الحقوق المتساوية تعزز الأمن الغذائي

لصورة: كيزيتو ماكوي 
فرديانا مسويا وابنتها تغربلان الحبوب لإزالة الأتربة والشوائب في قرية مانغيو بمنطقة موانغا، في فبراير 2014  

كليمنجارو, 18 مارس 2014 (إيرين)
يرى كثيرون أن القضاء على الفجوة بين الجنسين في مجال الزراعة يعد أمراً ضرورياً للتخفيف من حدة الفقر وتحسين الأمن الغذائي، وأنه من المرجح أن تتفاقم الآثار المترتبة على عدم المساواة بسبب تغير المناخ.

وقالت ماري روبنسون، رئيسة أيرلندا السابقة ورئيسة مؤسسة ماري روبنسون - العدالة المناخية، خلال اجتماع عقدته مؤخراً مجموعة من الخبراء في روما بمناسبة اليوم العالمي للمرأة: "من أجل أن تكون التنمية العالمية مستدامة، يجب أن تسير قضايا تغير المناخ والمساواة بين الجنسين والأمن الغذائي جنباً إلى جنب".

من جانبه، أكد خوسيه غرازيانو داسيلفا، مدير عام منظمة الأغذية والزراعة، أن "الأسر المزارعة هي القوة المهيمنة في إنتاج الغذاء العالمي، وهي، في الوقت نفسه، من بين الأشخاص الأكثر عرضة للمخاطر في العالم".

وأضاف أن "جزءاً كبيراً من مستقبل الأمن الغذائي العالمي يعتمد على تحقيقهم لإمكاناتهم غير المستغلة. إن المرأة الريفية هي جزء مهم من هذه المنظومة، ليس فقط كمزارعات، ولكن كمشاركات في أنشطة تجهيز وإعداد الطعام وفي الأسواق المحلية كذلك".

ولكن في العديد من البلدان مثل تنزانيا، لا يزال نظام حيازة الأراضي الذي عفا عليه الزمن يمنع النساء من تملك الأراضي. وعلى الرغم من صدور قوانين قوية تحظر هذه الممارسة، إلا أن المزارعات ما زلن عرضة للتمييز.

تحاول آشا رمضاني، المزارعة في منطقة موانغا في تنزانيا، الحصول على قطعة أرض هي في حاجة ماسة إليها لزيادة إنتاجها الزراعي الهزيل، وشكت قائلة: "إنها عملية صعبة ومحبطة. يتم التعامل مع قضيتي على أنها إسداء معروف، وليس حقاً مكتسباً، لأنني امرأة".

وتجدر الإشارة إلى أن المواقف المحلية من ملكية الأرض تقف حجر عثرة أمام حصول النساء على أفضل الأراضي.

وخلال السنوات الثلاث الماضية، كانت رمضاني، وهي مطلقة تبلغ من العمر 44 عاماً، تستأجر مزرعة مساحتها فدانين بالقرب من قرية مانغيو، حيث تزرع الذرة والفاصوليا والخضروات والبطاطس الحلوة.

وتقوم الزراعة في هذه القرية على أساس الإيجار من خلال تبادل المحاصيل، ولكن الطقس الأكثر جفافاً يجعل من الصعب على رمضاني دفع الإيجار بسبب ضعف ريع المحاصيل.

وأخبرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلة: "يريد مالك الأرض ربع محصولي في كل موسم مقابل الإيجار، ولكن الجفاف يجعل من الصعب تدبر الأمر".

وتملك النساء 20 بالمائة فقط من الأراضي المسجلة في تنزانيا، وفقاً لتقرير أعدته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) عن الملامح القُطرية لحقوق الملكية وإدارة الموارد في تنزانيا، ومن المرجح أن تصبح مساحة الأراضي التي تشغلها النساء بموجب القانون العرفي أقل من ذلك بكثير.

ويذكر أن قانون الأراضي وقانون أراضي القرى لعام 1999 يحكم حقوق المرأة في تملك الأرض. كما أن دستور تنزانيا يكرس المساواة بين جميع الأشخاص.

ويعطي القانون المرأة الحق في الوصول إلى الأراضي وتملكها والسيطرة عليها على قدم المساواة مع الرجل، ويسمح لها بالمشاركة في صنع القرارات في المسائل المتعلقة بالأراضي.

وينص البند 3 (2) من كل من قانون الأراضي وقانون أراضي القرى على أن "حق كل امرأة في الحصول على الأرض وحيازتها واستخدامها والتعامل معها، يخضع بالقدر نفسه لنفس القيود وسوف يُعامل مثل حق أي رجل".

ويُسمح للنساء أيضاً بامتلاك أو شغل الأراضي بالاشتراك مع أشخاص آخرين، مع حمايتهن ضد النقل غير القانوني لسندات ملكية الأرض التي تخضع للإشغال المشترك.

ولكن لا يتم انفاذ التشريعات بالقدر الكافي، ففي جميع أنحاء منطقة موانغا، تجد النساء صعوبة متزايدة في الوصول إلى الأراضي ومصادر المياه في مواجهة طقس أكثر جفافاً من أي وقت مضى.

وأشارت رمضاني في حديثها مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إلى ان "معظم الأشخاص الذين يملكون مساحات كبيرة من الأراضي هم من الرجال، ولا تكاد توجد [أي] امرأة تملك أراض، خاصة بالقرب من مصادر المياه".

وقالت أيضاً أن إجراءات ملكية الأراضي في القرى تعطي الرجال اليد العليا. "لقد فقدت العديد من صديقاتي الأمل لأنهن كلما تقدمن بطلبات للحصول على أراضي، فشلن في الحصول عليها،" كما أوضحت.

وحتى العدد القليل من النساء اللائي يتمكن من التغلب على البيروقراطية، يحصلن في نهاية المطاف على مساحات صغيرة وبعيداً عن مصادر المياه.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قالت آنا تيبايجوكا وزيرة الأرض وتنمية المستوطنات البشرية في تنزانيا، أن الرجال والنساء يجب أن يُعاملوا على قدم المساواة من حيث ملكية الأرض، لكنها أضافت أن "الأهم من ذلك، أن على الناس أن يعرفوا حقوقهم وأن لا يسمحوا لأي شخص بالتعدي عليها".

"المواقف التمييزية"

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال يفريد منينزي من جمعية هاكي أرضي (Haki Ardhi)، وهي منظمة غير حكومية تدافع عن حقوق تملك الأراضي في تنزانيا، أن معظم النساء يحصلن على الأراضي من خلال الأقارب الذكور، مضيفاً أن البنات غير المتزوجات والأرامل والمطلقات غالباً ما "يتعرضن لمضايقات" من قبل أقربائهن الذكور.

وأشار إلى أنه "في بعض الحالات، يستخدم الأزواج سندات الملكية لتأمين قروض دون علم زوجاتهم، مما يتسبب في عمليات إخلاء أو فقدان ممتلكاتهن".

ونقص الوعي، والنظام الذي يهيمن عليه الذكور، والصور النمطية الاجتماعية، والتقاليد التي عفا عليها الزمن هي بعض التحديات التي تقوض حقوق المرأة في تملك الأرض في تنزانيا. أوضح منينزي أنه "لا بد من تثقيف السكان بما يكفي لفهم هذه القضايا".

وفي السياق نفسه، قال تقرير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أنه "عادة ما يتم إعطاء المرأة حقوقاً قليلة أو معدومة لتملك الأرض خلال زيجاتهن – حيث لا يُسمح لهن أبداً، على سبيل المثال، بإضافة أسمائهن إلى وثائق تشير إلى ملكية الممتلكات - وحقوقاً أقل عند وفاة الزوج".

وأضاف التقرير أن "القانون العرفي يركز حقوق الملكية في أيدي الرجال أو مجموعات الأقارب التي يهيمن عليها الرجال، وبالتالي فإن قدرة المرأة على المطالبة بالأرض أو وراثتها محدودة للغاية".

من جهته، يرى منينزي أن على الحكومة أن تلجأ إلى اللامركزية في إدارة الأراضي من أجل السماح للمجتمعات الشعبية بالمشاركة في صنع القرار والتمكين الاقتصادي ومحاربة العادات والمعتقدات والمواقف التمييزية.

"وفي الحالات التي يتم فيها الحط من قدر المرأة ووضعها في مكانة أقل شأناً في المجتمع بسبب المعايير الثقافية، نكون بحاجة إلى نظم الدعم التي تمكنهن من امتلاك واستخدام الأراضي من دون مشاكل،" كما أكدت ماري لوسيبي، الناشطة في مجال حقوق المرأة في برنامج تنزانيا لشبكات المساواة بين الجنسين، خلال حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

مشكلة على مستوى القارة

ولا تقتصر هذه الممارسات التمييزية على تنزانيا فقط، إذ تملك النساء أقل من واحد بالمائة من الأراضي في قارة أفريقيا، كما أشار ويليام غريفلينك، كبير المستشارين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

"وعلى الرغم من أن القانون الوضعي قد يكون محايداً بين الجنسين، إلا أن القانون العرفي هو المهيمن وهو يستند إلى النظام الذكوري. يعد تأمين حقوق الملكية للمرأة أمراً ضرورياً لتحقيق التنمية الاقتصادية في أفريقيا،" كما قال.

وفي السياق نفسه، يدعو الخبراء إلى تضمين حقوق تملك الأرض العادلة في جدول أعمال ما بعد الأهداف الإنمائية للألفية.

وقال بيان صادر عن 38 منظمة دولية: "ينبغي أن يتضمن جدول أعمال ما بعد عام 2015 الأهداف والمؤشرات ذات الصلة في مجال الحقوق الآمنة لتملك الأراضي والموارد الطبيعية والأصول الإنتاجية الأخرى التي تشمل بشكل صريح حقوق المرأة".

وأكدت ورقة معلومات أساسية مقدمة إلى المشاورات المواضيعية العالمية التي تجريها الأمم المتحدة حول جدول أعمال التنمية لفترة ما بعد عام 2015، أن "تأمين حقوق المرأة في ملكية الأراضي يعد استراتيجية ضرورية لضمان المساواة بين الجنسين والنهوض بتمكين المرأة في جميع أنحاء العالم".

"وهناك علاقة واضحة بين عدم المساواة بين الجنسين، وفقر المجتمعات، وعدم احترام حقوق النساء وحمايتها والوفاء بها،" كما أشار التقرير، الذي كتبته مايرا غوميز من المبادرة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ود. هاين تران من مركز لانديسا لحقوق المرأة في تملك الأرض.