اغتصاب الأطفال يحظى بمزيد من الاهتمام الإعلامي في باكستان .


لاهور, 26 سبتمبر 2013 (إيرين)
يتعرض المئات - وربما الآلاف – من الأطفال دون سن 18 في باكستان سنوياً للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي على الذكور، ولكن الوضع إما يزداد سوءاً أو يتم الإبلاغ عنه بصورة أكبر وعلى نطاق واسع.
ووفقاً لمنظمة ساحل غير الحكومية ومقرها إسلام آباد، تم رصد 3,861 حالة اعتداء جنسي على الأطفال في عام 2012 - بزيادة قدرها 17 بالمائة عن العام السابق. وقد تم استقاء هذه البيانات من المنظمات غير الحكومية المعنية بمراقبة الوضع، وخطوط المساعدة المختصة بالتبليغ عن الاعتداء على الأطفال وقسم مراقبة وسائط الإعلام الخاص بمنظمة ساحل نفسها.
ولكن كما هو الحال في أجزاء كثيرة من العالم، من المرجح أنه لا يتم الإبلاغ عن الاعتداء بالشكل الكافي. وقال شيراز أحمد، مسؤول دعم البقاء في المنظمة غير الحكومية "الحرب ضد الاغتصاب" (WAR) ومقرها كراتشي، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "في مجتمعنا المحافظ، يُعد الاغتصاب من المحرمات. فالناس لا يتحدثون عنه، بما في ذلك الضحايا أنفسهم".
وقد وثقت منظمة الحرب ضد الاغتصاب عدداً من حالات الاغتصاب، يتعلق بعضها بأطفال صغار جداً، كما ذكرت بالتفصيل ممانعة الضحايا الإفصاح عنها والصعوبات التي يواجهونها في الحصول على العدالة عندما يفصحون عنها بالفعل.
إلا أن هناك بعض الدلائل على أن هذه المواقف قد تتغير. ففي أعقاب الاغتصاب الوحشي لطفلة في الخامسة من عمرها، تدعى سامبل، في لاهور في 13 سبتمبر، وقعت احتجاجات واسعة النطاق واعتقالات؛ وقد وصلت المسألة إلى أعلى المستويات الحكومية، وبدأت حملة على وسائل الإعلام الاجتماعي تسعى إلى تحقيق العدالة للطفلة التي تم إلقاؤها خارج مستشفى كبير بعد اغتصابها.
وقالت حبيبة سلمان، وهي مسؤولة برنامج في منظمة ساحل، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "بالتأكيد، ركزت قضية الطفلة سامبل وتناول وسائل الإعلام لها الاهتمام ورفع مستوى الوعي حول قضية الاغتصاب والاعتداء الجنسي على الأطفال في البلاد".
وأضافت أن "حالات أكثر" لاغتصاب الأطفال قد تم الإبلاغ عنها في جميع أنحاء البلاد بعد حادثة سامبل.
وفي قضية أخرى حديثة العهد، خرج المتظاهرون إلى الشوارع في فيصل آباد بعد أن تعرض صبي في الرابعة من عمره للاغتصاب من قبل مدير وموظفي روضة الأطفال التي كان يذهب إليها، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام.
والجدير بالذكر أنه من بين الـ 2,788 حالة من حالات الاعتداء على الأطفال المبلغ عنها في الصحافة في 2012، كانت 342 حالة منها تتعلق بالاغتصاب و139 حالة اعتداء جنسي على الذكور. كما وقعت 386 حالة أخرى من الاغتصاب أو الاعتداء على الذكور التي اشترك في ارتكابها أكثر من شخص واحد. وكان معظم الضحايا (22 بالمائة) تتراوح أعمارهم بين 11 و15 عاماً؛ بينما تراوحت أعمار 16 بالمائة منهم بين 6 و10 أعوام، و6 بالمائة ما بين عام و5 أعوام.
وتشير منظمة ساحل إلى أنه في 47 بالمائة من الحالات، قام بارتكاب الجريمة أحد "المعارف" أو شخص "معروف للضحية وأسرته". وقد قامت النساء بتحريض الشخص المعتدي في 168 حالة.
"يمكن أن أقول أن نحو 10 إلى 20 بالمائة من جميع حالات الاغتصاب التي تحدث يتم الإبلاغ عنها،" كما قال أحمد، الذي يعمل في منظمة الحرب ضد الاغتصاب لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، موضحاً أن نقص الإبلاغ يرجع جزئياً إلى الضغوط الاجتماعية، وطول الإجراءات القانونية، ووصمة العار المرتبطة بالاغتصاب، وتعامل الشرطة مع الحالات المبلغة.
السر الدفين
صرحت زليخة بانو*، البالغة من العمر 23 عاماً، وأمها عبيدة بيبي، البالغة من العمر 55 عاماً، من لاهور، بسر دفين. فمنذ 11 عاماً، عندما كانت زليخة في الـ 13 من عمرها، تعرضت للاغتصاب من قبل أحد الجيران .
وقد اصطحبتها أمها إلى الطبيب، الذي قام بدوره بعلاج إصابات الطفلة "وترقيع غشاء البكارة" وأكد لعبيدة أن زليخة لم تكن حاملاً. ولم تذكر الأم لأحد ما حدث، حتى لوالد زليخة بسبب "العار" الذي قد يلحق به وببقية الأسرة .
وقد بررت الأم إصابات زليخة التي جاءت في الوجه على أنها نتيجة لسقوطها من على الأرجوحة. وقد قامت الأم بتنبيه ابنتها بألا تذكر الاعتداء لأحد واليوم هي متزوجة، ولم تذكر الأمر لزوجها، وفقا لتوصية والدتها.
وقالت سلمان، من منظمة ساحل، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه في الوقت الذي حظيت به قضية سامبل بضجيج إعلامي، كان هناك زيادة في الوعي بشكل عام، وذلك بفضل منظمة ساحل إلى حد ما.
وأضافت قائلة: "نحن نقدم دورات تدريبية للناس، بما في ذلك معلمو المدارس الابتدائية في المناطق التقليدية مثل إقليم خيبر بختون خوا وجعفر أباد [في إقليم بلوشستان] ونخبرهم عن كيفية التعرف على حالات الاعتداء الجنسي، وكيفية التحدث مع الأطفال عن ذلك....الخ. وهم بالفعل يستجيبون وينفذون في المدارس ما يتم مناقشته في ورش العمل المذكورة".
 بطبيعة الحال سوف أحمي طفلتي. ولكنني لا أعتقد أنني سوف أتمكن يوماً من التحدث معها عن الجنس أو الاغتصاب
 وقالت سلمان أن هناك أيضاً زيادة في الاستعداد لمناقشة هذه المسألة بشكل أكثر صراحة .
وفي معظم المدارس، قوبلت الجهود المبذولة لطرح هذا الموضوع بالمقاومة، ولكن المواقف، خاصة بين الشباب، قد تتغير.
وقالت هنا عباس، البالغة من العمر 18 عاماً، وهي طالبة جامعية كانت تشارك مع أصدقائها في الاحتجاجات الدائرة في لاهور حول قضية سامبل: "إن الناس في جيلي مستعدون تماماً للحديث عن الاغتصاب والاعتداء الجنسي على الأطفال."
وأضافت أن حالات الاغتصاب البارزة في الهند المجاورة "قد أدت إلى حمل الجميع للتحدث بصورة أكثر صراحة عن الاغتصاب والمضايقات الجنسية والتحرش وكل ما يتعلق به" مشيرة إلى أن بعض صديقاتها قد "صُدمن" حين سمعن عن مدى شيوع الاعتداء الجنسي على الأطفال في "بلد إسلامي مثل بلدنا".
وقال أحمد من منظمة الحرب ضد الاغتصاب أن اغتصاب الأطفال دون سن العاشرة في تزايد كما أنه في حالات اغتصاب الأطفال، يبلغ متوسط العمر ما يقل عن 18 و14 عاماً".
وأضاف أن ظروف المعيشة المكتظة لا تساعد في هذا الأمر. فبعض أحياء كراتشي، على سبيل المثال، تضم العديد من المنازل التي تسكنها عدة أسر، مما يضع الأطفال المقيمين هناك في خطر بوجه خاص.
وبينما يتصدر الاعتداء الجنسي على الأطفال الصفحات الأولى وتجري مناقشته بصراحة أكثر من أي وقت مضى، ما يزال من غير الواضح إلى أي مدى سوف تتغير المواقف على المدى الطويل.
وقالت زليخة بانو الناجية من الاغتصاب، وهي الآن أم لطفلة عمرها سنة واحدة: "بطبيعة الحال سوف أحمي طفلتي. ولكنني لا أعتقد أنني سوف أتمكن يوماً من التحدث معها عن الجنس أو الاغتصاب".
 *ليس اسماً حقيقياً