مذكرات ميدانية من سوريا: 400,000 شخص محاصرون في أحدث تصاعد للصراع .


صورة خاصة باليونيسف
© UNICEF/NYHQ2013-0548/Hassoun
أسرة نازحة تقوم بإعداد وجبة العشاء في ملجأ قريب من حمص. لا يزال الوضع الإنساني سيئاً في حمص - التي كانت مسرحاً للعنف لفترة طويلة أثناء النزاع، مما أجبر العديد من السكان على الفرار.
بقلم عبد القادر موسى، أخصائي حالات الطوارئ في اليونيسف
الزيارة إلى ضاحية الواعر الواقعة خارج حمص حيث فر العديد من السكان يكشف عن الأوضاع الصعبة للأسر المحاصرة وسط الصراع السوري والتحدي الهائل لتوفير المساعدة في حالات الطوارئ.
دمشق، الجمهورية العربية السورية،  أكتوبر/تشرين الأول 2013 – يسود هدوء غريب في ضاحية الواعر، وهي ضاحية خارج حمص، بينما كنا ندخل المنطقة التي تضم حوالي 400,000 شخص محاصرين وسط الصراع.
كنت ضمن بعثة تقييم إنسانية تضم برنامج الأغذية العالمي ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية  وإدارة الأمم المتحدة لشؤون السلامة والأمن والهلال الأحمر العربي السوري واليونيسف.
وكانت ضاحية الواعر مسرحاً لقصف منتظم على مدى الأسبوعين الماضيين. وتقع بعض المناطق تحت حراسة القناصة، مما يجعلها خطرة للغاية في بعض المناطق. وليتمكن موظفو الأمم المتحدة من الوصول، كان ينبغي الحصول على إذن من جميع الأطراف المعنية. وقد توقف القصف فعلياً خلال زيارتنا التي استمرت لمدة ثلاث ساعات، وهي فترة راحة قصيرة للسكان المحليين.
وبعد مغادرتنا، تبدد الهدوء مع أصوات تجدد القصف.

وضع متدهور
عندما بدأت الأزمة في حمص، فرت العديد من الأسر، بحثاً عن مأوى في منطقة الواعر، التي كانت وقتها منطقة هادئة تقع على المشارف الشمالية الغربية للمدينة. إلا أنه، ومع انتشار القتال غمرت الأسر النازحة منطقة الواعر، وهم يمثلون الآن حوالي نصف السكان، ويبلغ عددهم 200,000 شخص.
وقد اغلقت المنطقة إلى حد كبير، مع فرض قيود شديدة على حركة الدخول والخروج - بما في ذلك وصول موظفي المساعدات الإنسانية والإمدادات.
ومنذ زيارتي الأخيرة هنا في مايو/أيار، من الواضح أن المزيد من المباني قد دمر. والقمامة تتراكم في الشوارع. والأطفال تغطيهم لدغات الحشرات. الخدمات الأساسية - والرعاية الصحية والتعليم قد تدهورت.
صورة خاصة باليونيسف
© UNICEF/NYHQ2013-0205/Morooka
طبيب يفحص طفلاً رضيعاً في ملجأ للنازحين في حمص وتدعم اليونيسف الفرق الطبية المتنقلة التي توفر رعاية حيوية وسط تفكك الخدمات الصحية.
هناك مستشفى واحد يديره شريك محلي كان ممتلئاً بالمرضى قبل خمسة أشهر. واليوم هو على وشك الاغلاق. وقد أخبرني مديره بأن عدد الأمهات االلاتي يأتين للحصول على الخدمات قد انخفض بنحو 70 في المائة. والإمدادات الطبية محدودة. وثلث الموظفين غادروا المنطقة، في حين أن الموظفين الباقين لا يستطيعون الذهاب إلى العمل.
وتدعم اليونيسف فريقين صحيين متنقلين يزوران الملاجئ يومياً، ويوفران المساعدة الطبية وتقييم الحالة التغذوية للأطفال. وقد تم الوصول إلى حوالي 72,000 طفل منذ بدأت الفرقتان العمل في مارس/اذار.
ويتأثر تعليم الأطفال بشدة. فمن بين 11 مدرسة في مدينة الواعر كانت تخدم 70,000 طفل، تستخدم 10 مدارس منها لإيواء الأسر النازحة. المدرسة الوحيدة العاملة، والتي تخدم حوالي 2000 طفل، تخصص بعض مساحات الفصول الدراسية المحدودة كسكن طارئ.
الفصول التي لا تعمل مكتظة. الطابق السفلي الذي يحوي كنيسة يخدم 500 آخرين. الأطفال الآخرون يتعلمون في الساحات أو الشرفات المفتوحة للمدارس، حيث يتعرضون بشكل متزايد لدرجات الحرارة الباردة وخطر الرصاصات الطائشة - وقد أصيب بعض الطلاب بالفعل.
وفي الملاجئ، تدعم اليونيسف فصول دراسية للتقوية، ترتبط بالدعم النفسي والاجتماعي للأطفال في الصفوف من الأول إلى السادس لتعويض التعلم الذت فاتهم.
مكان مزدحم
للمساعدة في تقليل اكتظاظ الفصول الدراسية وتزويد المزيد من الأطفال بفرصة للتعلم، تتفاوض اليونيسف مع شركاء محليين لبناء أماكن مؤقتة للتعلم. وبالإضافة إلى ذلك، هناك 13 فصلاً دراسياً جاهزاً في طريقها إلى المنطقة.
ورغم أن معظم النازحين في مدينة الواعر يعيشون مع أسر مضيفة أو في شقق مستأجرة، يعتمد حوالي 13,000 نازح على 38 ملجأ جماعياً أقيمت في المدارس وكتل الأبراج.
صورة خاصة باليونيسف
© UNICEF/NYHQ2013-0130/Morooka
أطفال يحضرون صف تقوية، داخل مبنى لإيواء الأسر النازحة في حمص. صفوف التقوية التي تدعمها اليونيسف تساعد الأطفال على التعلم وسد الفجوات الناجمة عن التوقف عن حضور المدرسة.
قمت بزيارة ملجأ في مبنى غير مكتمل. الظروف بسيطة ولكنها نظيفة. يتم تقسيم بعض الغرف بالأغطية البلاستيكية، حيث ينام ما يصل إلى ثمانية اشخاص على حصير على الأرض. العديد من النوافذ والأبواب مفتوحة على الخارج، وهذا مصدر قلق بالغ مع اقتراب فصل الشتاء.
وقال الأطفال الذين تحدثت معهم في الصفوف الترفيهية التي تدعمها اليونيسف أنهم يركضون إلى الطابق السفلي كلما سمعوا صوت القصف.
كان مصدر القلق الأكبر للأمهات اللائي التقيت بهن هو سلامة أطفالهن وسط القصف. سيما وأن هذا المأوى قريب من الخطوط الأمامية، ويمكن أن يتم قصفه في أي وقت. وكان فصل الشتاء قضية رئيسية أخرى، مع الحاجة إلى ملابس شتوية للأطفال.
وتساءلت إحدى الأمهات: “كيف سنحافظ على نظافة الأطفال خلال فصل الشتاء إذا لم تكن هناك مياه ساخنة؟”
ويتم توفير المساعدات الطارئة التي تقدمها اليونيسف في منطقة الواعر من خلال منظمة الهلال الأحمر العربي السوري ومنظمات غير حكومية شريكة تبدي التزاماً لا يصدق بالعمل الإنساني. وعمالها يخاطرون بحياتهم يومياً لتقديم مساعدات حيوية للأطفال المحتاجين. فالفرق الصحية ، على سبيل المثال، جاءت تحت القصف أربع مرات في الشهر الماضي وحده. وقبل أيام قليلة، ضرب صاروخ مكتب واحد من شركائنا في منطقة الواعر. ولحسن الحظ لم يصب أحد بأذى، ولكن تم تدمير أجهزة الكمبيوتر والسجلات الحيوية، وأصبح برنامج العمل في خطر.