه المراكز التي غالباً ما يكتنفها الغموض".

ويطرح أخذ العينات من الأشخاص المتوفين مشاكل خاصة، حيث لا تزال العديد من المجتمعات تقاوم جامعي الجثث، وغالباً ما ترفض السماح لهم بأخذ عينات من الجسم لأسباب ثقافية.

وأضافت هاريس قائلة: "عند القيام بجمع عينات من خلال استخدام مسحة من الجثث، كان على الفرق المتخصصة بالدفن الاختيار أحياناً بين الدخول في مواجهة مع العائلة أو دفن المتوفى بسرعة وهو ما يعد أولوية بالنسبة لهم لوقف انتقال المرض ومن ثم الخروج من البلدة".

نقل العينات

وتتوفر الآن مختبرات في العديد من مراكز العلاج، مما يعني أن العينات تحتاج فقط إلى الانتقال داخل الوحدة أو إلى مبنى مجاور لإجراء الاختبار.

ولكن تبرز المشاكل عندما لا يكون هناك مختبر قريب. فنحو 62 بالمائة فقط من المناطق المتضررة بفيروس الإيبولا، في البلدان الثلاثة لديها إمكانية الوصول إلى خدمات المختبرات، وذلك وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

وتابعت هاريس حديثها قائلة أن "تحديات الإمداد والتموين مشابهة لأي منطقة تعاني من ضعف البنية التحتية. فنحن بحاجة للوصول إلى القرى النائية، عبر تضاريس وعرة ... والتي قد تكون على بعد 10 أميال فقط ولكن يستغرق الوصول إليها عدة ساعات".

وفي المدن الكبيرة، يمكن أن تؤخر الاختناقات المرورية والحوادث عملية الاختبار عدة ساعات إذا كان يتوجب إرسال العينة عبر المدينة. ويكون من الصعب أحياناً إيجاد عربة لنقل العينات.

وقال نويل توردو، عالم الفيروسات في معهد باستور في غينيا: "الأمر المهم هو أن يكون مركز العلاج بالقرب من مركز التشخيص. لا يمكنك حقاً تسريع إرسال العينة بسبب ظروف الطرق وقضايا النقل الأخرى. يمكنك أن تعطي النتائج عن طريق الهاتف، ولكن إذا كان مركز التشخيص بعيداً، فمن الصعب تقليص الوقت الذي سوف تحتاجه للوصول من ذلك المركز إلى الآخر".

نقل النتائج

وبمجرد وصول العينات إلى المختبر، يستغرق الفنيون ما بين 4 - 6 ساعات للحصول على النتائج الأولية.

وفي حين يجري اختبار تقنيات جديدة، مثل إجراء الاختبارات بوخز الإصبع، والتي من شأنها أن تشخص الإصابة بالإيبولا في أقل من 30 دقيقة ودون الحاجة للمختبر، إلا أنها ليست متوفرة بعد على نطاق واسع، ولم يتم اختبارها بشكل كامل حتى الآن للتأكد من الدقة أو الحساسية.

وفي الوقت الراهن، يتم تسجيل الحالات الإيجابية في نظام يقوم بعدها ببدء سلسلة من التدابير مثل اقتفاء أثر المخالطين، وإجراءات الحجر الصحي، وتوزيع المواد الغذائية، قبل أن يتم إرسال النتيجة في النهاية إلى العيادة.

ويمكن لعملية نقل النتائج إلى العائلات وفرق الدفن أن تأخذ فترة أطول.

وأخبر باتريك ماساكوي، المتحدث باسم جمعية الصليب الأحمر في سيراليون شبكة الأنباء الإنسانية أن أحد التحديات الكبرى التي تواجه المتطوعين في فرق الدفن في سيراليون هي أنه غالباً ما يتم إرسالهم لجمع الجثث التي لم يتم بعد التأكد من إصابتها بالإيبولا. 

وفي حين يقول المسؤولون عن الصحة أنه من الأفضل أن تخطئ كنوع من الحذر وتفترض أن جميع الحالات المشتبه بها هي حالات مصابة بالإيبولا، وتقوم بجمع جثث الذين لقوا حتفهم نتيجة للملاريا أو أمراض أخرى من خلال استخدام وسائل مماثلة، فإن تلك العملية تضيع وقتاً وموارد قيّمة في المناطق التي لا تستطيع فيها فرق الدفن في الواقع مواكبة ارتفاع أعداد الوفيات.

وفي أحيان أخرى، هناك تأخير في جمع الجثث التي تم التأكد من إصابتها بفيروس الإيبولا.

وتقول منظمة الصحة العالمية أن هناك الآن 140 فريقاً مدرباً على الدفن، يتألف كل منها من نحو 8 أشخاص، على الأرض في البلدان الثلاثة. ولكن هناك حاجة إلى وجود 528 فريقاً، وغالباً ما يكون هناك تأخير بين وقت الإبلاغ عن وجود جثة والوقت الذي يصل فيه الفريق لتسلم الجثة وأخذ عينة للاختبار.

وتابع ماساكوي حديثه قائلاً: "لا يتعلق الأمر بتأخير فريقنا لعملية جمع الجثث، ولكن في الصباح الباكر ننتظر المكالمات من الشخص المسؤول في وزارة الصحة والنظافة الشخصية لأنها هي الجهة المسؤولة عن قيادة هذه المهمة".

وفي كلتا الحالتين، يقول المستجيبون أنه إذا ما تم تسريع الجدول الزمني لاختبار الإصابة بالإيبولا، فإن هذا سيسمح لهم بالاستجابة بشكل أسرع وأكثر كفاءة.

ويقول الفريق الفني العامل في المختبرات التابع لمنظمة الصحة العالمية في سيراليون أنه وافق للتو على خطة لزيادة السرعة التي يتم من خلالها إرسال نتائج المختبر، من خلال التوفيق بين قواعد البيانات ودمج فرق المختبرات في مركز قيادة للمنطقة الغربية الوسطى. وهم يخططون أيضاً لتدريب 50 فني مختبرات و20 سائقاً على قواعد عملية جمع العينات والتغليف والنقل الآمن.

ولكن حتى مع تحسين السرعة والدقة في تأكيد الحالات المشتبه فيها، يقول العاملون الصحيون أنه عند تجاوز تحديات البنية التحتية، فإن احتواء هذا التفشي سيعتمد بشكل كبير على الناس أنفسهم.

وختمت هاريس حديثها قائلة: "من خلال تنفيذ الحملات الإعلامية، أصبح هناك وعي كبير بمرض الإيبولا. لكن هذا لم يترجم بعد إلى تغيير في السلوك، إذ تستمر التقاليد الثقافية بلعب دور أكبر وأقوى من التصريحات الصادرة عن المسؤولين الحكوميين".






[ لا يعكس هذا التقرير بالضرورة وجهة نظر نشطاء بلاحدود ] 
- ايرين