رأي اللاجئين الحقيقي في المنظمات الإنسانية

                                                                                     الصورة: القمة العالمية للعمل الإنساني
لاجئة في لبنان تصف مشاعرها تجاه المنظمات الإنسانية  
لندن, 8 مارس 2015 (إيرين)
إن وكالات الإغاثة متحيزة، وغير خاضعة للمساءلة، وربما تكون فاسدة، كما أنها فشلت في تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً للاجئين. هذه ليست سوى بعض الانتقادات الصادرة عن سلسلة من مجموعات المناقشة وتبادل الأفكار الجديدة التي تعمل مع اللاجئين وغيرهم ممن يتلقون المساعدات في مختلف أرجاء الشرق الأوسط.

وكان من بين بواعث القلق، عدم التشاور حول احتياجات الناس، والفشل في حماية الفئات الأكثر ضعفاً، والارتباك حول تحديد من المسؤول عن ماذا، وتكرار المساعدات، فضلاً عن الحالات التي يُعتقد فيها أن المساعدة قد حُجبت أو الأولوية قد مُنحت وفقاً للانتماء السياسي أو الديني.

"عندما تقرر مساعدة أشخاص ما، ينبغي عليك غض الطرف عن كافة انتماءاتهم والتعامل معهم كبشر ببساطة،" كما أشارت إحدى قادة الشباب من فلسطين.

وأضافت لاجئة في اليمن أن "على المنظمات الإنسانية أن تقدم معلومات عن خدماتها لأنه ليس من الإنسانية الرد على احتياجات اللاجئين للمعلومات بعبارة لا أعرف".

والجدير بالذكر أن المقابلات التي أجريت في مصر والأردن ولبنان وفلسطين واليمن جاءت بتكليف من منظمي القمة العالمية للعمل الإنساني (WHS)، في الفترة التي سبقت مشاورات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي عقدت في منطقة البحر الميت الأسبوع الماضي.
تذكير بالواقع

"كانت بعض التعليقات تعكس إدانة شديدة، وأعتقد أن هذا تذكير بسيط بالواقع للنظام الإنساني بأكمله،" كما أفاد رضا كسرائي، الممثل الإقليمي للشرق الأوسط وشمال افريقيا في المجلس الدولي للوكالات التطوعية (ICVA)، وهي مجموعة منظمات غير حكومية نظمت مجموعات المناقشة وتبادل الأفكار بالشراكة مع الأمانة العامة للقمة العالمية للعمل الإنساني.

"على حد علمنا، هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تنفيذ مثل هذه المشاورات مع السكان المتضررين كجزء من عملية مؤتمر القمة العالمية للعمل الإنساني،" كما أضاف.

وقد تم جمع تفاصيل المقابلات، التي أجريت خلال الفترة من نوفمبر 2014 إلى فبراير 2015 مع مجموعة من الرجال والنساء والشباب وقادة المجتمع، في تقرير تم إرساله إلى منظمات الإغاثة والجهات المانحة والمسؤولين الحكوميين الذين حضروا اجتماعاً حول القمة العالمية للعمل الإنساني في الأردن وعبر الانترنت. 

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الملاحظات تعتبر قراءة غير مريحة لوكالات الإغاثة الوطنية والدولية العاملة في المنطقة على حد سواء، حيث تعيش جاليات كبيرة من اللاجئين السوريين والعراقيين والفلسطينيين، فضلاً عن غيرهم من المهاجرين، في مزيج من المخيمات ووسط المجتمعات المحلية.

وكوثيقة صادرة عن الأمم المتحدة، يعتبر تقرير أصحاب المصلحة هذا صريحاً بشكل غير عادي، ولكن لهجته تعكس الجهود الجارية التي تبذلها أمانة القمة العالمية للعمل الإنساني من أجل تعزيز الحوار حول القضايا الحساسة التي نادراً ما تتم مناقشتها بشكل علني داخل القطاع.

وباستخدام مقياس من 10 نقاط (حيث 10 يعني مرتفع و1 يعني منخفض)، أعطى الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات متوسط تصنيف 3 عندما سُئلوا عن ما إذا كانوا يعتقدون أن جماعات الإغاثة تلبي الاحتياجات ذات الأولوية.

ورداً على سؤال عن ما إذا كانوا يُعاملون باحترام وكرامة، أعطى المشاركون من الدول الخمس متوسط 3.5 من 10؛ وحصلت مسألة ما إذا كانت منظمات الإغاثة تأخذ بآراء اللاجئين على متوسط 2.5 من 10. 

                                                                                                                     الصورة: كارين كيليهر/إيرين

بطاقة تظهر تقييم اللاجئين وغيرهم من الأشخاص الذين يحصلون على مساعدات في الأردن ومصر ولبنان واليمن والأرض 

الفلسطينية المحتلة للنظام الإنساني

في حوار مع (إيرين)، قالت نادين الشقيري، مسؤولة الشؤون الإنسانية في الأمانة العامة للقمة العالمية للعمل الإنساني في المنطقة: "من الواضح أن الناس لا يشعرون أنهم يحصلون على القدر الذي يريدونه من الدعم، وأن العديد من المنظمات لا تفعل ما يكفي للتواصل مع السكان المتضررين الذين تحاول مساعدتهم".

ولكنها أضافت قائلة: "على الرغم من أن بعض التعليقات كانت قوية، فإننا نشعر بأن هذا نقد بناء للغاية، ويعطينا شيئاً مفيداً جداً للعمل على أساسه ويساعدنا في معرفة كيف يمكن للنظام الإنساني أن يحسن استجابته".

وبالإضافة إلى تقرير القمة العالمية للعمل الإنساني الذي يتكون من 35 صفحة، اطلعت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) على التقارير الخاصة بمجموعات المناقشة وتبادل الآراء في الأرض الفلسطينية المحتلة ولبنان.

المساءلة


وأفادت الشقيري أن مجموعات المناقشة أظهرت أن الكثير من الناس لا يميزون بين منظمات الإغاثة المختلفة – وينظرون إليها على أنها جزء من نظام واحد أكثر اتساعاً. 

وأضافت قائلة: "لأنه لا توجد دائماً معلومات واضحة عن من يفعل ماذا أو من أين تأتي المساعدات، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالشركاء المحليين أو الوسطاء، أعتقد أن هذا يخلق تصوراً بعدم وجود مساءلة،" مشيرة إلى حاجة الوكالات إلى بذل المزيد من الجهد للتواصل مع الناس الذين يحاولون تقديم المساعدة.

ففي الأرض الفلسطينية المحتلة، كانت المساءلة – أو ما يُنظر إليه على أنه افتقار للمساءلة - هي الشكوى الرئيسية للأشخاص الذين تمت مقابلتهم. واتهم العديدون منهم المنظمات الإنسانية الدولية والوطنية بالمحسوبية تجاه مجموعات معينة من الناس، وأعربوا عن مخاوفهم بشأن تعرض المساعدات لخطر الفساد.

"وكانت أكبر قضية بالنسبة للمشاركين هي غياب المساءلة والشفافية في المنظمات الإنسانية،" كما أشار التقرير "... وهذا يثير أيضاً شكوك المشاركين حول احتمال تفشي الفساد في قطاع المساعدات الإنسانية".
وأضاف: أن "... هناك تصوراً بأن ميزانيات المشاريع لا تُنفق بشكل مناسب، ولكن يتم صرفها على أنشطة تتسلط عليها الأضواء، مثل إعادة طلاء جدران المبنى ودفع نفقات التغطية الإعلامية. وفي غزة، يقال أن التوزيعات تحدث في المدارس أو غيرها من الأماكن التي سيتم تغطيتها من قبل وسائل الإعلام الدولية".

وعلى الرغم من تحديد عدد قليل من منظمات الإغاثة بالاسم، انتقد المشاركون في مجموعة المناقشة الفلسطينية، في دراسة اطلعت عليها شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بشكل مباشر. 

وتضمنت الانتقادات: غموض الولاية، ورفض تفويض المسؤوليات إلى المنظمات الأخرى، ونقص التمويل الذي أثر على كمية وجودة الخدمات في المدارس وعيادات الصحة الأولية في المخيمات، والإجراءات البيروقراطية المرهقة، وعمليات صنع القرار البطيئة.

وأقر المتحدث باسم الأونروا كريس غانيس بأن خدمات الوكالة عرضة "للخفض والتآكل" لكنه أخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه "منذ خمسينيات القرن الماضي، تعاني الأونروا سنوياً من عجز كبير في الميزانية، وكان لهذا أثر على كل شيء: المباني والبنية التحتية المتداعية، وخدمات الكمبيوتر التي تعتبر أمراً مفروغاً منه في معظم المنظمات غير متوفرة، والقائمة تطول".

وأضاف غانيس أنه "إلى جانب التقشف الناجم عن الفجوة في التمويل، خضعت إداراتنا الرئيسية لإصلاح جذري، مما رفع مستوى الكفاءة وهو ما قوبل بترحيب واسع النطاق من قبل مانحينا".

لمن الأولوية؟

وكان تصور أن المنظمات الإنسانية أعطت الأولوية لوجهات نظر الجهات المانحة بدلاً من تلك الخاصة بالمتضررين موضوعاً متكرراً في العديد من مجموعات المناقشة.

"بالنظر إلى حقيقة أن فلسطين تقع تحت الاحتلال وهناك مشاكل مزمنة في غزة، لا تزال الجهات المانحة والمنظمات غير قادرة على العمل في مشاريع مستدامة وجميع الحلول قصيرة المدى وليس لها تأثير طويل الأجل،" كما أشار شاب فلسطيني من الضفة الغربية، مضيفاً أنه "لا ينبغي تخصيص التمويل لخدمة جدول أعمال الجهات المانحة، بل لخدمة المستفيدين".

وفي لبنان، شكا بعض من أجريت معهم مقابلات من توزيع المعونات غير العادل أو المتكرر، وألقوا باللائمة على غياب التنسيق بين الوكالات. ودعا هؤلاء إلى المزيد من الفرص المدرة للدخل لكسر حلقة الاعتماد على الصدقات.

وأشار التقرير إلى "وجود فساد كبير ومحسوبية في توزيع المساعدات،" وأبرز الذين أجريت معهم مقابلات "روايات عن المحسوبية داخل وكالات الأمم المتحدة لمصلحة بعض الأسر ذات الاتصالات القوية، وخاصة فيما يتعلق بمساعدة إعادة التوطين".

وفي اليمن، تحدث اللاجئون الإريتريون عن الشعور بالمهانة والافتقار إلى الكرامة بسبب النظر إلى المعاملة التفضيلية للاجئين الصوماليين من قبل المنظمات الإنسانية بالمقارنة مع غيرهم من اللاجئين من دول عربية. 

وأشار التقرير الرئيسي إلى أن "تجارب تنسيق المساعدات الإنسانية قاتمة إلى حد كبير". فقد اشتكى اللاجئون من اضطرارهم إلى البحث بشكل نشط عن المنظمات وإعادة رواية قصصهم بسبب نظم الإحالة المحدودة بين جماعات الإغاثة.

الاختيار والكرامة

وكان عدم وجود خيار بشأن ما حصل عليه الناس من مساعدات موضوعاً آخر.

وقال التقرير الرئيسي: "قلما شعر المتضررون في المنطقة أن احتياجاتهم ذات الأولوية قد تمت تلبيتها. ولقيت هذه النتيجة تأييداً من قبل أصحاب المصلحة الذين أوضحوا أن المتضررين في بعض الأحيان يبيعون المساعدات العينية التي يتلقونها ويستخدمون الأموال لشراء سلع أو خدمات أخرى.

"لوضع احتياجات الناس حقاً في قلب العمل الإنساني، يرى أصحاب المصلحة أنه ينبغي إعطاء الناس الخيار فيما يتعلق بتحديد نوع المساعدات الإنسانية التي يتلقونها،" كما أضاف.

وفي تصريح لـ (إيرين)، قالت دانا سليمان، المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان – وهي واحدة من وكالات الأمم المتحدة الرائدة التي تساعد اللاجئين السوريين: "نحن على دراية بهذا التقرير ونرحب بأي إضافات إلى المناقشات بشأن كيفية تحسين المساعدات الإنسانية هنا في لبنان".

وأضافت أن "موظفي المفوضية والحكومة اللبنانية وشركاءنا على اتصال دائم باللاجئين في جميع أنحاء البلاد، ويستمعون إلى همومهم ويوفرون قدراً هائلاً من الدعم، إذ أن معظم اللاجئين يأتون الى هنا بعد فقدان كل شيء".

وقال كسرائي من المجلس الدولي للمنظمات التطوعية أن القمة العالمية للعمل الإنساني توفر فرصة فريدة لإجراء مشاورات نظامية على نطاق أوسع، بدلاً من النظر إلى وكالات أو سياقات فردية.

"إن الحصول على هذا النوع من التعليقات أمر غير مألوف تماماً. أعتقد أن المنظمات الإنسانية، بما في ذلك الجهات المانحة ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، يمكن أن تدخل في فقاعة أحياناً، عن طريق استخدام لغتهم الخاصة والتشاور فيما بينهم بمصطلحات ليست مفهومة دائماً من قبل الناس الذين يحاولون مساعدتهم".