في أحد الصفوف الدراسية في مدرسة خاصة في العاصمة الباكستانية إسلام أباد، يقوم مجموعة من طلاب الصف الخامس بدراسة تاريخهم ويبدو أنهم مصرون على رأيهم عندما يطرح عليهم أي سؤال حول النزاع.وقال محمد آصف، الذي يبلغ من العمر 10 سنوات، وهو يقف بصرامة ويجيب على السؤال: "خاضت باكستان ثلاث حروب في عام 1948، وفي عام 1965 وفي عام 1971، وكلها ضد الهند". ومثل زملائه الآخرين، يبدو في حيرة في أمره عندما يُسأل فيما إذا كانت البلاد ما تزال في حالة حرب.
ولكن أرقام الوفيات الناجمة عن الصراع في جميع أنحاء البلاد تظهر شيئاً مختلفاً تماماً: فوفقاً لموقع بوابة رصد الإرهاب في جنوب آسيا، ومقره نيودلهي، الذي يقوم برصد التطرف في المنطقة، فقد 5,379 شخصاً حياتهم في حوادث متصلة بالإرهاب في عام 2013. وكانت أغلبية الضحايا وعددهم 3,001 من المدنيين.وقد تصاعدت الأعداد بحدة منذ عام 2005، وبلغت ذروتها في عام 2009 عندما قتل 11,704 أشخاص - معظمهم خلال العملية العسكرية ضد المسلحين في وادي سوات في إقليم خيبر بختون خوا. ويستمر العنف على نطاق واسع - حتى أصبح شيئاً طبيعياً - مع مقتل 460 شخصاً حتى الآن هذا العام.
وقال سيف الله خان، وهو من سكان وانا، البلدة الرئيسية في جنوب وزيرستان وهي واحدة من سبع مناطق قبلية على طول الحدود الباكستانية الأفغانية: "يشكل العنف المتواصل والهجمات الإرهابية ومن ثم الردود العسكرية الانتقامية كارثة حقيقة بالنسبة للأشخاص أمثالنا. نحن نعيش في خوف دائم، وقد فقد الناس وظائفهم بسبب إغلاق الشركات لأعمالها، وقد انتقل عدد كبير من الناس الذين أعرفهم بعيداً من هنا بشكل دائم".
وأخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: "بالطبع توجد حرب هنا. يموت الناس جراء الهجمات بالقنابل، وقد دُمرت العائلات ولا يعرف الأطفال سوى البنادق". كما تحدث عن المزارعين، الذين دمرت أراضيهم، ليبقوا من دون أي وسيلة لكسب لقمة العيش.
وفي حين يمكن أن يكون الصراع ضد طالبان أشهر حالة مرتبطة بالعنف في باكستان، فهناك العديد من القطع الأخرى التي تشكل المشهد الأكبر والأكثر تعقيداً.
العنف "المتوطن"
ووفقاً لتقرير صدر في 2014 من قبل المعهد الأمريكي لدراسات السلام الذي يتخذ من واشنطن مقراً له: "خلال العقد الماضي، أضحت أعمال العنف متوطنة في أجزاء كثيرة من باكستان".
وتلحظ الدراسة التفصيلية أن "أصول وشدة" العنف تختلف حسب المنطقة. وبخلاف العنف المتركز على طول الحدود الأفغانية والذي يؤججه التشدد، يصف التقرير العنف الطائفي المتزايد في جيلجيت بالتستان وبلوشستان، والناجم جزئياً نتيجة "للرابط بين المتشددين على أساس طائفي والجماعات الإرهابية".
كما يشير أيضاً أن هناك زيادة بـ 10 أضعاف في أعمال العنف في كراتشي بين عامي 2006 و 2013، حيث تلعب المجموعات الطائفية، والمنظمات الإرهابية والأحزاب السياسية والعصابات الإجرامية جميعاً دوراً في ذلك.
ولكن أرقام الوفيات الناجمة عن الصراع في جميع أنحاء البلاد تظهر شيئاً مختلفاً تماماً: فوفقاً لموقع بوابة رصد الإرهاب في جنوب آسيا، ومقره نيودلهي، الذي يقوم برصد التطرف في المنطقة، فقد 5,379 شخصاً حياتهم في حوادث متصلة بالإرهاب في عام 2013. وكانت أغلبية الضحايا وعددهم 3,001 من المدنيين.وقد تصاعدت الأعداد بحدة منذ عام 2005، وبلغت ذروتها في عام 2009 عندما قتل 11,704 أشخاص - معظمهم خلال العملية العسكرية ضد المسلحين في وادي سوات في إقليم خيبر بختون خوا. ويستمر العنف على نطاق واسع - حتى أصبح شيئاً طبيعياً - مع مقتل 460 شخصاً حتى الآن هذا العام.
وقال سيف الله خان، وهو من سكان وانا، البلدة الرئيسية في جنوب وزيرستان وهي واحدة من سبع مناطق قبلية على طول الحدود الباكستانية الأفغانية: "يشكل العنف المتواصل والهجمات الإرهابية ومن ثم الردود العسكرية الانتقامية كارثة حقيقة بالنسبة للأشخاص أمثالنا. نحن نعيش في خوف دائم، وقد فقد الناس وظائفهم بسبب إغلاق الشركات لأعمالها، وقد انتقل عدد كبير من الناس الذين أعرفهم بعيداً من هنا بشكل دائم".
وأخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: "بالطبع توجد حرب هنا. يموت الناس جراء الهجمات بالقنابل، وقد دُمرت العائلات ولا يعرف الأطفال سوى البنادق". كما تحدث عن المزارعين، الذين دمرت أراضيهم، ليبقوا من دون أي وسيلة لكسب لقمة العيش.
وفي حين يمكن أن يكون الصراع ضد طالبان أشهر حالة مرتبطة بالعنف في باكستان، فهناك العديد من القطع الأخرى التي تشكل المشهد الأكبر والأكثر تعقيداً.
وتلحظ الدراسة التفصيلية أن "أصول وشدة" العنف تختلف حسب المنطقة. وبخلاف العنف المتركز على طول الحدود الأفغانية والذي يؤججه التشدد، يصف التقرير العنف الطائفي المتزايد في جيلجيت بالتستان وبلوشستان، والناجم جزئياً نتيجة "للرابط بين المتشددين على أساس طائفي والجماعات الإرهابية".
كما يشير أيضاً أن هناك زيادة بـ 10 أضعاف في أعمال العنف في كراتشي بين عامي 2006 و 2013، حيث تلعب المجموعات الطائفية، والمنظمات الإرهابية والأحزاب السياسية والعصابات الإجرامية جميعاً دوراً في ذلك.
نحن نرى تصعيداً مستمراً في هذا العنف، وتأثير ذلك على حياة الناس سلبي للغاية. فهم يفقدون الأمن والفرص والتعليم في بعض الأحيان ونحن نتعايش مع خوف دائم تقريباً. فالناس يخافون من السفر أو حتى زيارة المتنزهات والأماكن العامة الأخرى
في بلوشستان يعتبر "حجم ونطاق وقوة" العنف "غير مسبوق"، ومشتملاً على العنف الطائفي والإرهابي إلى جانب حركة تمرد انفصالية تقود، منذ عام 2006، صراعاً مسلحاً ضد الجيش الباكستاني. وبينما شهدت البنجاب مستويات عنف أقل، فقد تحولت إلى المركز الرئيسي لتجنيد المتشددين. وتشير الأرقام الصادرة عن مركز البحوث والدراسات الأمنية (CRSS) في إسلام أباد لمتابعة النزاع في باكستان، والتي تختلف قليلاً عن بوابة رصد الإرهاب في جنوب آسيا، إلى أن 2013 كانت واحدة من أعنف السنوات على الإطلاق، مع مقتل ما يقرب من 6,000 شخص في هجمات لمتشددين وهجمات طائفية وإرهابية وأخرى ذات دوافع سياسية. "خوف متواصل"
وقالت فريحة نذير، الزميلة الباحثة في مركز البحوث والدراسات الأمنية (CRSS) لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "نحن نرى تصعيداً مستمراً في هذا العنف، وتأثير ذلك على حياة الناس سلبي للغاية. فهم يفقدون الأمن والفرص والتعليم في بعض الأحيان ونحن نتعايش مع خوف دائم تقريباً. فالناس يخافون من السفر أو حتى زيارة المتنزهات والأماكن العامة الأخرى".
وقال أصغر جليل، وهو مصرفي في كويتا: "بالطبع يؤثر ذلك علينا، فقد تغيرت حياتنا. انتقلت عائلتي هنا عندما كنت رضيعاً، إنه موطني. ولكن الآن وبسبب التهديدات التي يتعرض لها المستوطنون القادمون من البنجاب من قبل القوميين البلوش، فإنني نادراً ما أسمح لأطفالي الثلاثة بمغادرة المنزل، باستثناء الذهاب للمدرسة. ونكون قلقين حتى عودتهم".
وقد وقع عدد من الهجمات على أشخاص من أقاليم أخرى يعيشون في بلوشستان.
وقد ترك آخرون في وضع قاتم للغاية، ففي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) من كراتشي قالت جليلة بيبي*: "توفي زوجي في إطلاق نار عشوائي في عام 2010. أطفالي صغار، ولم أتمكن من إيجاد أي عمل. وعلى الرغم من قيام شقيق زوجي بمساعدتنا في بعض الأحيان، إلا أنه بالكاد يتوفر لدينا ما يكفي من الطعام". وقد ترك اثنان من أطفالها المدرسة لأنها لا تستطيع دفع الرسوم.
وقد قامت منظمات مثل مركز مساندة المدنيين في النزاعات، ومقره في واشنطن، بتناول قضية الناس الذين يتعايشون مع أعمال العنف في باكستان، ولكن كما قال أحمد، هذا "لا يساعد في الواقع أي شخص هنا". ففي معظم الحالات أفضل ما يمكن أن يأمله الضحايا هو مبالغ من المال تقدم كـ 'تعويض' وهو ما غالباً يدفع بعد تأخير طويل. وكما قالت جليلة بيبي: "في الواقع لا تساعد هذه التعويضات كثيراً، لأن المال يتلاشى بسرعة ويتم فقدان الضحية إلى الأبد".
وقال كامران رحمت، وهو محرر سابق في إحدى الصحف ومحلل سياسي: "هناك حالة من اللامبالاة القاسية من قبل الدولة تجاه الخسائر في الأرواح عند انفجار قنبلة هنا أو وقوع هجوم انتحاري هناك كل يومين تقريباً. ويضاهي ذلك حالة من الاستسلام بين الناس، الذين يبدو أنهم يتعاملون مع الوضع على أنه أمر واقع". وأوضح رحمت لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "قد تمتلك باكستان واحدة من أكبر الترسانات النووية المتنامية وسابع أكبر جيش في العالم، ولكن المفارقة هي أنها فشلت في تثبيت سلطتها في جميع أنحاء الدولة والقيام بواجبها الأساسي في ضمان حماية مواطنيها من دوامة القتل والفوضى التي لا تنتهي".
ويشعر معظم الناس أنه ليس لديهم خيار سوى مجرد الاستمرار. ويتساءل عظيم خان: "لقد فقدت ابني وزوجته وحفيدي في الانفجار الذي وقع عام 2009 وأدى بحياة ما يقرب من 100 شخص في بيشاور. أنا في الثمانين من عمري، وأعمل كعامل لدعم أحفادي الآخرين. لقد منعت جميع أفراد العائلة من الذهاب إلى السينما بعد التفجيرات الأخيرة هناك. ولكن ماذا يمكن للمرء القيام به أكثر من ذلك؟ نحن عاجزون، ولكن لا خيار أمامنا سوى الاستمرار إلى أن يشفق أحد علينا".
* ليس اسمها الحقيقي
[ لا يعكس هذا التقرير بالضرورة وجهة نظر نشطاء بلاحدود ]
- ايرين
ا