هل هناك دوافع سياسية وراء إزالة العشوائيات في باكستان؟



إسلام اباد,  14 أبريل 2014 (إيرين)
في 17 مارس، تسلم محمد يعقوب، البالغ من العمر 22 عاماً، إشعاراً من السلطات يفيد بأنه قد تقرر إزالة منزله ذي الجدران الطينية والمسقوف بالقش في العاصمة الباكستانية.

يعيش يعقوب في واحدة من 18 مستوطنة غير شرعية تخطط هيئة تنمية رأس المال (CDA)، وهي إدارة حكومية تتبع وزارة الداخلية، لنقلها أو هدمها هذا الشهر. وكانت هذه المستوطنات، التي أصبحت موطناً لأكثر من 80,000 شخص من بينهم الكثير من النازحين داخلياً أو اللاجئين أو المهاجرين الأفغان، قد خضعت للتمحيص مرة أخرى منذ 3 مارس، بعد قيام مسلحين ومفجرين انتحاريين بقتل 11 شخصاً في هجوم نادر على مجمع قضائي في إسلام اباد.
"من أين جاء [المعتدون]؟ وأين كانوا يختبئون؟" كما تساءلت شايستا سهيل، التي تشرف على برنامج القضاء على العشوائيات، عندما سُئلت عما إذا كان الهجوم وراء أحدث محاولة لإزالة الأحياء العشوائية. وأضافت قائلة: "إذا ذهبت إلى تلك المناطق، ستجدها تعج بكافة أنواع الأنشطة السرية".

وكان من المقرر أن تبدأ عمليات الهدم في 24 مارس 2014، ولكن بعد تنظيم الآلاف من السكان لاعتصام أمام مكاتب هيئة تنمية رأس المال يوم 20 مارس، أعلن مسؤولون عن تأجيل عملية الإزالة. "لقد علمنا أن السلطات الصحية تخطط لحملة تطعيم ضد شلل الأطفال [في الأحياء العشوائية]، ولذلك أجلنا العملية،" كما أوضحت سهيل، نافية الخوف من رد فعل عنيف.

ويقول سكان العشوائيات أنهم يتعرضون للوم بسبب عجز الحكومة عن توفير الأمن الكافي للسكان المدنيين في البلاد، وخاصة في العاصمة. ويؤكدون أن خطر الإخلاء يخيم عليهم كلما واجهت الحكومة سقطة أمنية محرجة جديدة.

من جانبها، قالت مريم بيبي، وهي من سكان إحدى العشوائيات المقرر تدميرها: "إنهم يريدون تدمير هذه المستوطنات... لأنهم يقولون أن سكانها إرهابيون. نحن كناسون وعمال يدويون وأناس يعملون بجد، ولسنا إرهابيين. إنهم لا يلقون القبض على الإرهابيين الحقيقيين، الذين يفاخرون بما قاموا به".

وكجزء من التحقيق في الهجوم، أمر وزير الداخلية الباكستاني شودري نثار علي خان الشرطة بالتركيز على المستوطنات غير الشرعية، التي اتُهمت بإيواء متشددين في الماضي.

وأخبر خان أعضاء البرلمان في سبتمبر الماضي أن "العديد من العشوائيات ظهرت في مختلف أنحاء إسلام اباد. ولا يتم تسجيل هؤلاء الناس، وهذا سيخلق حتماً خرقاً للقانون والنظام،" مضيفاً أن "هناك الكثير من الأجانب، معظمهم من المهاجرين الأفغان، الذين ليست لديهم بطاقات هوية أو سجل يضمهم - 98,000 شخص من دون وضع قانوني، معظمهم من الأجانب، وبعضهم لديه سجلات جنائية". وجاء هذا البيان بعد يوم واحد من مقتل جنرال باكستاني كبير على أيدي متشددين في شمال غرب البلاد، وهو واحد من أهم الضباط الذين لقوا مصرعهم خلال الحرب الدائرة منذ عشر سنوات بين المسلحين والحكومة.

شهد إبراهيم، وهو مقيم آخر رفض الكشف عن اسم عائلته، مداهمات الشرطة المنتظمة لسنوات عديدة. وعن ذلك قال: "إنها تحدث كل عام، ولكننا نشعر بقلق أكبر من المعتاد هذا العام. تشن الشرطة مداهمات بانتظام، ولكنها لا تجد شيئاً، وتلقي القبض على ما بين 100 و200 شخص في كل مرة، وتتحقق إذا كان من بينهم أفغانيون، ثم تطلق سراحهم في المساء"، مضيفاً أنه كان من بين المعتقلين في إحدى تلك المداهمات الشهر الماضي.

وفي السياق نفسه، قال مسؤول كبير في شرطة إسلام اباد، طلب عدم نشر اسمه لانه غير مخول بالحديث إلى وسائل الاعلام: "أجرينا حوالي تسع عمليات رئيسية [في العشوائيات] هذا العام. ونقوم دائماً بالتحقق منهم، [ونعثر على] صغار المجرمين... إن التهديد الأمني في العشوائيات ليس أكبر من التهديدات في [بقية أنحاء] إسلام اباد".

تاريخ من النزوح

ويعقوب، الذي لا تستطيع أسرته العودة إلى ديارها في المناطق القبلية التي تخضع للإدارة الاتحادية (FATA) بسبب القتال هناك، هو واحد من 8,000 شخص يقطنون أفغان باستي، الذي يعتبر من أكبر الأحياء العشوائية المقرر تدميرها في إسلام أباد. وقد عاش يعقوب في العشوائيات طوال حياته.




ويوجد أكثر من 1,000 لاجئ أفغاني مسجل لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بين سكان العشوائيات، بينما جاء جميع السكان المتبقين تقريباً من شمال غرب باكستان التي مزقتها الحرب، وفقاً لمسح أجرته هيئة تنمية رأس المال في الخريف الماضي.

وتجدر الإشارة إلى أن باكستان هي موطن لنحو 1.6 مليون لاجئ أفغاني مسجل لدى المفوضية، ولكن التقديرات تشير إلى وجود ما لا يقل عن مليون أفغاني آخرين غير مسجلين.

"بعض الناس يصفون كل بشتون [يتحدث لغة البشتو] بأنه أفغاني، وهذا غير صحيح،" كما أشارت دنيا أسلم خان، المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إسلام أباد. وأضافت أن "العديد من السكان في [أفغان باستي] هم نازحون من المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية ومناطق أخرى. هناك اتجاه لوصف الجميع بأنهم لاجئون أفغان".

وأشار بدر شاه، وهو بائع أخشاب يقيم في هذا الحي العشوائي، إلى اعتراف الحكومة بالفعل بشرعية إقامتهم فيه، قائلاً: "لماذا يأتون للحصول على أصواتنا كل خمس سنوات؟ إن لدينا مركز اقتراع خاص بنا".

ومن الجدير بالذكر أن أفغان باستي، الذي نشأ لأول مرة بغرض إيواء اللاجئين من أفغانستان في عام 1979، استهدف للإزالة من قبل.

ففي عام 2005، أمر برويز مشرف، الرئيس الباكستاني في ذلك الوقت، بتفكيك المستوطنات التي تأوي اللاجئين الأفغان في جميع أنحاء البلاد. وفي ذلك الوقت، كان حي أفغان باستي (الذي يعني حرفياً "المسكن الأفغاني") يضم أكثر من 50,000 لاجئ من أفغانستان، جنباً إلى جنب مع البشتون من شمال غرب باكستان.

وأفادت خان، الناطقة باسم المفوضية، أن الحكومة أعطت الأفغان حق الاختيار بين إعادتهم إلى أفغانستان، أو نقلهم داخل باكستان، أو منحهم أراض على بعد بضعة كيلومترات من أفغان باستي. ويعيش حوالي 5,000 من هؤلاء اللاجئين الأفغان حالياً في المستوطنة الجديدة، التي تقدم لها المفوضية الخدمات الأساسية مثل المياه والرعاية الصحية. وذكرت خان أن 34,083 من الأفغان المسجلين لدى المفوضية يعيشون في إسلام أباد اليوم، بينما يعيش 35,499 آخرين في مدينة روالبندي المجاورة.

وإذا تم طردهم، فلن يجد معظم سكان أفغان باستي مكاناً آخر يذهبون إليه.


ويرى فياض باقر، مدير مركز أختر حميد خان للموارد، وهو مركز أبحاث مقره في إسلام أباد ويدرس النمو الحضري السريع للسكان في باكستان، أن قاطني العشوائيات مثل أفغان باستي لن يستطيعوا دفع الإيجارات. وأوضح أن "هؤلاء الناس فقراء يكسبون ما بين 7,500 و10,000 روبية (75-100 دولار) في الشهر. وغالباً ما يقيم كل خمسة أو ستة أشخاص منهم في غرفة واحدة، أي أن أسرة بأكملها تعيش في غرفة واحدة".  




[ لا يعكس هذا التقرير بالضرورة وجهة نظر نشطاء بلاحدود ]