نساء سوريات يلجأن للطهي للحفاظ على المعنويات وكسب الرزق.

الإعداد لوليمة: مشروع الطهي المبتكر يجد وسيلة لمعالجة الاكتئاب والتوتر والفقر بين النساء من اللاجئين السوريين في لبنان.

وجد مشروع مبتكر طريقة للتغلب على الإحباط والضغوط والفقر لدى النساء السوريات اللاتي فررن إلى لبنان هرباً من الحرب في وطنهن وذلك عن طريق الطهي.

 أطلقت الورشة في شهر أغسطس/ آب الماضي في مركز كاريتاس لبنان للهجرة، الذي فتح أبوابه ومطبخه لبدء هذا المشروع الفريد في لبنان.

 وبعد محاضرتين نظريتين ألقاهما خبراء في فن الطهي، دخلت 17 امرأة  13 سوريات و4 لبنانيات لتعزيز التفاهم بين المجتمعين- إلى المطبخ.


وقالت جهان شهلا، مديرة المشروع في مطعم "طاولة سوق الطيب" المحلي في بيروت: "عندما بدأنا لأول مرة في تصور هذا المشروع مع المفوضية، كنا نريد إعداد خط لإعداد طعام يُدِرُّ الدخل ويستمر مستقلاً بمجموعة صغيرة من النساء السوريات واللبنانيات. لم نكن نتخيل قط أن يخرج الأمر عن هذا النطاق. لقد صار هؤلاء النسوة كالعائلة بالنسبة لنا ولبعضهن البعض".

قال كمال مزوق، مدير المطعم: "في غضون خمسة أيام فقط، أعدت هؤلاء النسوة 33 طبقاً شهياً بالكامل، وتدربن في الوقت نفسه على أفضل فنون الطهي ومعايير النظافة الصحية".

من بين تلك الأطباق، اختير 14 طبقاً ليكونوا على قائمة طعام ثابتة أطلق عليها اسم "أطايب زمان". وبعدها عملن على تسويق "الأطايب" في المعارض والفعاليات في أنحاء البلدة.

وبعد ستة أشهر من العمل الناجح، أتمت النساء مؤخراً دورتهن التدريبية، واجتمعن في المطعم للاحتفال وتجاذب أطراف الحديث عن الطعام، والمكونات، والوجبات، والمقارنة بين الأطباق السورية واللبنانية التقليدية. لقد ساعدهن المشروع في المحافظة على تقاليد الطهي فضلاً عن أنه ساهم في تحسين معيشتهن.

وقالت ابتسام، إحدى النساء السوريات اللاجئات: "عندما التحقت لأول مرة بورشة العمل، شعرت بأنها تناسبني لأني كنت ربة منزل وأعرف الطهي، ولكني هنا تعلمت أن أكون منظمة، أن أحلم وأعمل على تحقيق الحلم. شعرت بأني أخذت أولى خطوات حياتي وأنَّ لي وجوداً".

لقد كانت حالتهن النفسية مختلفة تماماً قبل بداية البرنامج. فحسبما ذكرت دانيا قطان، مساعدة الخدمات المجتمعية بالمفوضية، كان معظم النسوة اللاتي وقع عليهن الاختيار "محبطات ومعرضات لضغوط هائلة".

وصلت كثير من النساء السوريات الـ13 إلى لبنان وليس معهن سوى بعض الملابس يحملنها فوق ظهورهن. لقد كان هذا المشروع علاجياً، ليساعدهن في اجتياز وقت صعب للغاية والتركيز على الجوانب الإيجابية في حياتهن.

قالت ابتسام: "عندما فررت من سوريا إلى لبنان، لم تكن لديَّ آمال كبيرة، لم أُرد سوى الشعور بالأمان. لقد توقعت، في الحقيقة أن أقضي أيامي دون عمل. ولكن الفراغ قاتل. لقد منحني هذا المشروع شيئاً أتطلع إليه، وأشعر الآن بالثقة في أنني قادرة أيضاً على مساعدة أسرتي".

لقد كانت ورشة العمل أيضاً طريقة للتقريب بين النساء السوريات واللبنانيات. قالت مجيدة، إحدى النساء اللبنانيات اللاتي حضرن اللقاء الأخير، إنه صار لديها "صديقات حقيقيات" خلال ورشة العمل، إضافة إلى تعلم طهي الأطباق السورية. لقد كانت "متأثرة للغاية بقوة النساء السوريات وقدرتهن على الصمود".

تأمل المفوضية أن تكرر هذا المشروع في أنحاء لبنان. فالاحتياجات هائلة، حيث يوجد أكثر من 880,000 لاجئ سوري مسجل أو في انتظار التسجيل لدى المفوضية في لبنان، تمثل النساء والأطفال أكثر من 75 بالمائة منهم.

وقالت دانيا قطان: "كنا نأمل في طرح مفهوم ريادة الأعمال على النساء الموهوبات اللاتي لم يفكرن أبداً في الاستفادة من مهاراتهن، وذلك عن طريق المبادرة بمساعدتهن على تحسين سبل معيشتهن والاستقلال. إلا أن نتائج هذا المشروع فاقت المكاسب المالية، حيث تتطلع هؤلاء النسوة بحماس إلى المضي بهذا المشروع قدماً وسوف نبذل قصارى جهدنا لمساعدتهن".



- بقلم دانا سليمان، بيروت - لبنان - المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين