© UNICEF Syrian Arab Republic/2013/Morooka |
صورة لفتيات في مركز الأطفال في حمص، الجمهورية العربية السورية. وتوفر أنشطة المركز، من الفنون والرقص والرياضة والموسيقى، راحة للأطفال من أهوال الصراع. |
شوارع حمص التي كانت فيما مضى نابضة بالحياة، باتت مهجورة ومليئة بالقمامة، بينما سكان المدينة يفرون من مأوى إلى آخر ويمرون عبر نقاط التفتيش الأمنية طوال الوقت. وداخل أسوار مركز الأطفال، يمكن للأطفال والأمهات أن ينسوا الأهوال التي تحدث في الخارج، حتى لفترة وجيزة فقط. .
بقلم جولييت توما
بقلم جولييت توما
حمص، الجمهورية العربية السورية،2013 - لم أكن أعرف تماماً ما يمكن أن توقعه عندما صاحبت فريق اليونيسف في جولة بالسيارة في شوارع حمص.
المدينة رمادية ومهجورة، وتنتشر القمامة في كل مكان. والعشب ينمو على الأرصفة كعلامة نادرة على الحياة في المدينة التي كانت مسرحاً للكثير من الموت والدمار منذ اندلاع الأزمة السورية من أكثر من عامين.
شقة بدون نوافذ
تعيش حمص حالة تغير مستمرة، حيث يغادر السكان ويعودون بحسب اشتداد العنف.زرت ريهام *، وهي أم لأربعة أطفال، في شقتها الخالية من النوافذ. أخبرتني ريهام أنها قد أجبرت على التنقل خمس مرات منذ اندلاع أعمال العنف في حي بابا عمرو، في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة.
وبعد الانتقال للمرة الثالثة، عادت إلى حيها، إلا أنها أجبرت على المغادرة مرة أخرى عندما اندلع العنف من جديد. وفي الوقت الحالي، تعيش ريهام وشقيقة زوجها وأطفالهما الثمانية في ملجأ في مبنى سكني غير مكتمل وبدون كهرباء.
قال لي ريهام إن زوجها مفقود منذ خمسة أشهر. وقد كان من الصعب إعالة الأسرة. وهي تعتمد على المساعدات التي تتلقاها من الجمعيات الخيرية والأمم المتحدة. وقد قامت اليونيسف، من خلال شريك محلي، بتقديم خدمة حيوية – وهي تركيب مرحاض في المأوى المؤقت الذي تعيش فيه.
الخراب ونقاط التفتيش الأمنية
تركنا ريهام وتوجهنا إلى مركز يتلقى فيه الأطفال الدعم العلاجي والنفسي والاجتماعي.
© UNICEF Syrian ArabRepublic/2013/Morooka |
يقدم المركز الدعم العلاجي والنفسي والاجتماعي لمئات الأطفال في حمص. وشوارع المدينة التي كانت فيما مضى نابضة بالحياة، أصبحت رمادية وتنتشر فيها القمامة ونقاط التفتيش، وقد أجبر العنف الأسر على التنقل مراراً. |
توقفنا عدة مرات عند نقاط التفتيش التي تعج المدينة بها، مما يجعل من الصعب الانتقال من أحد أجزاء المدينة إلى جزء آخر. وأصبحت الرحلة إلى العمل والمدرسة والمستشفى والسوق ودور العبادة كابوساً يومياً.
كما أن العديد من المحلات التجارية دمرت أو أغلقت. وبينما كنا نسير في أحد الشوارع، أخبرني أحد الزملاء أن ذات الشارع كان يُعرف باسم شانزليزيه حمص، مع مطاعم ومقاهٍ وحانات تعج بالرواد، ولكن ليس هذا هو الحال الآن.
عيد الأم
في مركز الأطفال، قابلنا تامر مدير المركز الودود الذي اصطحبنا إلى قاعة مليئة بالمئات من الأطفال النازحين وأمهاتهم الذين يحضرون حفل عيد الأم.
وبدا جو الحفل المبهج بعيداً كل البعد عن الأجواء السائدة في الشوارع خارجه، وكان يبدو محمياً ضد الصوت المستمر للقصف والتفجير الذي منعنا من النوم في الليلة السابقة.
رقص فتيان وفتيات، تتراوح أعمارهم بين 5 و6 سنوات، وأنشدوا الأغاني لأمهاتهم باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية.
كان الجميع يبتسمون ويصفقون ويهتفون. وكانت الأجواء سلمية وحقيقية وطبيعية. وبعدها، اصطحبنا تامر إلى غرفة جانبية، حيث عرفنا على اثنين من زملائه، سناء ووليد.
وأوضح وليد: "نحن هنا نستقبل الأطفال من جميع أنحاء حمص وضواحيها ولا نفرق بين المسيحيين والمسلمين. هذا المركز مفتوح للجميع. ونحن نريد أن نساعد هؤلاء الأطفال في التغلب على الأهوال الموجودة في الخارج".
مكان يمكنهم فيه النسيان
وكان وليد محقاً. ققي القاعة، فقد كانت النساء المحجبات يجلسن بجوار أخريات يرتدين تنانير على الطريقة الغربية.
وعندما سألت سناء عن الوضع، كانت حزينة، ولكنها استطاعت الابتسامة. وقالت: "إن الوضع يزداد سوءاً كل يوم. لدينا نازحين أكثر وأكثر ولا نستطيع الوصول إلى جميع الأسر والأطفال الذين يحتاجون إلينا. ولكننا نريد مواصلة هذا العمل. فنحن مدينون لهؤلاء الأطفال بذلك".
أنشطة المركز، مثل الفنون والرقص والرياضة والموسيقى، والتي تقدم للأطفال المتضررين من النزاع توفر مكاناً آمناً يمكنهم فيه نسيان الأهوال الموجودة في الخارج، حتى لفترة وجيزة.
لقد أصبح مركزاً مثل الذي زرناه من الأماكن القليلة جداً التي يمكن للأطفال والأمهات فيها أن يشعروا بالحماية والأمان.
* تم تغيير أسماء الأطفال.