قرارات المجتمع الإنساني في السنة الجديدة

بلغراد, 14 يناير 2016 (ASF - إيرين)
مثل كل الناس ذوي التفكير السليم، أكره قرارات السنة الجديدة، ولكن المفارقة تتمثل في أن قرار السنة الجديدة الذي اتخذته في عام 2016 هو أن أكون أقل تهكماً على قرارات السنة الجديدة. فقد علمت أن سخريتي بشأن القمة العالمية للعمل الإنساني (WHS) قد أصابت بعض الناس بالحزن - وعندما يشعر المسؤولون في المجال الإنساني بالحزن، فإن هذا يجعلني حزيناً أيضاً. ولذلك دعونا نبدأ العام الجديد بالنظر إلى مدى قدرة المجتمع الإنساني على تبني أفضل 10 قرارات للسنة الجديدة - بحسب نتائج الاستطلاع الذي أجرته شركة نيلسن لقياس الرأي العام - حتى يتحقق التغيير بالفعل في عام 2016!
1. الحفاظ على اللياقة البدنية والصحة الجيدة (37٪)

تم تسليط الضوء فجأة على رفاه عمال الإغاثة في عام 2015 - وكان ذلك بمثابة صدمة للمنظمات التي توظفهم. وكانت أشد الصدمات هي الحكم الصادر على المجلس النرويجي للاجئين بأنه فشل في أداء واجبه في رعاية موظف مخطوف، وإرغامه على دفع تعويض سخي عن هذا الفشل. ستغير الآثار القانونية المترتبة على هذا الحكم قواعد اللعبة، ولكننا سمعنا الكثير من القصص الأخرى في عام 2015، وخاصة حول العنف الجنسي، ونأمل أن يؤدي هذا الوعي المتزايد إلى بقاء الموظفين الوطنيين والدوليين بصحة جيدة. يعرف الجميع أن هذا القرار هو الأكثر صعوبة من حيث التمسك به، لكنه قرار يمكن للقطاع الوفاء به إذا بذل محاولات جادة.



2. فقدان الوزن (32٪)

شاهد تناقص الوزن، حيث يقول القطاع الإنساني وداعاً للمساعدات الغذائية الواسعة النطاق في عام 2016! وبدلاً من ذلك، قل مرحباً للتحويلات النقدية، التي كانت آخذة في الارتفاع في السنوات القليلة الماضية، وبلغت ذروتها في توصيات الفريق الرفيع المستوى المعني بالتحويلات النقدية الإنسانية. هناك خطر طفيف يتمثل في النظر إلى الأموال النقدية على أنها الحل الناجع لمشكلات القطاع، ولكن النقود تفتح إمكانية تحسين الرصد، الذي يحبه الجميع في عصر البيانات الكبيرة هذا. يمكنك الرهان على أن المجتمع الإنساني سوف يراقب الأموال النقدية عن كثب مثلما تتركز أنظار الأشخاص الذين يعانون من البدانة على السعرات الحرارية في شهر يناير.

3. تمتع بالحياة إلى أقصى حد (28٪)

من المعروف جيداً أن عمال الإغاثة يجتهدون كثيراً في عملهم ويغالون في احتفالاتهم أيضاً، ولكن هذه الفرصة لا تُتاح لكل الناس: في حالات الطوارئ، غالباً ما يتم تهميش الفئات الضعيفة. وقد ذُكرت النساء في مقترح واحد فقط من أصل 31 مقترحاً صادراً عن مشاورات القمة العالمية للعمل الإنساني، وذكر مقترح واحد فقط كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة. لست من محبي حشر الفئات الضعيفة في التقارير بغرض الحفاظ على المظاهر (يبدو هذا كثيراً كمحاولة لتملقهم)، في حين أن ما نحتاج إليه هو أُطر أقوى بكثير للتحليل والعمل. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن للمجتمع الإنساني أن يضمن من خلالها استمتاع جميع الفئات المتضررة من كارثة ما بالحياة على أكمل وجه.

4. انفق أقل ووفر أكثر (25٪)


حقيقة ممتعة: الهدف المعروف هو أنه على الدول "المتقدمة اقتصادياً" أن تخصص 0.7 بالمائة من دخلها القومي الإجمالي للمساعدات الخارجية، وقد وافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1970. وبعد مرور ما يقرب من خمسة عقود، يمكنك عادة أن تحصي على أصابع اليد الواحدة عدد البلدان التي تفي بهذا الالتزام في أي سنة معينة. وبحلول نهاية عام 2015، كان التمويل الإنساني قد انخفض بأكثر من 18 بالمائة عن ما كان عليه في عام 2014. وقد استمرت فجوة التمويل في النمو، وأطلقت الأمم المتحدة أكبر نداء على الإطلاق للحصول على تمويل إنساني. وبوسعك أن تضمن إلى حد كبير أننا سوف نلتزم بهذا القرار.

5. قضاء المزيد من الوقت مع العائلة والأصدقاء (19٪)
هذا ليس قراراً جيداً بالنسبة لعمال الإغاثة الدوليين، لأن معظمنا بدء حياته المهنية برغبة شديدة في الابتعاد عن العائلة والأصدقاء. نحن نقضي وقتاً أطول مع عائلات وأصدقاء الآخرين، المعروفين في هذا المجال باسم "الجهات الفاعلة المحلية". مع ذلك، فإننا لا نقضي حتى وقتاً كافياً معهم لأن الوقت من ذهب، ولا يذهب سوى 1.6 بالمائة من التمويل مباشرة إلى الجهات الفاعلة المحلية. هناك إجماع على أن توطين المساعدات يتطلب قلب النظام الحالي رأساً على عقب من أجل تمويل المنظمات التي تعمل على الخطوط الأمامية، وذلك لتجنب المزيد من الفرص الضائعة. وكلما زادت القدرة المحلية، تضاءلت الحاجة إلى عمال الإغاثة الدوليين، وهو ما يعني أننا يمكن أن نقضي المزيد من الوقت مع عائلاتنا وأصدقائنا الحقيقيين، على الرغم من أن هذه ليست دائماً النتيجة المنشودة بالنسبة لمعظمنا.

6. نظّم شؤونك (18٪)

غير مرجح.

7. لن أتخذ أي قرارات (16٪)


هذا فشل أسطوري من قبل حتى أن نبدأ العام الجديد. يعرف الجميع أن المؤسسات المانحة تحب صنع القرارات لمساعدة المتضررين من الأزمات، حتى لو كانت نادراً ما تنفذ تلك القرارات (انظر القرار رقم 4)، وقد سمعنا بالفعل الكثير من نفس الوعود في فترة الإعداد للقمة العالمية للعمل الإنساني. أنتجت عملية التشاور التي سبقت القمة العالمية للعمل الإنساني 31 مقترحاً من المجتمع الإنساني العالمي، ومن المهم التفاوض عليها جميعاً، ولكنها أيضاً "مملة حقاً ... عدد قليل من العناصر الملموسة". وكما يعلم الجميع، يكمن سر الوفاء بقرارات العام الجديد في أن تظل غامضة وملهمة، بدلاً من الالتزام بهدف محدد والعمل على تحقيقه.

8. تعلم شيئاً جديداً (14٪)

يتحدث الجميع عن الابتكار، ولكن من المفارقات أن هذا يجعل معرفة مدى الابتكار الفعلي المستمر أكثر صعوبة. وقد وجد بحث أُجري في جامعة برايتون أن معظم الابتكارات الإنسانية تدريجية - أي عمل الأشياء على نحو أفضل قليلاً، بدلاً من القيام بها بشكل مختلف. ولكن ما يسبب قلقاً أكبر هو أن فريق البحث حدد أنه لا يوجد سوى "وقت قليل للتعلم المستمر والتراكمي - وهو حجر أساس الابتكار الناجح حقاً". لدى القطاع الإنساني الكثير من الأشياء الجديدة التي يجب تعلمها - وخاصة من الابتكار الذي يحدث في المجتمعات المتضررة من الكوارث - ولكنه يحتاج أولاً إلى تعلم كيفية التعلم.

9. سافر أكثر (14٪)

هذا ليس حقاً قراراً للعام الجديد، بل هو أحد المخاطر المهنية. وبغض النظر عن مقدار السفر المذكور في وصف وظيفتك، فإنك ستسافر أكثر منه. ربما من الأفضل أن نتخذ قراراً بالسفر مرات أقل، على الرغم من أن منظمة أطباء بلا حدود تعتقد بالفعل أننا نسافر أقل من ما ينبغي، ولا أحد يريد أن تنظر إليه منظمة أطباء بلا حدود بعين النقد في الاجتماع التنسيقي المقبل. التوطين هو جزء من الجواب (انظر القرار رقم 5)، ولكن فقط إذا نفذناه بطريقة صحيحة، ولم نكتف بمجرد الإدارة عن بعد في أماكن غير آمنة كذريعة لنقل المخاطر من الموظفين الدوليين إلى الوطنيين.

10. اقرأ أكثر (12٪)

كنت أنوي أصلاً قراءة جميع التقارير والمشاورات والمذكرات المتعلقة بالقمة العالمية للعمل الإنساني بغرض الإعداد لكتابة هذا المقال، لكنني سرعان ما أدركت أنها متكررة مثل حالات الإنزال الجوي على جنوب السودان خلال موسم الأمطار ومحاولة قراءة المزيد ستكون ضرباً من تعذيب النفس. إذاً، لماذا لا نعود إلى الكلاسيكيات؟ كما تقول مذكرة الإحاطة التي قدمتها منظمة أوكسفام إلى القمة العالمية للعمل الإنساني: "إن الوسيلة الأساسية للحد من المعاناة الرهيبة خلال الأزمات الإنسانية ... هي دعم تطبيق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي للاجئين، اللذين وافقت عليهما الحكومات بالفعل". ولكن لسوء الحظ، فإن الدول قد أغلقت هذا الباب بالفعل في أواخر العام الماضي، وبالتالي، فإننا لسنا بصدد بداية رائعة لعام 2016. من الواضح أن قرارات السنة الجديدة لم تحقق الفائدة المرجوة ....

بول كوريون هو استشاري مستقل للمنظمات الإنسانية. وقد عمل في السابق في الاستجابات الإنسانية في كوسوفو وأفغانستان والعراق وتسونامي المحيط الهندي، وهو يعيش الآن في بلغراد