بالنسبة للأطفال السوريين وأسرهم الذين فروا من الصراع الدائر في بلادهم، تفرض الإعاقة الجسدية والعقلية تحديات هائلة يوماً بعد يوم، ولكنهم ما زالوا يتطلعون إلى مستقبل أكثر إشراقاً.
© UNICEF Syrian Arab Republic/2013/Jensen |
ولدت رانيا، 10 سنوات، مع مشكلة في الظهر منعتها من المشي. وكلاجئة في مخيم الزعتري في الأردن، تحضر مدرسة تدعمها اليونيسف تم افتتاحها حديثاً، ولم تسمح لإعاقتها بالوقوف في طريق تعليمها. |
تقارير - الزعتري، الأردن، 2013 .
تحلم رانيا بأن تصبح معلمة ذات يوم. وكل صباح تستيقظ والدتها وشقيقها عند الفجر لمساعدتها على الوصول إلى المدرسة. وعلى الرغم من أن المدرسة تقع على بعد مسافة قصيرة سيراً على الأقدام، فإن رانيا لا تستطيع قطع هذه المسافة بنفسها.
فالخيام والكرفانات في المخيم الذي يعيشون فيه محاطة بالحصى الأبيض، ورانيا تحتاج إلى من يحملها إلى الطريق الرئيسي حيث يعمل كرسيها المتحرك.
بالنسبة لرانيا، البالغة من العمر 10 أعوام، أدى الصراع في سوريا إلى فقدان بيتها ومدرستها وأصدقائها وأفراد عائلتها، كما فاتتها فرصة إجراء عملية جراحية في دمشق كان من الممكن أن تساعدها على السير على قدميها.
ولكن القتال أجبر الأسرة على الفرار الى هذا المخيم الذي يضم ما يقرب من 180000 شخص، وبقيت رانيا على الكرسي المتحرك، حيث أنها تعاني من مشكلة في الظهر منذ الولادة.
ولكن مع الدعم المتواصل من والدتها وشقيقها، ترفض رانيا التخلي عن تعليمها وتصر على أن تصبح معلمة في يوم ما، وتساعد في إعادة بناء بلدها.
جيل ضائع
ومع دخول الأزمة السورية عامها الثالث، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنها قد تسببت في خسائر بشرية هائلة، حيث قتل نحو 10,0000 شخص - بما في ذلك آلاف الأطفال - ونزح 4.25 مليون شخص داخلياً، وفرّ حوالي 1.4 مليون شخص آخرين إلى الدول المجاورة.
وبينما تفوق الاحتياجات الإنسانية التمويل المتاح بسرعة كبيرة، يتكبد أطفال سوريا أكبر الخسائر ويتعرضون لأشد المخاطر، وينشأون كجيل ضائع يعاني من ندوب جسدية ونفسية مدى الحياة من جراء الصراع الذي طال أمده.
والفئة الأشد ضعفاً بينهم هي الأطفال ذوو الإعاقة، والذين - غالباً ما يتم تجاهل حقهم في المساعدات الصحية والتعليمية وغيرها في الاستجابة الإنسانية. ونتيجة لذلك، يصبحون أكثر عرضة للحياة في الفقر وإساءة المعاملة، ويحرمون من المكان الذي يستحقونه في المساعدة على تعزيز وإعادة بناء مجتمعاتهم وبلدهم.
وتقول ريم، والدة رانيا: "كل شيء هنا أصعب"، بما في ذلك الحصول على الرعاية الطبية ووجود حمام مناسب لاحتياجات رانيا.
وقد قامت اليونيسف وشركاؤها بتثبيت ممرات إلى المراحيض في المدارس وأكثر من 300 وحدة مراحيض في المخيم، أو قدمت حلولاً أخرى لغير القادرين على الوصول إلى المراحيض بسهولة. وبالإضافة إلى ذلك، تقوم اليونيسف وشركاؤها باستكشاف مجالات أخرى لتعزيز النهج الشمولي، مثلاً من خلال المناهج الدراسية ودعم الأطفال ذوي الإعاقة.
ومن الصعب تحديد بيانات دقيقة عن الأطفال ذوي الإعاقة. وتشير تقديرات التقرير العالمي حول الإعاقة لعام 2011 أن هناك حوالي 93 مليون طفل في سن 14 عاماً أو أصغر سناً يعانون من إعاقات متوسطة أو شديدة. ويستند هذا الرقم، إلى بيانات من عام 2004، وهي بيانات قائمة على تخمينات وقد تكون الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير.
وهناك نسبة كبيرة للغاية من الأطفال ذوي الإعاقة بين السوريين الذين نزحوا أو فروا إلى بلدان أخرى، نظراً للعدد الكبير من الأطفال المصابين أو الذين يعانون من التوتر الشديد نتيجة للصراع.
ماذا سيحدث له؟
وعلى مسافة عدد قليل فقط من الخيام من خيمة رانيا، تبدو سوسن قلقة على حفيدها الذي يرقد بلا حراك على فراشه. ويبلغ الطفل أكثر من سنة من العمر، ولكنه لم يبدأ الزحف بعد، وتخشى سوسن أن يكون قد ورث الإعاقة الفكرية من والده.
وتقول قبل أن تبدأ الدموع تترقرق في عينيها: "كانت تربية والده في سوريا صعبة بما فيه الكفاية. ولكن هنا [في المخيم] الحياة بشكل عام صعبة جداً". وقد غادرت الأسرة دارهم في سوريا في عجلة شديدة ولم يجلبوا دواء حفيدها. وتتساءل: "ماذا سيحدث له؟".
إن رانيا حريصة على مساعدة أطفال مثل حفيد سوسن عندما تصبح معلمة وتصبح جزءاً من بيئة شاملة يستطيع فيها هو وآلاف الأطفال أمثاله المشاركة بنشاط والازدهار في مجتمعهم.
وتقول رانيا، مشيرة إلى أنها تتوق إلى اليوم الذي تتمكن فيه أسرتها من العودة إلى دارهم: "أنا أحب المدرسة وأحب أن أكون مع أطفال آخرين ولدي أصدقاء رائعون هنا، ولكنني أفتقد أصدقائي وحياتي في سوريا."
تم تغيير الأسماء في هذه القصة لحماية هويات الأطفال وأسرهم.