ستوكهولم,سبتمبر 2013 (إيرين) .
نادراً ما يُنظر إلى موجات الجفاف على أنها تطور إيجابي، فهي تُعد تاريخياً بمثابة عقاب إلهي، كما أنها قد تكون قاتلة للاقتصادات المحلية وحياة البشر على حد سواء.
مع ذلك، قد تصبح موجات الجفاف اختباراً حاسماً لأنظمة إدارة المياه، التي- عندما تعمل بفاعلية- قد تمكن بعض المناطق من التغلب على حالات الجفاف الشديدة التي كانت لتؤدي لولا ذلك إلى خسارة كبيرة في الأرواح.
وقال روبيرتو لينتون من معهد روبرت بي دوغرتي للمياه من أجل الغذاء في جامعة نبراسكا بالولايات المتحدة: "تعتبر موجات الجفاف فرصة للعمل ولتعلم الدروس أيضاً، إذ غالباً ما تخلق شعوراً بالمشاركة المجتمعية وإرادة سياسية أكبر ووعياً أعمق بالقضايا المتعلقة بالمحافظة على المياه".
وأضاف قائلاً: "لقد عاصرنا على مدار العامين الماضيين، بعضاً من موجات الجفاف الرئيسية حول العالم التي عززت إدراكاً متنامياً بأننا سنواجه مزيداً من الظروف المناخية القاسية، مثل الجفاف والفيضانات، ولذلك نحن بحاجة إلى معرفة كيفية التعامل معها على نحو أكثر فاعلية".
وتظهر الإحصائيات الخاصة بالأحداث الكارثية الطبيعية التي جمعتها شركة "ميونخ ري" للتأمين أن "عدد الكوارث الطبيعية الرئيسية المتعلقة بالطقس قد ارتفع بمعدل ثلاثة أضعاف تقريباً منذ عام 1980". وأفادت بحدوث "زيادة في طول أو تكرار أو شدّة فترات الطقس الحار"، وتتوقع "زيادة في تكرار موجات الجفاف".
وفي سوق الغذاء المعولمة، يمكن أن تؤثر موجات الجفاف- حتى تلك التي توجد في العالم المتقدم- بسرعة على السكان الأشد فقراً، كما حدث في أزمة أسعار الغذاء 2007 - 2008، التي تفاقمت جزئياً بسبب الجفاف في استراليا.
لذا، علينا أن نتساءل: ما هي الدروس المستفادة من أزمات نقص المياه الحالية والأخيرة؟
نقص المياه وإدارة المخاطر
تُعد موجة الجفاف الحالية في شمال البرازيل أشد نقص في المياه تشهده المنطقة خلال المائة عام الأخيرة. وقد تسببت هذه الموجة في نفوق خمسة ملايين رأس ماشية في العام الماضي.
من جانبها، اتخذت الحكومة الفيدرالية بعض الإجراءات لتخفيف معاناة السكان، بما في ذلك نقل المياه بالشاحنات إلى المنطقة المنكوبة، وإعداد خطط زراعية للفلاحين، والاستثمار في البُنى التحتية للمياه مثل السدود والخزانات.
في هذا الصدد، قال فرانسيسكو دي أسيس دي سوزا فيلهو، مدير مكتب البرازيل في مركز كولومبيا للمياه: "كلما حدثت موجات جفاف، على مدار المائة عام الماضية، كنا نشهد ارتفاعاً سريعاً في مخزونات وخزانات المياه". وأضاف أن السياسيين غالباً ما يكونون قصار النظر فيما يتعلق بإدارة المخاطر لأنهم "يركزون فقط على مدة ولايتهم التي تمتد إلى أربع سنوات".
وقد تكون موجات الجفاف في البرازيل وغيرها من الأجزاء الأخرى في العالم دافعاً رئيسياً للسياسيين لكي يستثمروا في بناء السدود ونُظم إدارة المياه وبناء قدرة المجتمعات المحلية على الصمود، على الرغم من أنه ينبغي لاستراتيجيات الوقاية أن تكون أكثر فاعلية من حيث التكلفة.
إلى ذلك، قال دي سوزا: "تحتاج البرازيل إلى أن تتحول من إدارة أزمات الجفاف القائمة على رد الفعل إلى إدارة مخاطر الجفاف الاستباقية. وعلى الرغم من أننا ننتهج أسلوباً مؤسسياً جيداً لإدارة بحوث المياه، إلا أننا نفتقر إلى التركيز على إدارة الجفاف".
مع ذلك، قد تصبح موجات الجفاف اختباراً حاسماً لأنظمة إدارة المياه، التي- عندما تعمل بفاعلية- قد تمكن بعض المناطق من التغلب على حالات الجفاف الشديدة التي كانت لتؤدي لولا ذلك إلى خسارة كبيرة في الأرواح.
وقال روبيرتو لينتون من معهد روبرت بي دوغرتي للمياه من أجل الغذاء في جامعة نبراسكا بالولايات المتحدة: "تعتبر موجات الجفاف فرصة للعمل ولتعلم الدروس أيضاً، إذ غالباً ما تخلق شعوراً بالمشاركة المجتمعية وإرادة سياسية أكبر ووعياً أعمق بالقضايا المتعلقة بالمحافظة على المياه".
وأضاف قائلاً: "لقد عاصرنا على مدار العامين الماضيين، بعضاً من موجات الجفاف الرئيسية حول العالم التي عززت إدراكاً متنامياً بأننا سنواجه مزيداً من الظروف المناخية القاسية، مثل الجفاف والفيضانات، ولذلك نحن بحاجة إلى معرفة كيفية التعامل معها على نحو أكثر فاعلية".
وتظهر الإحصائيات الخاصة بالأحداث الكارثية الطبيعية التي جمعتها شركة "ميونخ ري" للتأمين أن "عدد الكوارث الطبيعية الرئيسية المتعلقة بالطقس قد ارتفع بمعدل ثلاثة أضعاف تقريباً منذ عام 1980". وأفادت بحدوث "زيادة في طول أو تكرار أو شدّة فترات الطقس الحار"، وتتوقع "زيادة في تكرار موجات الجفاف".
وفي سوق الغذاء المعولمة، يمكن أن تؤثر موجات الجفاف- حتى تلك التي توجد في العالم المتقدم- بسرعة على السكان الأشد فقراً، كما حدث في أزمة أسعار الغذاء 2007 - 2008، التي تفاقمت جزئياً بسبب الجفاف في استراليا.
لذا، علينا أن نتساءل: ما هي الدروس المستفادة من أزمات نقص المياه الحالية والأخيرة؟
نقص المياه وإدارة المخاطر
تُعد موجة الجفاف الحالية في شمال البرازيل أشد نقص في المياه تشهده المنطقة خلال المائة عام الأخيرة. وقد تسببت هذه الموجة في نفوق خمسة ملايين رأس ماشية في العام الماضي.
من جانبها، اتخذت الحكومة الفيدرالية بعض الإجراءات لتخفيف معاناة السكان، بما في ذلك نقل المياه بالشاحنات إلى المنطقة المنكوبة، وإعداد خطط زراعية للفلاحين، والاستثمار في البُنى التحتية للمياه مثل السدود والخزانات.
في هذا الصدد، قال فرانسيسكو دي أسيس دي سوزا فيلهو، مدير مكتب البرازيل في مركز كولومبيا للمياه: "كلما حدثت موجات جفاف، على مدار المائة عام الماضية، كنا نشهد ارتفاعاً سريعاً في مخزونات وخزانات المياه". وأضاف أن السياسيين غالباً ما يكونون قصار النظر فيما يتعلق بإدارة المخاطر لأنهم "يركزون فقط على مدة ولايتهم التي تمتد إلى أربع سنوات".
وقد تكون موجات الجفاف في البرازيل وغيرها من الأجزاء الأخرى في العالم دافعاً رئيسياً للسياسيين لكي يستثمروا في بناء السدود ونُظم إدارة المياه وبناء قدرة المجتمعات المحلية على الصمود، على الرغم من أنه ينبغي لاستراتيجيات الوقاية أن تكون أكثر فاعلية من حيث التكلفة.
إلى ذلك، قال دي سوزا: "تحتاج البرازيل إلى أن تتحول من إدارة أزمات الجفاف القائمة على رد الفعل إلى إدارة مخاطر الجفاف الاستباقية. وعلى الرغم من أننا ننتهج أسلوباً مؤسسياً جيداً لإدارة بحوث المياه، إلا أننا نفتقر إلى التركيز على إدارة الجفاف".
توفر موجات الجفاف فرصة لإشراك الأطراف المعنية
وقال مايكل هايز، مدير المركز الوطني للتخفيف من أثار الجفاف، الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له، أن الاستثمار في نظم تخفيف أثار الجفاف والتخطيط والرصد والإنذار المبكر تؤتي ثمارها عندما يحدث الجفاف.
وأضاف أنه "إذا انصب تركيزنا على إدارة الأزمات فقط، فلن نأخذ أي خطوات لتقليل المخاطر التي قد نتعرض لها جراء الحوادث المستقبلية".
وعلى الرغم من التدمير الذي قد تقود إليه موجات الجفاف، إلا أنها قد تكون حافزاً لإجراءات وقائية أفضل "إذ توفر موجات الجفاف فرصة لإشراك الأطراف المعنية".
تحفيز المزارعين وصناع القرار يشكل عنصراً رئيسياً في إحداث التغيير المنشود.
إلى ذلك، قال تييري فاكون، وهو مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الإقليمية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة أن "الإرادة السياسية هي الأساس في سياسة إدارة الجفاف".
المياه الجوفية
ومثل البرازيل، عانت ولاية نبراسكا في الولايات المتحدة أيضاً من حالة جفاف شديدة في عام 2012، على الرغم من أن المحصلة جاءت مختلفة. ويُذكر أن ولاية نبراسكا هي أكبر منتج للحوم الحمراء في الولايات المتحدة، وثاني أكبر منتج للإيثانول، والرابعة على مستوى البلاد من حيث قيمة إنتاج المحاصيل، لذا، فإن فشل المحاصيل يُعد كارثة وطنية ذات عواقب عالمية.
لكن أقوى موجة جفاف في الولاية، في فترة الخمسينيات، قد حفزّت ضخ استثمارات هائلة في مجال الري، وأضحت الأراضي المروية الآن تغطي مساحة مشابهة للمزارع المروية في دول بأسرها، مثل تركيا ومصر وأسبانيا.
وبالاستفادة من المياه الجوفية الموجودة في السهول المرتفعة، استطاع المزارعون الأمريكيون التغلب على موجة الجفاف. وفي الواقع، ارتفع إنتاج الذرة- بفضل زيادة سطوع الشمس وموسم النمو الأطول- بنحو 5.6 بالمائة.
وفي حين يمكن للمياه الجوفية أن توفر مورداً مفيداً لإمداد المياه خلال فترات الجفاف نتيجة لأنظمة إدارة المياه غير الكافية، إلا أن العرف العالمي هو الاستخدام غير الدائم للمياه الجوفية.
وفي ولاية غوجارات في الهند، كان السبيل الوحيد لمنع المزارعين من الإسراف في استخدام المياه الجوفية هو ترشيد إمدادات الكهرباء للمزارعين في محاولة للحد من الإفراط في استخدام المضخات.
التكنولوجيا
وقد أظهرت حالات الجفاف الأخيرة قوة التطورات التكنولوجية التي يمكن استخدامها في مجموعة متنوعة من القطاعات، بدءاً من أجهزة استشعار رطوبة التربة التي تساعد في زيادة كفاءة الري إلى التصوير بالأقمار الاصطناعية المستخدمة لتعقب أنماط الطقس العالمي.
وقال ماتس إريكسون، مدير قسم تغير المناخ والمياه في معهد ستوكهولم الدولي للمياه، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "تساعدنا هذه الأنواع من النُظم [الفضائية]، على التوصل إلى فهم أفضل وتعلم كيفية التنبؤ، ومن ثم معرفة وقت حدوث الجفاف".
وعلى الرغم من أن موجات الجفاف تعتبر من المخاطر بطيئة الظهور، إلا أنها غالباً ما تأخذ الحكومات على حين غرّة. وقد أظهرت موجة الجفاف التي ضربت الصومال في عام 2011 أن الوعي بوقوع الكارثة قد لا يقود بالضرورة دائماً إلى إجراءات وقائية فعالة.
إلى ذلك، قال إريكسون: "أعتقد أن المشكلة تكمن في القدرة على توصيل هذا النوع من المعرفة في صيغة أكثر ملائمة، إلى مزيد من السكان المحليين، حيث يمكن للناس فعلياً الاستفادة والتخطيط بناء على هذه التوقعات".
وقد ساعدت دراسة حالات الجفاف السابقة، العلماء على تنقيح نماذج التنبؤ، وساهمت في تطوير التكنولوجيا التي يمكن أن تمنح قدرة أفضل على الصمود.
وحول هذه النقطة، قال ديليب كولكارني، رئيس قسم الأغذية الزراعية في شركة جين لأنظمة الري في الهند: "لقد لعبت التكنولوجيا دوراً كبيراً في التخفيف من أثار هذا النقص في المياه. ومن المتوقع أن يلعب العلم والتكنولوجيا دوراً متنامياً في المستقبل".
وشدد كولكارني على أن تقنيات المياه في دول العالم النامي يمكن أن تكون مفيدة للغاية في مساعدة المزارعين على التغلب على ندرة المياه- شريطة أن يتم تكييف الأساليب المستخدمة لتتوافق مع أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يشكلون أغلبية المزارعين في مناطق مثل أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والهند.
وقد ساعدت التكنولوجيا الحيوية في توفير نباتات مقاومة للجفاف، بينما ساعد تبني ممارسات الزراعة المُعدّلة، مثل تجنب الحراثة في الأماكن الجافة، المزارعين في ولاية نبراسكا على تفادي تكرار "عواصف الغبار" في فترة الثلاثينيات.
وقال لينتون أن "موجات الجفاف تُحفز الابتكار التكنولوجي". لكن تحسين كفاءة استخدام المياه لا يعني بالضرورة انخفاض استخدام المياه، الأمر الذي يتعرض للنسيان كثيراً في المناقشات التي تدور بشأن الوسائل التكنولوجية المقاومة للجفاف.
دروس مستفادة
وفي عام 1877، لقي نحو نصف مليون شخص حتفهم بسبب موجة الجفاف التي ضربت شمال شرق البرازيل، بحسب دي سوزا فيلهو. ومنذ ذلك الوقت، ساعدت التنمية الاقتصادية والتكنولوجيا في تقليل التكلفة البشرية التي تفقد جراء الجفاف في البرازيل وفي أجزاء كثيرة من العالم، ومع ذلك أظهرت موجة الجفاف التي حدثت عام 2011 في القرن الأفريقي أنه لا تزال هناك خسائر كبيرة تقع في الأرواح نتيجة لذلك.
وفي حين أن المزارعين المزودين بنظم مياه رسمية كافية وجيدة، مثلما هو الحال في ولاية نبراسكا، ربما يكونون قد تعلموا مقاومة موجات الجفاف القاسية، فلا يزال الفقر يترك آخرين عرضة للخطر.
ويحذر فاكون من أنه قد يتعذر تطبيق الدروس المستفادة من نظم المياه الرسمية في المناطق الاستوائية التي تفتقر إلى الحكم الرسمي.
وبطبيعة الحال، تتمتع المجتمعات التي اعتادت العيش في مناطق قاحلة بالمعرفة، التي نقلت إليها عبر الأجيال، بشأن كيفية التعامل مع الجفاف. ومنها، على سبيل المثال، مزيج من أساليب الحياة الرعوية والزراعية للتكيف مع أوقات شُح المياه.
وقال إريكسون أن"الجفاف يشكل جزءاً من البيئة الطبيعية في الكثير من أجزاء العالم. وهذا يعني أن الناس قد طوروا طرقاً وأساليب للتغلب عليه".
مع ذلك، يشكل تغير المناخ تحديات جديدة، لاسيّما في ظل ظروف الطقس القاسية التي قد لا يكون كافياً فيها استخدام النظم التقليدية التي تستند إلى الأنماط التاريخية للطقس.
إلى ذلك، قال إريكسون أن "النظم التقليدية القديمة ربما لم تعد ذات جدوى، لذا يتعين علينا إيجاد طرق لدعم النظم إذا كانت جيدة بشكل كاف. وفي حالات أخرى، ربما لم يعد نظام سبل كسب العيش الذي نعتمد عليه فعالاً، ومن ثم يجب إضافة أشياء أخرى".
وفي ظل ذلك، ربما يقدم تغير المناخ دروساً مستفادة جديدة.
وأضاف أنه "إذا انصب تركيزنا على إدارة الأزمات فقط، فلن نأخذ أي خطوات لتقليل المخاطر التي قد نتعرض لها جراء الحوادث المستقبلية".
وعلى الرغم من التدمير الذي قد تقود إليه موجات الجفاف، إلا أنها قد تكون حافزاً لإجراءات وقائية أفضل "إذ توفر موجات الجفاف فرصة لإشراك الأطراف المعنية".
تحفيز المزارعين وصناع القرار يشكل عنصراً رئيسياً في إحداث التغيير المنشود.
إلى ذلك، قال تييري فاكون، وهو مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الإقليمية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة أن "الإرادة السياسية هي الأساس في سياسة إدارة الجفاف".
المياه الجوفية
ومثل البرازيل، عانت ولاية نبراسكا في الولايات المتحدة أيضاً من حالة جفاف شديدة في عام 2012، على الرغم من أن المحصلة جاءت مختلفة. ويُذكر أن ولاية نبراسكا هي أكبر منتج للحوم الحمراء في الولايات المتحدة، وثاني أكبر منتج للإيثانول، والرابعة على مستوى البلاد من حيث قيمة إنتاج المحاصيل، لذا، فإن فشل المحاصيل يُعد كارثة وطنية ذات عواقب عالمية.
لكن أقوى موجة جفاف في الولاية، في فترة الخمسينيات، قد حفزّت ضخ استثمارات هائلة في مجال الري، وأضحت الأراضي المروية الآن تغطي مساحة مشابهة للمزارع المروية في دول بأسرها، مثل تركيا ومصر وأسبانيا.
وبالاستفادة من المياه الجوفية الموجودة في السهول المرتفعة، استطاع المزارعون الأمريكيون التغلب على موجة الجفاف. وفي الواقع، ارتفع إنتاج الذرة- بفضل زيادة سطوع الشمس وموسم النمو الأطول- بنحو 5.6 بالمائة.
وفي حين يمكن للمياه الجوفية أن توفر مورداً مفيداً لإمداد المياه خلال فترات الجفاف نتيجة لأنظمة إدارة المياه غير الكافية، إلا أن العرف العالمي هو الاستخدام غير الدائم للمياه الجوفية.
وفي ولاية غوجارات في الهند، كان السبيل الوحيد لمنع المزارعين من الإسراف في استخدام المياه الجوفية هو ترشيد إمدادات الكهرباء للمزارعين في محاولة للحد من الإفراط في استخدام المضخات.
التكنولوجيا
وقد أظهرت حالات الجفاف الأخيرة قوة التطورات التكنولوجية التي يمكن استخدامها في مجموعة متنوعة من القطاعات، بدءاً من أجهزة استشعار رطوبة التربة التي تساعد في زيادة كفاءة الري إلى التصوير بالأقمار الاصطناعية المستخدمة لتعقب أنماط الطقس العالمي.
وقال ماتس إريكسون، مدير قسم تغير المناخ والمياه في معهد ستوكهولم الدولي للمياه، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "تساعدنا هذه الأنواع من النُظم [الفضائية]، على التوصل إلى فهم أفضل وتعلم كيفية التنبؤ، ومن ثم معرفة وقت حدوث الجفاف".
وعلى الرغم من أن موجات الجفاف تعتبر من المخاطر بطيئة الظهور، إلا أنها غالباً ما تأخذ الحكومات على حين غرّة. وقد أظهرت موجة الجفاف التي ضربت الصومال في عام 2011 أن الوعي بوقوع الكارثة قد لا يقود بالضرورة دائماً إلى إجراءات وقائية فعالة.
إلى ذلك، قال إريكسون: "أعتقد أن المشكلة تكمن في القدرة على توصيل هذا النوع من المعرفة في صيغة أكثر ملائمة، إلى مزيد من السكان المحليين، حيث يمكن للناس فعلياً الاستفادة والتخطيط بناء على هذه التوقعات".
وقد ساعدت دراسة حالات الجفاف السابقة، العلماء على تنقيح نماذج التنبؤ، وساهمت في تطوير التكنولوجيا التي يمكن أن تمنح قدرة أفضل على الصمود.
وحول هذه النقطة، قال ديليب كولكارني، رئيس قسم الأغذية الزراعية في شركة جين لأنظمة الري في الهند: "لقد لعبت التكنولوجيا دوراً كبيراً في التخفيف من أثار هذا النقص في المياه. ومن المتوقع أن يلعب العلم والتكنولوجيا دوراً متنامياً في المستقبل".
وشدد كولكارني على أن تقنيات المياه في دول العالم النامي يمكن أن تكون مفيدة للغاية في مساعدة المزارعين على التغلب على ندرة المياه- شريطة أن يتم تكييف الأساليب المستخدمة لتتوافق مع أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يشكلون أغلبية المزارعين في مناطق مثل أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والهند.
وقد ساعدت التكنولوجيا الحيوية في توفير نباتات مقاومة للجفاف، بينما ساعد تبني ممارسات الزراعة المُعدّلة، مثل تجنب الحراثة في الأماكن الجافة، المزارعين في ولاية نبراسكا على تفادي تكرار "عواصف الغبار" في فترة الثلاثينيات.
وقال لينتون أن "موجات الجفاف تُحفز الابتكار التكنولوجي". لكن تحسين كفاءة استخدام المياه لا يعني بالضرورة انخفاض استخدام المياه، الأمر الذي يتعرض للنسيان كثيراً في المناقشات التي تدور بشأن الوسائل التكنولوجية المقاومة للجفاف.
دروس مستفادة
وفي عام 1877، لقي نحو نصف مليون شخص حتفهم بسبب موجة الجفاف التي ضربت شمال شرق البرازيل، بحسب دي سوزا فيلهو. ومنذ ذلك الوقت، ساعدت التنمية الاقتصادية والتكنولوجيا في تقليل التكلفة البشرية التي تفقد جراء الجفاف في البرازيل وفي أجزاء كثيرة من العالم، ومع ذلك أظهرت موجة الجفاف التي حدثت عام 2011 في القرن الأفريقي أنه لا تزال هناك خسائر كبيرة تقع في الأرواح نتيجة لذلك.
وفي حين أن المزارعين المزودين بنظم مياه رسمية كافية وجيدة، مثلما هو الحال في ولاية نبراسكا، ربما يكونون قد تعلموا مقاومة موجات الجفاف القاسية، فلا يزال الفقر يترك آخرين عرضة للخطر.
ويحذر فاكون من أنه قد يتعذر تطبيق الدروس المستفادة من نظم المياه الرسمية في المناطق الاستوائية التي تفتقر إلى الحكم الرسمي.
وبطبيعة الحال، تتمتع المجتمعات التي اعتادت العيش في مناطق قاحلة بالمعرفة، التي نقلت إليها عبر الأجيال، بشأن كيفية التعامل مع الجفاف. ومنها، على سبيل المثال، مزيج من أساليب الحياة الرعوية والزراعية للتكيف مع أوقات شُح المياه.
وقال إريكسون أن"الجفاف يشكل جزءاً من البيئة الطبيعية في الكثير من أجزاء العالم. وهذا يعني أن الناس قد طوروا طرقاً وأساليب للتغلب عليه".
مع ذلك، يشكل تغير المناخ تحديات جديدة، لاسيّما في ظل ظروف الطقس القاسية التي قد لا يكون كافياً فيها استخدام النظم التقليدية التي تستند إلى الأنماط التاريخية للطقس.
إلى ذلك، قال إريكسون أن "النظم التقليدية القديمة ربما لم تعد ذات جدوى، لذا يتعين علينا إيجاد طرق لدعم النظم إذا كانت جيدة بشكل كاف. وفي حالات أخرى، ربما لم يعد نظام سبل كسب العيش الذي نعتمد عليه فعالاً، ومن ثم يجب إضافة أشياء أخرى".
وفي ظل ذلك، ربما يقدم تغير المناخ دروساً مستفادة جديدة.